تظهر الأرقام الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء ارتفاع معدل البطالة في المملكة، لتصل بنهاية الربع الأول من العام 2017 إلى 12.7 % مقابل 12.3 % في نهاية الربع الأخير من العام الماضي. وأكد مختصون ل «الرياض» ضرورة مراجعة مخرجات الجامعات لتتوافق مع متطلبات سوق العمل في جميع المجالات، مشيرين إلى أن أبرز حلول البطالة خلق ثقافة العمل الحر، والعمل بالقطاع الخاص الذي هو منبع توليد فرص العمل. دعم وتشجيع قطاع الأعمال الصغيرة مخرج للشباب من متاهات البطالة تزايد معدلاتها يحتم مراجعة مخرجات التعليم لتلبية احتياجات السوق المحلي مخرجات تقليدية وقال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد د. عبدالله المغلوث: إن الحد من ارتفاع معدلات البطالة يتطلب وجود مشروعات كبيرة بين القطاع العام والخاص، وأن المملكة من الدول المنتجة للنفط ولديها المعادن والفوسفات ومناجم الذهب. وأضاف» المطلوب جلب الاستثمارات الأجنبية والمستثمرين من أجل الدخول في بناء مشروعات كبيرة في القطاع الصناعي والتجاري والسياحي وفِي مجال المطارات وسكك الحديد والنقل العام، وهذا بلا شك يفتح فرص وظيفية للجنسين». وأشار إلى أن ما شاهدناه من زيارات لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد لعدد من الدول الأوروبية والآسيوية والولايات المتحدة، وتوقيع اتفاقيات عمل مشترك ومذكرات تفاهم بمئات المليارات، دليل على حرص حكومة المملكة أن يلعب القطاع الخاص دوراً مهماً في توظيف أبناء الوطن، وحتى يتوسع القطاع الخاص في هذا المجال لابد من الوزارات والجهات الحكومية تسهيل الإجراءات للحصول على تراخيص للمشروعات دون تعقيدات أوبيروقراطية تزعج أصحاب المؤسسات وتثقل كاهلهم. وبيّن أن إنشاء هيئة توليد الوظائف من أجل المساعدة في تحقيق أهداف توطين الوظائف، إلا أن الهيئة لم يوجد لها ممارسة حقيقية على أرض الواقع، موضحاً أنه ينبغي عمل اجتماعات وورش عمل مع القطاع الخاص حتى يعرف هذا القطاع ما عليه من واجبات في توظيف المواطنين وتقليل من معدل البطالة. وطالب المغلوث الجامعات أن تراجع مخرجات التعليم وتضخ في السوق خريجين لديهم مؤهلات بما يحتاجه من تخصصات، مشيراً إلى أن هناك عدة مشروعات استثمارية أعلن عنها من قبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد سوف تحد من معدلات البطالة وتحسن المعيشة في فتح تلك الفرص. خفض البطالة وأوضح الاقتصادي سليمان العساف أن أكبر معضلة تواجه قطاع التنمية البشرية هي القضاء على البطالة، مبيناً أن انعدام البطالة يعتبر مشكلة لها «لأنه يرفع تكلفة الأعمال ويجعل أسعار العمالة وأجورهم مبالغاً فيها للتنافس الشديد على اليد العاملة القليلة غير العاملة من قبل الشركات والمؤسسات». ووصف العساف ارتفاع مستوى البطالة عن الحدود المقبولة عالمياً والتي هي في حدود 4 % وأن ارتفاعها يحمل معاني سلبية عدة عن الوضع الاقتصادي، مشّدداً على أن رؤية المملكة 2030 أحد أهدافها تخفيض نسبة البطالة من 11.7 % إلى 7 %، وقد وضعت الحكومة جل اهتمامها وتركيزها ليكون القطاع الخاص هو القائد والمحرك للاقتصاد ولخلق الوظائف. والذي حدث هو ارتفاع