حققت القناة السعودية الأولى في السنوات الأخيرة قفزات كبيرة إلى الأمام حتى أصبحت من بين القنوات الأكثر استقطاباً للجمهور السعودي وذلك بفضل تركيزها على تنوع المحتوى واشتماله على الجانب الترفيهي المتمثل في سلسلة من البرامج المنوّعة التي يقف خلف إعدادها وإنتاجها شباب سعودي مبدع هو بلاشك أكبر إنجاز يسجل لوزارة الثقافة والإعلام وللكادر المسؤول عن القناة الأولى وعلى رأسهم الدكتور محمد باريان. قبل سنوات مضت كادت القناة أن تنجرف خلف تخصص ضيّق لا يهتم إلا بالأخبار السياسية والاقتصادية الجادة وهو ما تسبب في عزوف نسبة من الجمهور واتجاهه نحو قنوات أخرى لكن السنتين الأخيرتين شهدتا عودة قوية للقناة من خلال تركيزها على الجانب الترفيهي المواكب لاهتمامات أفراد العائلة السعودية حيث تنوعت باقتها البرامجية من مسلسلات محلية ينتجها التلفزيون ومسلسلات عربية وبرامج حوارية تناقش الهم الاجتماعي بأسلوب سلس خالٍ من الرتابة إضافة إلى البرامج الفنية التي تنوعت بين برامج تهتم بالأغنية وبالسينما وبالأرشيف القديم. مسلسل «مزحة برزحة» أحد إنتاجات التلفزيون التي حققت جوائز هذا التنوع هو ثمرة وعي وذكاء إعلامي يمتلكه الشباب السعودي الذي يدير دفة القناة الأولى الآن نحو مستويات عليا من الاحترافية والمهنية, وقد جاءت نتيجته سريعاً إذ أصبحت البرامج والمسلسلات التي تنتجها القناة من أهم الأعمال المنافسة على الجوائز في المهرجانات العربية, ولم تعد مجرد المشاركة الشرفية كافية للقائمين عليها بل أصبح هدفهم هو اقتناص أهم الجوائز, وتأكد ذلك في العام 2010 عندما نالت القناة جوائز ذهبية في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون ومهرجان الأردن للإعلام العربي, حيث فاز برنامج الأطفال (إبداعات) بالجائزة الذهبية في فرع مسابقة برامج الأطفال في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون, وفاز برنامج (عيش صحاري) بالجائزة الذهبية في مهرجان الإعلام العربي الذي أقيم في الأردن مؤخراً, كما حاز مسلسل (مزحة برزحة) شهادة تقدير من نفس المهرجان. من برنامج «صباح السعودية» بداية التحوّل للقناة جاءت عندما رأى القائمون عليها ضرورة عودتها إلى اتجاهها الأصلي وهو أن تكون قناة لجميع أفراد العائلة السعودية حيث يراعى فيها التنوع بين برامج الترفيه والبرامج الاجتماعية التي تناقش الهمّ العام بمسؤولية واحترافية, وخلال سنتين لا أكثر تمكنت القناة من تكوين توليفة برامجية مميزة تلبي جميع الأذواق حتى أصبحت بالفعل خير معبر عن اهتمامات أبناء المجتمع السعودي بجميع شرائحهم, فمن برنامج (صباح السعودية) الذي يقدمه المبدعان محمد الرديني وسميرة مدني صباح كل يوم, إلى برنامج (المملكة هذا المساء), مروراً ببرامج المسابقات, وبرنامج (سني فن) الذي يقدمه الممثل المميز نواف الجابر ويعنى بمتابعة أخبار السينما والدراما التلفزيونية, وبرنامج (الزمن الجميل), إضافة إلى المسلسلات المحلية التي تنتجها القناة خصيصاً للمشاهد السعودي وذلك دعماً منها لمسيرة الفن والإبداع. وليس التنوع في حد ذاته هو السبب الوحيد للتألق الذي باتت تقدمه القناة بل أيضاً الجودة في الإنتاج والحرص على كافة التفاصيل التقنية حتى تخرج برامج ومسلسلات القناة بمستويات احترافية تنافس مثيلاتها في أهم القنوات العربية والأجنبية. وما يبعث على الفخر أن هذا الإتقان جاء من شباب سعودي موهوب وجد أكبر الدعم من وزارة الثقافة والإعلام ليعتلي صدارة المشهد الإعلامي السعودي بكل ثقة واقتدار وهذا بحسب المتابعين والنقاد هو المكسب الحقيقي للوزارة التي خلقت جيلاً مبدعاً سيكون هو القائد للساحة الإعلامية في المستقبل. ويأتي تميّز القناة السعودية الأولى ضمن السياق العام لتطور الإعلام السعودي خلال السنتين الماضيتين والذي أعاد القنوات الحكومية إلى الواجهة من جديد وفرض حضورها حتى على المستوى العربي بفضل الخطة التي رسمها معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه والتي تضمنت العناية بجودة الإنتاج مع الحرص على التنوع, وقد تجلّى هذا التميز في شهر رمضان الماضي عندما جاءت القناة الأولى على رأس القنوات الأعلى مشاهدة في أهم المواسم التلفزيونية العربية والذي يعتبر المحك الحقيقي لقيمة أي قناة ومكانتها في نفوس المشاهدين. د. عبدالعزيز خوجة