يقول الأمير خالد الفيصل: لاح يوم الوطن والعز لاح وكلمة الله على البيرق تلوح يوم الاسلام يا يوم الفلاح والوطن كل روح له تروح فوق الايمان ركبنا السلاح والمقابيل بالخافق تبوح الله اكبر مثل ضرب الرماح سيلت في خفى الباغي جروح إن الوطنية ليست يوماً يتم التعبير فيه ولا رمزا يتم رفعه وشعار يرسم ببعض الألوان بل هو إحساس وعاطفة وانتماء يمتزج بحب المكان وحب المجتمع عبر مسيرة تاريخية طويلة، وهذه المسيرة لم تحدث فجأة أو تؤلف في يوم وليلة، إنها محصلة حياة للفرد والجماعات على طول زمن وليست أمراً طارئًا يمكن تكوينه بدون أساس من الإرث والعراقة ذات الجذور. إنها سلوك صادق يعبر عن تلاحم وتلاق وانسجام بين كل مكونات الجغرافيا والإنسان عبر الزمن حتى صار عاطفة وتحول إلى حب وقبول ومدت جذوره في تربة الوطن وفي أعماقها، وارتوت من ينبوعه الصافي، فهي عناصر متلاحمة ومتشابكة من المنافع والذكريات والنشأة لا ينفك بعضها عن بعض وكلها تؤدي في النهاية إلى ما يمكن تسميته الولاء والمحبة يعبر عنها أحيانا بالوطنية. لهذا كله لا يمكن أن نمليها أو نعطيها أو نشتريها أو نوجدها دون مقوماتها ولا يمكن التعبير عنها بالكلمات أو تصب في الرؤوس عبر الخطب والمقالات لأنها شعور وإحساس وعشق وتقدير واحترام وعاطفة نمت وترعرعت في شرايين تدفقت بدماء الولاء، تربى المجتمع كله عليه ويظهر هذا الولاء في مواقف متعددة بحسب مثيراته ودواعيه، ويتمثل هذا في المحبة المتبادلة بين الأفراد وحرصهم على رفع مكانة بلادهم من خلال سلوكهم وعطاءاتهم وتضحياتهم من أجلها. تضحياتها بكل نفيس وتجنبهم كل رخيص خوفاً على أرضهم وعرضهم وأمتهم. لقد كان لدى أجدادنا ولاء وانتماء ووطنية قوية حتى ولو لم يسموها وطنية، لكنهم يدركون جيدًا أنهم جزء من أهلهم وبلادهم، وقد تمثل هذا الولاء في تعلقهم ومحبتهم في بلادهم وأهلها فتمسكوا ببعضهم والتفوا حول أنفسهم وانصهر أميرهم وكبيرهم وصغيره إلى درجة ذوبان الفوارق واختفاء التمايز وأحبوا كل سلوك يربطهم مع بعضهم حتى تأصلت فيهم الشهامة والنخوة المبنية على دين الإسلام لا نخوة جاهلية. وهذه الوطنية التي تأصلت في مجتمعنا المسلم وبلادنا المملكة العربية السعودية وهي التي تضم قبلة العالم المسلم كله تتعدى الوطنية فيها مسألة الانتماء للأرض أيا كانت الأرض كما هي الحال في البلاد الأخرى. فالوطنية لدينا تختلف جذرياً عن غيرها كونها حفاظاً على الدين وذوداً عن حمى وحرم له أهميته الدينية والكل يعتز بمثل هذا الولاء والانتماء وقد تجند للحفاظ عليه وتشرف بذلك، ولا تشابه ادعاءات أو أهداف الوطنية في البلدان الأخرى التي أساسها واتجاهاتها تقوم على تربية مواطنها على الولاء لها فقط، إن حب هذه المملكة من خليجها إلا بحرها وكل أطرافها مزيج من الرسالة والإنسانية والتكليف وأن حماية هذه الأرض والمجتمع لا ينطلق من عصبية أو قبلية أو تمييز عنصري، ولكنه يرتكز على مبدأ رفيع ونبل ومصداقية في الولاء للدين وحب البلاد التي هي مهبط الوحي، ندافع عنها ونحميها ونرفع راية التوحيد ونبعدها عن مواطن الخلافات والاختلافات والفوضى، وقد حرص حكامها على ضبط المسيرة من خلال العلاقات الخارجية الرصينة الرزينة. نحفظها من خلال أنفسنا والارتقاء بها عن مواطن الشبه، ومن خلال تجنيبها زلات كثيرة قد تدخلها في صراعات تضر ولا تنفع، كما يلتف الجميع حول حاكمها الذي هو منها وهدفه رفعتها. ناصر الحميضي