استطاعت منى أن تكسر الحاجز وتقرب الأمة الإسلامية في مصالحة اقتصادية وتكوين سوق مشتركة، وبذلك تحقق الحلم الكبير الذي يتمناه كل مسلم جاء ذلك على أرض منى بشكل بسيط وبدون ترتيب وسط تكبير وتهليل من حجاج بيت الله متخذين قوله تعالى {وليشهدوا منافع لهم}. فالمتتبع للمساحات الجانبية لجسر الجمرات يلحظ تلك المبيعات من جميع أنحاء العالم الإسلامي اسطفوا جنبا إلى جنب يعرضون مبيعاتهم دون قيود أو رقابة يبيعون أصنافا مختلفة من المعروضات لديهم والتي تجد إقبالا كبيرا من الناس، فهناك البضاعة الأفريقية والآسيوية والأوروبية.. لتشكل سوقا مفتوحا من دول العالم الاسلامي دون أن يرتب له. «الرياض» رصدت هذه الأسواق عن قرب والتقت البائعين والمشترين لترى انطباعاتهم حول هذا التجمع الاقتصادي السنوي. محمد صادق بسيوني من مصر قال انه قدم من بلده وهو يحمل مجموعة من المبيعات التي تمثل بلده رغبة في بيعها هنا، وبالفعل وجدت إقبالا كبيرا، كما ان المكان هنا في منى مليء بالحجاج الذين يبيعون ويمثلون العالم الاسلامي مما اضطرني أيضا الى شراء بعض الأشياء التي أعجبتني خاصة الروسية منها وهكذا تحولنا الى سوق إسلامي مفتوح في منى يشد الجميع. ويرى مروي اسحاق من تشاد ان ما جاء به من بلده هي مصنوعات يدوية لبيعها في الحج، وكما سمعت ان منى هي المكان الذي يتجمع فيه الحجاج المسلمون لبيع أغراضهم وبالفعل وجدت من الدول الاسلامية هناك من يبيع كل شيء وبأسعار جديدة فبعت ما لدي واشتريت بثمنها مقتنيات أخرى، فهي فرصة لن تتكرر لي مرة أخرى أن اجد كل هذه المعروضات في سوق واحد، وكأنني زرت «ال 57» دولة اسلامية. فيما يؤكد الحاج نور احسان الدين من تركيا انه يحج للمرة الثانية ويعلم ان يوم العيد واليومين اللذين يليانه يتجمع الباعة من جميع الدول الاسلامية في منى لبيع ما جاؤوا به من بلدانهم ليصبح المنظر رائعا في جو اسلامي متميز يسوده الحميمية والتسامح والكل يبيع ما لديه في سوق نادرا ما تراه الا في هذه الأيام ولا تحتضنه سوى منى وأنا بدوري ابيع ما لدى من ملبوسات تركية ممتازة اجد عليها إقبالا طيبا من جميع الحجاج.. وهذا يجعلني أجلب معي كمية كبيرة ولا أرى في ذلك عيبا ولا ذنبا لأن الحج عبادة ومنافع للناس، كما ان المنظر للباعة يعطي جوا بعودة عالمنا الاسلامي إلى لحمته وسماحته وكم أتمنى أن يتم عمل سوق سنوي. من جانب آخر يقوم الأهالي من مكة في مثل هذه الأيام وخاصة في المساء بالنزول إلى منى لرؤية بضائع الحجيج ويشترون منها ما طاب لهم من ملابس أو خردوات أو غيرها وهي عادة اعتادوا عليها منذ زمن طويل في صورة جميلة واعلان لانتهاء موسم الحج. أحمد المرغلاني يقول ل «الرياض» اعتدت في كل عام النزول إلى منى في اليوم الثاني والثالث من أيام العيد وفي المساء خاصة للتمتع بمنظر الباعة من الدول الإسلامية وانا أهوى البضائع الروسية خاصة النحاسيات والخردوات والمقتنيات الحديدية وأقوم بشراء ما أراه مناسبا لي، كما انني أجدها متعة في التمشي بين طوائف مختلفة من العالم الإسلامي ننظر إلى طقوسهم وملابسهم وفرحتهم بالحج اضافة إلى مقتنياتهم. ويضيف سلطان المسعودي ان أهل مكة اعتادوا أن ينزلوا إلى منى ثاني ايام العيد للتمتع بالنظر في مقتنيات الحجيج وما لديهم من مبيعات جميلة تمثل معظم الدول الإسلامية ومعظمها مصنوعة يدويا وتحف وهدايا. ففي هذا السوق السنوي تشاهد أشياء لم ترها من قبل، فالمعروضات فريدة ومن نوعها وهي لا تأتي الا كل سنة، ولذلك نحن حريصون في مكة على مشاهدتها واقتنائها.