صدر عن الهيئة العامة للسياحة والآثار، كتاب بعنوان (فن زخرفة العمارة التقليدية بعسير، دراسة فنية وجمالية) للكاتب الفنان علي عبدالله مرزوق، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد. ويعد هذا الكتاب من أولى الأبحاث التي تناولت التراث المعماري التقليدي في منطقة عسير وقد بلغ عدد صفحات الكتاب: 252 ، ومقاس: 21*29 سم، وجاء في ثلاثة فصول، الفصل الأول وفيه (تعريف بمنطقة عسير، وأنماط عمارة عسير التقليدية، والعوامل المؤثرة فيها)، واحتوى الفصل الثاني على (الخامات والأدوات المستخدمة في البناء والزخرفة، والفن الشعبي، والزخارف الشعبية بعسير، والقيم الفنية والجمالية لعمارة عسير التقليدية)، أما الفصل الثالث فاحتوى على (التوصيف والتحليل للوحدات الزخرفية الشعبية). ولدراسة العمارة التقليدية من الناحية الفنية والجمالية، وما يتعلق بها من مكملات زخرفية شعبية نفعية وتجميلية، استخدم المؤلف المنهج الوصفي التحليلي الذي اعتمد وبشكل كبير على نتائج المسح الميداني نظراً لعدم وجود دراسات متخصصة في دراسة الزخارف الشعبية المكملة لعمارة عسير التقليدية، فقام بدراسة ميدانية تخللها الكثير من الصعوبات، والعوائق، والأخطار نظراً لاتساع منطقة عسير ووعورة مسالكه، مع صعوبة في دخول أغلب مبانيها التقليدية والمهجورة. ونتيجة لتعدد الأنماط المعمارية نتيجة لاختلاف التضاريس، والمناخ فقد تم أخذ قطاع عرضي لمنطقة الدراسة، يمتد من الغرب إلى الشرق كالآتي: تهامة الساحلية، ومرتفعات السراة، والإصدار، والهضاب الداخلية. وتم أخذ هذا القطاع العرضي نتيجة لاختلاف الأنماط المعمارية في كل منها، وبالتالي اختلاف الزخارف الشعبية المكملة لها، فتهامة الساحلية تشتهر بمبانيها النباتية (العشش)، بينما تنتشر المباني الحجرية في الإصدار ومرتفعات السراة؛ إلا أن منطقة السراة تمتاز عنها بوجود المباني الحجرية الطينية المزودة بالنطف الحجرية، أو ما يُعرف لدى أبناء المنطقة ب ( الرّقف )، أما الهضاب الداخلية فتنفرد بالنمط الطيني. وقد تم أخذ نماذج من هذه المباني التقليدية والعناصر الفنية والجمالية المكملة لها بصفتها عينة ممثلة لكل منطقة من المناطق الأربعة السابقة الذكر. غلاف الكتاب ونتيجة لقلة البحوث والمراجع المهتمة بالعمارة التقليدية وعدم وجود دراسات وافية لقيمها الفنية والجمالية فقد تطلب الأمر الاعتماد على الدراسة الميدانية وما حققته من نتائج كشفت عن الجوانب المهمة في كيفيات البناء والزخرفة، لذا كانت الدراسة الميدانية هي المرجع الحقيقي للمؤلف. وقد خلص المؤلف إلى عدد من النتائج التي أسفرت عنها الدراسة، منها: تعدد الأنماط المعمارية التقليدية بمنطقة عسير فبالإضافة للمباني الطينية هناك المباني الحجرية والشجرية (العشش)، كما أن هناك مباني تشترك في بنائها مادتا الطين والحجر معاً، وعلى الرغم من قلة الإمكانات المادية قديماً إلا أن عمارة عسير التقليدية بما تتضمنه من عناصر فنية وجمالية وفنيات بناء لهي خير شاهد على اهتمام