عقد على هامش مهرجان دبي السينمائي عدة مؤتمرات صحفية ناقشت محاور مختلفة فمنها ما كان خاصاً بتكريم نجم من نجوم السينما، ومنها ما خصص لنقاش هموم وشجون سينمائية، ومنها خط ثالث عني باستضافة صناع فيلم ما بغرض مساءلتهم حول فيلمهم المعروض في المهرجان كما حصل مع الفيلم الفلسطيني الرائع (الجنة الآن) وفيلم (دنيا) للنجمة المصرية (حنان ترك).. وإن كان ما هو مميز من بين تلك التظاهرات البسيطة فهو بلا شك الحفل الذي أقامه المشرفون على قسم (في دائرة الضوء) تكريماً لثلاثة من ضيوف المهرجان هم عادل إمام ومورغان فريمان والهندي ياش تشوبترا.. وبذات القيمة كان مميزاً أيضاً ذلك المؤتمر الذي عقدته اللجنة المنظمة للمهرجان إحياء لذكرى الراحل (مصطفى العقاد) صانع الرائعتين (أسد الصحراء) وَ(الرسالة) الذي قضى على يد الإرهاب التي ضربت الأردن مؤخراً. جمعية باسم مصطفى العقاد لرعاية السينمائيين الشباب المؤتمر الصحفي أو الحلقة النقاشية المخصصة لذكرى المخرج العالمي (مصطفى العقاد) تمت بحضور عدد من نجوم المهرجان كالسوري دريد لحَام ومواطنته منى واصف والنجمتان المصريتان إلهام شاهين وصفية العمري، والناقد السينمائي المعروف محمد رضا، بالإضافة إلى ابن الفقيد الشاب مالك مصطفى العقاد الذي عبّر عن عميق شكره لهذه البادرة التي أبدتها إدارة المهرجان تجاه الفقيد، وأضاف في كلمة ألقاها بهذه المناسبة بأن والده كان بالنسبة له بمثابة المعلم والموجه، حيث سرد في ثنايا حديثه ذكرياته مع والده أثناء مرافقته له في أعماله العديدة، خاصة خلال فترة تصوير فيلم (الرسالة) في ليبيا والتي كان لها الأثر الكبير في حياته منذ أن كان صغيراً، إذ قادته إلى الشغف بالسينما ليصبح فيما بعد منتجاً يتمثل خطى والده. وقد أوضح مالك العقاد طبيعة الأفكار التي سيطرت على والده منذ أن غادر سوريا متوجهاً صوب أمريكا والتي تتمحور حول فكرة واحدة في الغالب مثلت هاجساً أبدياً لديه وهي ردم الهوة الثقافية السحيقة التي تفصل الغرب عن العالم العربي، وذلك من خلال تقديم فن رفيع يخاطب العقل والوجدان معاً. وقال إن أعمال أبيه تهدف إلى تعريف العالم بصورة جديدة عن الإسلام تواجه تلك الصور المغلوطة التي يسعى الإعلام الغربي إلى تكريسها. وفي نهاية كلمته أعلن العقاد عن نية أسرة العقاد تأسيس جمعية باسم الفقيد هدفها دعم صناع السينما الشباب حيث تساهم في تقديم منح دراسية وتوفير تسهيلات تقنية للمخرجين الشباب وعقد المسابقات التي تساعد على اكتشاف المواهب الواعدة. كما أعلن عن ترتيبات تجري الآن من أجل استكمال مشروع فيلم (صلاح الدين) الذي كان حلم أبيه لسنوات طويلة مضت. أما الفنان السوري (دريد لحّام) فقد أعرب عن أسفه العميق للطريقة التي رحل بها صديقه العزيز مصطفى العقاد الذي كان - بحسب وصفه - مناضلاً شجاعاً سخّر كافة أدواته الفنية في خدمة العقيدة الإسلامية. وهو ما جعل من العالمية تزحف إليه ليصبح علماً هاماً من أعلام السينما. وقال لحّام: (يؤسفني أن أرى بعض السينمائيين العرب ممن يسكنهم هاجس الوصول إلى العالمية بأي وسيلة يتخذون في سبيل ذلك تبني الأفكار الغربية المغلوطة حول العرب والمسلمين.. إن الشغل الشاغل للعقاد كان كيفية مخاطبة العقل الغربي وليس الأذن الغربية.. ولم يكن ليتملق الغرب على حساب أمته وعروبته).. ثم أضاف دريد لحّام وهو يغالب العبرة: (عندما يسود الظلام نفتقد القمر وسوف نفتقد العقاد كثيراً). من جهتها أعربت النجمة السورية عن اعتزازها بالمشاركة في فيلم الرسالة بدور «هند بنت عتبة» وأوضحت بأن العمل مع العقاد كان مفيداً لها من نواح كثيرة إذ تعلمت منه الجدية والالتزام. وأكدت أن ظهورها معه في هذا الفيلم ساهم في تقديمها إلى الجمهور ومن ثم رفع اسمها إلى مصاف النجوم، وهي تعجز عن شكره على الفرصة التي قدمها لها على طبق من ذهب. تقول منى واصف: (كيف لي أن أتحدث عن الشخص الذي كان سبباً في تقديمي منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. كيف لي أن أرثي هذا الفنان العظيم الذي راح ضحية من حاول أن يدافع عنهم في الرسالة.. لقد كان مصطفى العقاد محباً للفرح وكان يشيع الفرح أينما ذهب إلى درجة أنه قال في إحدى المناسبات لأصدقائه: «إذا متّ غنوا لي»). (عادل إمام يتمنى أن يحضر والده يوم تكريمه) أما في الحفل الذي نظمته إدارة قسم (في دائرة الضوء) فقد اعتلى النجم المصري (عادل إمام) المنصة وألقى كلمة مقتضبة بعد تسلمه درع التكريم عبر فيها عن سعادته بهذه المناسبة وبأنها أغلى ما يمكن أن يحصل عليه الفنان، حين يرى أن كل مجهود قام به هو محل تقدير وإعجاب جمهوره، إن الفنان - أي فنان - لا يمكن أن يتمنى أكثر مما حصلت عليه اليوم.. ويضيف قائلاً: (في بداية علاقتي بالفن كانت لدي مشكلات عديدة مع أسرتي.. الآن أتمنى لو أن أبي كان موجوداً كي يرى نجاحاتي وليشهد معي يوم تكريمي بصحبة ألمع نجوم السينما ك «مورغان فريمان» و«تشوبرا»).. بعد ذلك صعد المخرج الهندي «تشوبرا» ليعبر عن سعادته بهذه اللفتة وليشكر إدارة المهرجان عليها.. ثم قام النجم الأمريكي «مورغان فريمان» ليتسلم بدوره جائزته التكريمية وليلقي بعد ذلك كلمة قال فيها: (بلا شك يعتبر مهرجان دبي السينمائي الدولي منبراً جديداً يفتح لي ولزملائي في هوليود نافذة جديدة للتواصل مع السينمائيين في الشرق من أجل تحقيق الهدف الذي يسعى إليه المهرجان وهو التواصل الفكري والثقافي بين شعوب العالم.. وفي الحقيقة أنا لا أجيد فن الخطابة لذا سأختصر ما يحمله صدري من مشاعر في كلمة واحدة من القلب.. هي شكراً).