أقيمت صلاة الاستسقاء أمس في جميع مدن المملكة ومحافظاتها ومراكزها اتباعا لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر، أملاً في طلب المزيد من الجواد الكريم أن ينعم بفضله وإحسانه بالغيث على أنحاء البلاد. كما أقيمت الصلاة في الجامعات ومدارس البنين بمختلف مناطق المملكة. ففي مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة أدى المصلون صباح أمس صلاة الاستسقاء في المسجد الحرام والمسجد النبوي. وفي الرياض أدت جموع المصلين صلاة الاستسقاء يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة وذلك في جامع الإمام تركي بن عبدالله. وأمّ المصلين سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الذي أوصى في خطبته المصلين بتقوى الله سبحانه وتعالى حق التقوى، تقوى تدعو العبد إلى أن يمتثل لأوامر الله التي أمره باتباعها وإلى البعد عن ما حرم عليه والإكثار من الأعمال الصالحة. وقال سماحته “ إن في تأخر المطر حكمة عظيمة ليبتلي بها العباد ليتوبوا إلى الله فعندما يعلم العبد ان ما كان منه من تقصير هو سبب لتأخر المطر فإنه يرجع ويتوب إلى الله ويتقيه ويسأله من فضله وإذا علم الناس كمال حاجتهم وفقرهم إلى المولى جل وعلا عادوا إليه واستغفروه وتابوا إليه “. وحث على الإكثار من الاستغفار والتوبة والتضرع إليه سبحانه بالدعاء بأن يغيث البلاد والعباد. وأوضح سماحته أن الله سبحانه وتعالى حرم الشرك به وأمر الناس أن لا يدعون إلا الله فإن دعاء غير الله شرك وأمر لا يغفر وأن هؤلاء المدعويين من غير الله لا يسمعون لهم ولا لدعائهم وأن المدعو حقاً هو رب العالمين الذي يسمع دعاء من دعاه ويعلم مكانه. وقال سماحته “ أمرنا الله جل وعلا بالالتجاء إليه في جميع الأحوال وأنه سبحانه القادر على تفريج هم المهمومين وكرب المكروبين” مشيراً إلى أن للدعاء أوقات وآداب كأن يدعو المسلم الله بقلب موقن بالإجابة وأنه قادر على كل شيء ويعلم علم اليقين أنه يدعو من هو قادر على إجابة دعائه، كما أن من آدابه كذلك استقبال القبلة والطهارة والدعاء في آخر الليل وآخر ساعة في يوم الجمعة وعند صعود الإمام إلى المنبر “ مؤكداً أنه كل ما قوي تضرع العبد لربه يكون سبباً في إجابة الدعاء وأن يتوسل بأسماء الله وصفاته كما أن على المسلم عدم استبطاء الإجابة فإن في تأخر الإجابة قد يكون خيراً للإنسان. وحذر سماحته من معوقات الدعاء ومنها أكل الربا وشرب الخمر والمعاملات المحرمة وتعاطي المسكرات والمخدرات. وسأل سماحة مفتي عام المملكة في ختام خطبته الله جلت قدرته أن يغيث البلاد والعباد وأن يسقيهم غيثاً هنيئاً مرئياً عاجلاً غير آجل نافعاً غير ضار. وأدى الصلاة مع سموه صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعد بن عبدالعزيز. وفي مكةالمكرمة أدى جموع المصلين صباح أمس صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين ونائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الشيخ الدكتور محمد بن ناصر الخزيم ووكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخضيري. وأم المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن عبدالعزيز السديس الذي ألقى خطبة أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عز وجل إذ بها الملتزم وعليها المعول والمعتصم وبها تصلح الأحوال وتحسن العاقبة. وقال فضيلته // إيها المسلمون تعيشون في هذه الدنيا بدار فتنة واختبار وابتلاء ما لكم فيه أختيار وأن لله عز وجل حكمة بالغة فيما يخلق ويختار يبتلينا الله سبحانه وتعالى بالسراء والضراء والشدة والرخاء وليس لنا إلا الشكر والثناء أو الصبر والرجاء سبحانه وبحمده قضاؤه نافذ صائب وحكمه في البرية سايد لا راد لما قدره ولا مانع لما أحكمه ودبره وكان أمر الله قدراً مقدوراً. وبين فضيلته أن المسلم وإن عظم قدره لا بد له من حصول ابتلاءات وفواجع تقض منه المضاجع فالدنيا دار ابتلاء واختبار مشيراً إلى أن من صروف الابتلاء ما يقدره الله جل وعلا على عباده من الجدب والقحط وحبس القطر وغور الماء وتأخر نزول الأمطار وجدب الديار مشيراً إلى أن من أخطر وأشد الأزمات التي تهدد