أهالي المنطقة بالفن وحرصهم على تجميل وتزيين مبانيهم، ونتيجة لاختلاف القائمين على زخرفة داخل المسكن، وخارجه فإننا نلاحظ أن الزخارف الخارجية بسيطة ووحداتها الزخرفية قليلة، وتعتمد في تشكيلها على المواد التي تتطلب جهداً كبيراً في إعدادها وتشكيلها كالأحجار والطين والجص، بينما نلاحظ أن الزخارف الداخلية تتميز بالغنى والدقة في التنفيذ مع اعتمادها على المواد والخامات التي لا تتطلب جهداً كبيراً في إعدادها وتنفيذها. وقد لاحظ المؤلف مدى الانسجام والتوافق بين المسكن والزخارف المشكلة على الأسطح الخارجية للمسكن، والزخارف الداخلية سواء المرسومة على الحائط أو على المكملات الخشبية مما يؤكد لنا أن هناك عناصر مشتركة كانت تجمع البنائين بالنجارين والفنانات الشعبيات (القطاطات) أوجدت هذا الانسجام والتآلف بين الوحدات الزخرفية وهذا الحوار الجمالي الفني بين الشكل والمضمون. كما وجد المؤلف من خلال بحثه عن الزخارف الشعبية الجدارية في داخل المساكن، وعن المزخرفة نفسها أن هناك فنانات شعبيات استفدن كثيراً ممن سبقوهن في هذا المجال وأخذن عنهن هذا الفن الجميل، وعلى الرغم من أن لكل فنانة شعبية أسلوبها وشخصيتها الخاصة بها إلا أن تواجداً عاماً يجمعهن نتيجة انتمائهن إلى نفس الزمان والمكان، فالمزخرفة التي أخذت عنها الفنانة الشعبية يكون لها الأثر الواضح على نمطها وأسلوب زخرفتها وهويتها، ويمكن النظر إلى ذلك على أنه تراث فني متوارث رغم وجود بعض الاختلافات في مظاهر الأشياء وليس في جوهرها، كما وجد المؤلف أثناء الزيارات الميدانية للعديد من المباني التقليدية أن هناك مباني تاريخية جميلة، وكذلك رسوم زخرفية رائعة الدقة والجمال لا يُعرف أصحابها فلم يجد المؤلف أي أثر يدل على اسم من قام بإبداعها، ولعل السبب في ذلك يعود إلى عدم اهتمامهم بترك أسمائهم وإنكار ذاتهم في سبيل خدمة مجتمعهم، ومع ذلك فأغلب المساكن والنقوش يُعرف أسماء مبدعيها عن طريق أفراد القبيلة الذين عاصروهم، واستطاع أن يتعرف على العديد من الوحدات الزخرفية المختلفة من خلال البحث الميداني الذي أجراه على مباني المنطقة وحصرها في الآتي: وحدات زخرفية هندسية مختلفة الأشكال، ووحدات زخرفية نباتية، ووحدات زخرفية مختلفة الأشكال، ووحدات زخرفية كتابية (تعتمد على الخط العربي)، ووحدات زخرفية استحضارية، ووحدات زخرفية مركبة، ونتيجة لاختلاف التضاريس في منطقة عسير وانغلاق كل منطقة على نفسها (قديماً) فقد لاحظ المؤلف تعدد الأنماط الزخرفية فتم تقسيمها إلى أربعة أساليب (أنماط) زخرفية هي: الزخارف الشعبية في تهامة الساحلية، والزخارف الشعبية في الإصدار، والزخارف الشعبية في مرتفعات السراة، والزخارف الشعبية في الهضاب الداخلية. ومع أن هناك عناصر زخرفية مشتركة إلا أنه يمكن ملاحظة أن لكل منطقة من هذه المناطق طابعها الخاص وأسلوبها الذي يميزها عن غيرها، كما أن معظم الوحدات الزخرفية بسيطة التكوين حيث شُكلت عن طريق التقاء المحاور الأفقية والرأسية والقطرية مع إضافات داخلية.