تركت المرأة "العسيرية" نسبة إلى منطقة عسير "جنوب السعودية" بصمات تمثلت في نقوش بألوان زاهية تزين جدران بيوت المنطقة، وأوان فخارية وديكور، لتؤكد براعتها في تحويل ملكاتها الإبداعية إلى رسومات مذهلة. وتعد فاطمة أبو قحاص التي توفيت قبل أكثر من عام من سيدات المنطقة اللواتي برزن في فن "النقش" أو ما يسمى ب "القط" على الجدران، وتركت الراحلة رسومات على جدارية مميزة في أبها. وصنفت أبو قحاص كرائدة من رائدات فن الرسم على الجدران بنقوش عفوية وملفتة للنظر، وصارت تلك النقوش والرسومات تزين موتيلات وفنادق وأماكن عامة في أبها. وفن "القط" أو "النقش" عبارة عن خطوط وتشكيلات جمالية ونقوش هندسية برزت نساء في المنطقة، وبخاصة في محافظة رجال ألمع في إتقانه. ورشة عمل للتدريب على رسم "النقش" وتحدثت ل "العربية نت" مقررة اللجنة النسائية في جمعية الثقافة والفنون في أبها إيمان عسيري، عن أن اللجنة أدارت ورشة عمل أقيمت مؤخرا في فن "النقش على الجدران والأثاث والأواني المنزلية"، وشارك في الورشة أكثر من 30 متدربة. وتابعت عسيري قائلة إن الورشة التي نفذت بمشاركة عدد من السيدات اللاتي برزن في هذا النوع من الفن التشكيلي قدمت دروسا نظرية وعملية في "القط والنقش العسيري" كالمربعات التي يطلق عليها مسمى ختمة والمثلثات وهي البنات والبعض يسميها "محاريب والبلسنة والأمشاط والحظية"، ومن الأسفل ما يسمى بمثلث والتقطيع العُمري ،وبمشاركة فتيات متدربات أستفدن كثيرا من الدورة. وفي حديثها ل "العربية نت" قالت فاطمة الألمعي متخصصة في هذا النوع من الفن أنها نجحت في استقطاب عدد من شابات المنطقة للتدريب على فن القط والنقش على الجدران، وأوضحت أنها فوجئت بمشاركة عدد من الفتيات صغيرات السن وخاصة طالبات في المرحلة الابتدائية وحتى المرحلتين المتوسطة والجامعة للاشتراك في الدورة يرغبن في تعلم هذه المهارة. وعملت لوحات مزينة بألوان تستخدم غالبا في القط أو النقش كالأبيض والأخضر والأزرق والبرتقالي والأصفر. ونوهت الألمعي برائدات هذا الفن وهما فاطمة أبو قحاص وشريفة أحمد حيث تم اكتساب هذا الفن منهما. استخلاص الألوان من أشجار "الطلح" ونبات "البرسيم" وتحدثت المدربة نورة أبو عبثان عن أن المرأة العسيرية عرفت باستخدامها لتلك الألوان من قديم الزمن بطرق بدائية حيث تم استخلاص تلك الألوان من الفحم والصمغ والبرسيم ومن شجر الطلح الأبيض ومن الرماد. وتابعت أبو عبثان كانت تستخدم تلك الألوان في تزين جدران البيوت برسومات في غاية الدقة والروعة، ولا يتوقف الأمر على الجدران حسب قولها بل استخدمت في الرسم على الكراسي وقطع الأثاث والطاولات أو ما تسمى ب "التختات" وجماليات الديكور العسيري. وأكدت جميلة العلكمي متدربة التحقت بالدورة أنها استفادت كثيرا للتعرف على هذا النوع من الفن، و شاركت للمرة الثانية ولم يخل حديث جميلة من دعوات متكررة إلى بنات المنطقة لتعلم أدق أسرار جمال التراث العسيري اللوني. وأكدت العلكمي أن هناك من البنات ممن يشعرن برغبة لإبراز تراث الماضي وليتركن بصمات من خلال تلك الرسومات الجمالية التي تزين جدران بيوت في المنطقة وبخاصة في القرى والأرياف. وقال مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في أبها ل"العربية نت" أحمد السروي أن الجمعية فتحت أبوابها لإقامة مثل هذه الدورات التي تبرز التراث العسيري وتبرز مهارة المرأة في المنطقة لصياغة التراث في رسومات وألوان ساحرة ومبهرة. وتابع أن اللجنة النسائية بالفرع تتولى إقامة مثل هذه الدورات المتخصصة والاستفادة من خبرات سيدات عسيريات برزن في مجال النقش والرسم على الجدران، داعيا المجتمع إلى التفاعل مع مثل هذه الورش.