البشرية اليوم وتنذر بخطر على الإنسانية أزمة غور المياه وأن من أهم سبل علاجها تحقيق الأمن المائي من جهتي الشرعية والمادية الحسية الأولى بالضراعة إلى الله عز وجل وطلب الغيث منه والثانية من جهة استعماله وترشيده وحسن استهلاكه وعدم الإسراف فيه. وقال فضيلته “ أعلموا أن ما يصيب المسلم من نوائب الجذب واللواء وكوارث المحن والبلاء فمرده سوء أعماله ولإخلاله بالواجب الشرعي وإهماله فالمخالفات تمنع بشؤمها نزول البركات ودرور الخيرات وهل أوقع الناس في البلاء وساقهم إليه الشدة والعناء إلا تفريطهم في تطبيق شرائع الإسلام وهدي السنة والقرآن، من الذي جرّ فئام من الناس على اقتحام الآثام والمعاصي واتباع الهوى المتعاصي ولم يخشوا يوماً يؤخذ فيه بالاقدام والنواصي، أعلموا أن الأوزار تلقي صاحبها في حمئة النار وبئس القرار فالمنكرات إذا تكرر في العين شهودها واتصل بالقلب ورودها الفتها النفوس واعتادتها وانجفلت إليها الأرواح وارتادتها. وأكد فضيلته أن التهاون بالذنوب سبب عظيم لقسوة القلوب وإذا قست الضمائر وتبلدت المشاعر وجفت الروح لم تذق حلاوة الإيمان ولم تتعظ بعبر القرآن ولم تجد في الصلاة خشوعها وانسها ولا في الذكر دون النوائب ترسها بل لجت في هتك الحرمات واقتراف الظلمات والظلالات واندرجت في وعيد رب البريات فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله كل ذلك سبب في جدب الأمصار وتأخر الأمطار فتوبوا وأخلصوا العمل. وأوضح أن انتشار المعاصي والذنوب والمنكرات عم كثير من الأرجاء وغدى في المجتمعات من الويلات والارزاء ولامنجي من ذلك إلا لزوم التوبة والاستغقار، فاجتنبوا الظلم فإنه ظلم وأن يحذروا التعدي على الأموال وانتزاعها بالبهت والاحتيال وأن يراقبوا الله في خلقه وأن يعملوهم بما تحبون أن يعاملكم به من رفقه وأن يكفوا عن الحرام جوارحهم وأن يطهروا قلوبهم من الغل والشحناء والحسد والبغضاء فإن القلوب محل نظر المولى الكريم فلا يرين منكم إلا القلب السليم وأن يكثروا من أعمال البر والصدقات والإحسان إلى عباد الله وأن يحسنوا وأن ينشؤوا البنين والبنات على أداء السنن والواجبات وأن يكفوهم عن المخالفات والمحرمات وأن يحجزوهم عن المفاسد وأن يسلكوا بهم شم الطموحات والمقاصد وأن يصونوهم عن فضائيات السفور وقنوات الشرور فكل لفظ معد في صحائفنا ليوم حشر. كما حث على الحجاب وحذر من خرقه وأن يحفظوا الحياء ويحذروا التبرج والسفور والاختلاط وأن ياخذوا امر المرأة بالصيانة والرعاية والاحتياط فإن ترك الحبل على الغارب كانت الفتن. وأشار فضيلته إلى أن من أسباب نزول الغيث والنعم واندفاع الباساء والنقم إعلاء راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو سياج الأمة المتين وحرزها المنيع الحصين وبه نالت الأمة الخيرية على العالمين فهو المحور الذي تدور عليه رحى الهداية وبه بعث الله الأنبياء والرسل. وفي المدينةالمنورة أدت جموع المصلين صباح أمس بالمسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة صلاة الاستسقاء يتقدمهم وكيل إمارة منطقة المدينةالمنورة سليمان بن محمد الجريش. وأم المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير الذي ألقى خطبة حمد فيها الله سبحانه وتعالى في بدايتها كثيراً واثنى عليه لنعمه الظاهرة والباطنة التي منّ بها على عباده ودعا المسلمين إلى تقوى الله حق تقاته فهو سبحانه وتعالى الذي يكشف البلوى وأمر عباده بالدعاء وجعله مفتاحاً لكل خير وأن يسألوه عز وجل في السراء والضراء فهو سبحانه خالق الأخلاق والشمس والبدر والظلماء والغسق ومنزل ماء المزن ومفجر الأنهار ومقدر الخير كله. وقال فضيلته: متوجهاً متضرعاً إلى الله سبحانه يا منزل الغيث بعدما قنطوا ويا ولي النعماء والمنن يكون ما شئت أن يكون وما قدر ألا يكون فلا يكون فهو سبحانه الذي ينزل الغيث بعدم قنط عباده وينشر رحمته وهو الولي الحميد العطايا من فضله ترتقب وهو المرجو لكشف الكرب، فكم منح وأعطى،وكم محنٍ كفى، فله الحمد والشكر فهو يعفو ويصفح ويغفر ويمنح، جواد كريم محسن دائم الندي،وجوداه لا تبلى ولا تتبدل،إن مس الضر عباده فلن يخب الرجاء والأمل فيه سبحانه.