نسبة البطالة إلى 12.1 % في بداية 2017 ثم عاودت الارتفاع في أبريل 2017 إلى 12.3 % ثم زادت نسبة البطالة في الربع الثالث من هذا العام ووصلت إلى12.7 %. وتابع قائلاً:» إن هذه الارتفاعات وإن كانت مفاجئة للبعض، ولكن من يقرأ ويتابع السوق وقطاع الأعمال يعلم أنها شيء متوقع وغير مستغرب وذلك لعدة أسباب مثل الانكماش الاقتصادي الحاصل في المملكة، حيث كنا نرى قبل أكثر من عقدين مؤشر التضخم في المملكة بالسالب، وأن ذلك يعني أن هناك ركوداً في الأسواق وعزوفاً عن الشراء من قِبل المستهلكين، الأمر الذي يجعل حركة البيع شبه متعطلة، وهو ما يقود إلى خسائر مالية وضعف في تدوير رأس المال للتاجر ولصاحب المؤسسة والشركة والمصنع». وأضاف «ما يدفع صاحب العمل إلى البدء باتخاذ إجراءات لتقليل التكلفة، أولها التخلص من العمالة والموظفين وتقليل عددهم أو اللجوء إلى تخفيض الرواتب وهو ما يؤدي بالبعض إلى الاستقالة»، مشيراً إلى أن جميع ما سبق يزيد نسبة البطالة ويجعل الباحثين عن عمل في ازدياد نتيجة وقتية لازمة لعملية التغير الاقتصادي الذي تنتهجه المملكة، موضحاً أنه حينما أعلنت الحكومة عن برنامج الرؤية أوضحت بجلاء أن مسؤولية التوظيف ستقع على عاتق القطاع الخاص، وأنه سيكون القائد والمحرك والمولد للوظائف، مضيفاً أنه على الجانب الآخر قلصت الدولة الإنفاق وتخلصت من المشروعات المتعثرة ورفعت أسعار الخدمات والطاقة والماء وأنشأت الضريبة الانتقائية وضريبة القيمة المضافة ورفعت رسوم العاملين، مبيناً أن هذا الأمر رفع التكلفة على القطاع الخاص وأضاف أعباء عليه لم تكن في حسبانه ولم يكن مهيأً لها مما جعله يقع بين مطرقة ارتفاع التكاليف وسندان الانكماش الاقتصادي فلجأ إلى أسهل الحلول وهي تسريح العمالة. وشدّد على أنه لابد من أمور لإيجاد وظائف ل 722 ألف سعودي باحث عن عمل حسب التقرير الصادر من الهيئة العامة للإحصاء في الربع الأول من العام الحالي، مبيناً أنه لكي يتم مساعدتهم في الحصول على عمل لابد من مراجعة مخرجات التعليم وعمل مواءمة بين حاجة السوق وما يتعلمه الشباب حتى لا يكون هناك خريجون لا حاجة لتخصصاتهم، كذلك لابد من تدريب الشباب على المهارات التي يحتاجونها في أعمالهم من خلال دورات سريعة وسهلة مثل تدريبهم على أجواء العمل والمهارات الإدارية والاجتماعات والتعامل مع الرؤساء والزملاء وإدارات المهام وغيرها من الدورات، مؤكداً أن الأهم من ذلك هو دعم الدولة للقطاع الخاص والأخذ بيده لكي يتمكن من الاستمرار واقفاً، ثم السير لقيادة الاقتصاد ليكون مستقلاً متحرراً من سيطرة النفط والصرف الحكومي، مؤكداً أنه بهذه الطريقة تتسع أعمال الشركات، ويتبع ذلك التوسع في توظيف الشباب، وأن الأمر الآخر هو دعم وتشجيع قطاع الأعمال الصغيرة ومتناهية الصغر والتي تكون مشروعات للشباب ليكونوا نواة لصناعة اقتصاد متنوع، وبهذه الطريقة نتمكن من خفض نسبة البطالة إلى النسبة المرجوة. هيئة حكومية وأكد المستشار المالي علي الجعفري أن البطالة تعتبر هاجس أي اقتصاد، وأن هناك علاقة ما بين معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة، فكلما زاد النمو الاقتصادي انخفضت البطالة تبعاً لها، مبيناً