يحسب لكل القائمين على ملتقى ليالي الرواية السعودية وعلى رأسهم الصديقين محمد السيف وخالد اليوسف، إن الملتقى أتاح الفرصة لعدد جيد من النقاد والأكاديميين وبالطبع الروائيين ان يتحدثوا بكل شفافية عن الرواية في المملكة العربية السعودية، أنا لن اتحدث عن مقولات وآراء بعض المشاركين، ولكن انظر لها من زاوية اخرى، وهي العلاقة بين المبدع والناقد المتخصص سواء كان أكاديميا او متابعا للابداع خارج الحرم الجامعي، ثمة فجوة، وللأسف فجوة كبيرة بين المبدعين والنقاد، للدرجة التي جعلت كل فئة تنظر للآخر نظرة ازدراء، وتبحث عن عيوبه. لذا لا نستغرب ان يتحدث اي ناقد في ندوة عن الرواية السعودية عن عيوب الكتابة الروائية دون أن يستدل بنماذج من أعمال روائية صادرة، بل كل الكلام يتسم بالعمومية، والطامة الكبرى ان بعض من عرفه الوسط الثقافي كناقد يلغي تماما وجود روايات جيدة صادرة في السعودية، من جانب آخر لا يعترف أغلب كتاب الرواية بالنقاد، ولا يتواصلون معهم، ويحتقرون اغلبهم. هنالك خلل في المشهد الثقافي السعودي تسبب بوجود هذه الفجوة الكبيرة، يتحمل جزءا من وجودها المبدع والناقد، ولكن هنالك بكل تاكيد أسباب أخرى ربما أهم أوجدت هذه الفجوة، أولها فشل المؤسسات الثقافية في خلق بيئة صحية ثقافية، وربما المعني الاول في ذلك الأندية الأدبية، هل يتذكر أحد أن ناديا أدبيا معينا أقام لقاء حول عمل روائي صدر لكاتب، أنا لا أتحدث عن تدشين إصدارات الأندية، ولكن عندما يصدر ديوان شعر لشاعر ما أو مجموعة قصصية أو رواية أليس من المفترض ان يبادر النادي بالحصول على نسخ من العمل وإيصال بعضها لمن يتواصل مع ذلك العمل الإبداعي وفق اهتماماته ويكون هنالك لقاء في النادي يجتمع فيه المبدع مع المهتمين بالأدب، يتحدثون بشفافية عنه، ونحن هنا نسمع ونقرأ عن صدور ديوان جديد او مجموعة قصصية أو رواية كل أسبوع، وحين يقترب معرض الكتاب نفاجأ بعشرات الاصدارات التي تصدر بالذات عن الاندية الأدبية، واتفق أن ليس كل ما يصدر جيد، ولكن بكل تأكيد هنالك أعمال متميزة تستحق أن يتم التوقف عندها، ونتيجة لذلك سيتغير رأي كثير من النقاد عن الإبداع السعودي وبالذات الرواية، لأن تلك القراءات تعطي معلومة ورسالة لكل من هو مهتم بان هنالك ما يستحق القراءة. أمر آخر يتعلق بوصول العمل الإبداعي لأيدي القرّاء، أحد النقاد العرب ممن شارك في لقاء ليالي الرواية السعودية والذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي، قال لي بكل صراحة، أنا أرغب أن اتابع كل ما يصدر من أعمال روائية، ولكن للأسف أغلبها غير متوفر في المكتبات، وإذا وجد فسعره مرتفع، وشراؤه مغامرة، لأن ليس كل كتاب يستحق الاقتناء، وبعض الاعمال الإبداعية – ويقول وهو مبتسم- اذا سلمنا انها ابداعية فهي ضعيفة بل هنالك الرديء، والذي يتسبب بترك قراءة الرواية الصادرة في السعودية، وللاسف هنالك من يحتفي بها، لعلاقات شخصية، ومن خلال كلام الناقد فهمت ان المشكلة هي عدم توفر نسخ من الاعمال الإبداعية السعودية، وإذا وجدت فسعرها في المكتبات عال، بمعنى انه لا توجد طبعات شعبية للأعمال الإبداعية توزع بصورة جيدة في مكتبات المدن المختلفة في المملكة وتباع بسعر معقول، وأتمنى من وزارة الثقافة والاعلام ان تتبنى إصدار سلاسل للابداع تصدر بطبعات شعبية رخيصة، نحن نحتاج أن نلغي هذه الفجوة بين المبدعين والنقاد، لأن المبدع والناقد كجناحي طائر، فبوجودهما معاً تحلق الثقافة السعودية في الفضاء العربي والعالمي الواسع.