أبرزت المرأة في مختلف مناطق المملكة دورًا مهم في العمارة التقليدية بما تملكه من حس جمالي وذوق فني رفيع انعكس على جماليات العمارة التقليدية وفنونها. وأكد باحثون في ملتقى التراث العمراني الذي شهدت فعالياته المنطقة الشرقية الأسبوع الماضي، هذا الدور، حيث قالت الدكتورة ريم بنت فاروق الصبان (الأستاذ المساعد في كلية التصاميم والفنون في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة) أن المسكن في منطقة الحجاز كان يلبي احتياجات المرأة الفيسلوجية والاجتماعية والأمنية، وقد اشتمل المسكن الحجازي على معايير الأمان المقبولة، حيث تجاور المنازل، والأبواب المحكمة الإغلاق، والنوافذ المغطاة بالرواشين والتي تساعد كثيرًا في توفير السلامة والأمان للساكنين. وأشارت الصبان في ورقتها (التناغم بين المرأة والتراث العمراني بمنطقة الحجاز) إلى أن المرأة لعبت دورًا رئيسًا في تشكيل الفراغات الداخلية بالمسكن، ولا يكاد يخلو مسكن تراثي بمنطقة الحجاز من إبداعات الساكنات من فنون التطريز والحياكة والتزيين، حيث تتنافس النسوة، فيتعلمن التقنيات المختلفة بغرض إبراز الجماليات لتميزهن عن الأخريات، ولتلبية الحاجة إلى تحقيق ذاتهن. وذكرت أن النساء ساهمن في أعمال الحياكة والتطريز والنحاسيات وعرض أواني الكريستال والزجاج والصناديق الخشبية والعناصر النباتية. ودعت الدكتورة صبان إلى دعم الدراسات والأبحاث المتخصّصة في المجالات التي تخص المرأة وعلاقتها بالتراث المعماري، على المصمم المعماري مراعاة حقوق المرأة الشرعية، واعتبار احتياجاتها عند تصميم المساكن، ومعاملتها كعنصر رئيس في التصميم، ومنحها طبيعة محمية خاصة بها تستطيع من خلالها أن تمارس كافة أنشطتها بحرية مطلقة. كما أوصت بالعمل على حصر وتوثيق التراث الثقافي والشعبي والعمراني للمملكة بكافة الطرق المرئية والسمعية والنظرية، لتيسير الحصول على المعلومات المطلوبة للباحثين. وفي ورقتها (التراث العمراني ودور المرأة في تشييده والحفاظ على البيئة) قالت الدكتورة آمال عبدالحليم البركي (أستاذة العمارة والعمران بكلية التصميم والعمارة في جامعة جازان) أن المرأة ساهمت بفعالية في استدامة العمران التراثي، وعشة تهامة الساحلية احتوت على أوتاد خشبية لتعليق الأطباق الملونة التي كانت تصنعها المرأة من الخسف الفخار، كما غزلت المرأة الخيوط لنسج فرش المقاعد، وغزلت الحبال من سعف شجر الدوم، لتنسج به الكراسي والمقاعد والأسرة الخشبية والقبعات وأحذية الوظينة، وحصير الزنبيل الذي يصنع من أعواد الذرة الرفيعة، أما في تهامة عسير فقد برعت القطاطات في تزيين الجدران بالنقوش الملونة برسومات هندسية ونباتية والكتابات بألوان بديعة وتلقائية. واستعرضت فاطمة يافع يعقوب تجربتها في التدريب على فن نقش المنازل أو ما يُعرف ب «القط العسيري»، وقالت: القط عبارة عن خطوط وتشكيلات جمالية ونقوش ذات أشكال هندسية يقوم بعملها نساء متخصّصات في هذا المجال، مشيرة إلى أنها شاركت في تدريب 150 من المهتمات بالقط العسيري، كان من بينهن طالبات من 10 جنسيات يدرسن في المدارس العالمية بالمملكة.