أن ارتفاع معدل البطالة لدينا ناتج عن التوجه إلى فرض السعودة بطريقة (أي نشاط يمكن سعودته) وإغفال السبب الرئيسي الذي أدى إلى تزايد البطالة وهو النمو الاقتصادي الذي يجب أن نفكر فيه، ويتم وضع الحلول لأساس المشكلة، وليس معالجة النتائج التي ستزيد وتكبر مستقبلاً إذا لم نحل المشكلة من جذورها. وكشف الجعفري عدة أسباب أدت إلى ارتفاع معدلات عدد الخريجين أو القادرين على العمل سنوياً، الذين يحتاجون إلى توجيه وتدريب وتعليم كقوة عاملة، مبيناً أنه قبل أن نبحث عن معالجة البطالة، علينا أن نبحث عن أسبابها والتي يرى الجعفري منها على سبيل المثل لا الحصر، عدم جودة مخرجات التعليم «غالباً» مع متطلبات سوق العمل في جميع المجالات. موضحاً أنه ومع كثرة الخريجين سواء من التعليم العام أو التعليم الجامعي هناك خريجو جامعات ومعاهد معينة، البطالة محدودة فيهم، إن لم تكن معدومة، وكذلك عدم وجود برامج عالية الكفاءة ومدروسة للتدريب أثناء فترة التعليم سواء العام أو الجامعي، بالإضافة إلى تحميل كامل المشكلة على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، مضيفاً أن غالبية الجهات الحكومية الأخرى حركتها محدودة في المشاركة في جودة المخرجات مثل التدريب وعمل البرامج التأهيلية للعمل بقطاعتها، المراقبة على الجهات التي تشرف عليها وعدم وجود برامج إحلال عالية الكفاءة في الشركات الكبرى، والبنوك للإدارات الوسطى في الفروع الإقليمية والمراكز الرئيسية. وأشار إلى أن المشكلة ليست خاصة بقطاع معين، بل بجميع القطاعات سواء حكومياً أو قطاعاً خاصاً، مضيفاً أن الذي يعمل في القطاع الخاص يعمل في بيئة اقتصادية، يكون المناخ الاقتصادي فيها فعالاً يساعده على التوسع في أعماله، وبالتالي يستطيع التوظيف والتدريب بمساعدة الحكومة للسعوديين، وتشجيع الصناعة والإنتاج الذي يجب أن توجد محفزات للقطاع الخاص من قبل الحكومة ليستطيع النمو. وأوضح الجعفري أن توليد الوظائف يحتاج إلى مقومات اقتصادية وحكومية في شتى المجالات، ووجود هيئة حكومية يشارك فيها جميع الوزراء لكي يتم حل المشكلة من جذورها، وقال: «القادمون إلى سوق العمل عددهم كبير سنوياً، ولا يعني هذا الموضوع أن نستبدل جميع العمالة الأجنبية، مضيفاً أن هناك وظائف، فرض رسوم عليها، مثل عمالة البناء، والنظافة والورش المهنية، التي تحتاج إلى عمالة من نوع معين، لن تحل مشكلة البطالة إن تم سعودتها. وبيّن أن الحل للمشكلة يكمن في تدريب الشباب على الأعمال الإنتاجية ومساعدتهم على استخدام التكنولوجيا الحديثة في كافة المجالات وهذا أمر مهم جداً، مبيناً أن وزارة العمل مع العدد الكبير القادم إلى سوق العمل لن تستطيع وحدها مجابهة المشكلة، فهناك على سبيل المثال وزارة الصحة التي يوجد لديها عدد كبير من الأجانب، ولكن تحتاج إلى برامج تدريبية عالية الكفاءة للإحلال في كثير من المجالات، وكذلك وزارة التجارة والتي نتمنى أن تركز على الشركات الكبرى والقطاعات المالية مع وجود شباب سعوديين أكفاء، سواء خريجي الداخل أو المبتعثين، ويحتاجون إلى التدريب المؤهل، وغيرها من الوزارات، وليس فرضهم كعدد فقط للسعودة. سليمان العساف علي الجعفري د. عبدالله المغلوث