لي أصدقاء رائعون ، أحمد وسعود وإبراهيم وراضي ومرضي وليسَ فيهم صالح ، كلّهم يتذوّقون الأدب و في الغالب يمضغون الفراغ و يمضغهُم الروتين لذلك هم رائعون .. رائعون جِدّاً ، تعرّفنا على بعض منذ سنوات الطّيش الغِرّ والعيش المُرّ على مُفترق قدرٍ واتفقنا بلا اتّفاقٍ مُسبق على الصُّحبَة وقد حدث .. إذ كُنّا قبل الزواج لا نكاد نفترق غالباً إلاّ من أجل النوم ، بعد الزواج أصبحنا نجتمع كل أسبوعٍ مرّةً واحدة كل ليلة ثلاثاء ، والبارحة كان لقاؤنا .. الأكيد أنّنا شكّلنا مجموعة لا يمكن أن تتكرّر .. و" امسكوا الخشب " مجموعة من الممكن أن تصنع من ( الحبّة قُبّة ) أو العكس .. بلا مللٍ ولا كللٍ .. ؛ في الأسبوع الماضي تخيّلوا بأنّنا قضينا الليل كلّه في نقاشٍ يدور حول ( البعوض ) بدأناه من عند بعوضة ( النمرود ) .. مروراً ببعوضة ( pink panther ) التي أرّقت مضجعه ، إلى أن وقفنا وطرقنا باب هذا السؤال المصيري : هل البعوض ناقل أم حامل أم حاضن للمرض ؟! .. أمّا البارحة فقد تساءلَ ( أعقلُنا ) : بعد أن ترنّمَ مع ( مجنون ) ليلى : نظرتُ لليلى والسواك قد ارتوى بريق عليه الطرف مني باكي تمرِّرُه من فوق درِّ منضّدٍ سناهُ لأنوار البروق يُحاكي فقلت وقلبي قد تفطّر غيرةً أيا ليتني قد كنتُ عود أراك فقالت أما ترضى السواك فَقُلْ تُ وربِّك مالي حاجة بسواكِ ! - لماذا برأيكم انقَرَضَ ( السِّواك ) من قصائد الشُّعراء ؟! تتوقعون لأنّه انقرضَ من أفواههم ؟! أم لأنّ ( أسنان الفتيات ) لم تعُد جميلةً ومرصوفةً كما في العصور الأوَل ؟! ! أم لأنّهم تحوّلوا إلى مدخّنين ؟! يقصِد الشُّعراء ، ( سلّط على الدخّان لو هو مضرّي .. له ساعةٍ عند احتكام المصيبة )! أم أم أم ولا نهاية للأمْأمَة ..؛ يقول أبو الفتح البستي : قد تمنَّيْتُ أن أراكَ فلّما أنْ رأيْتُ الأراكَ قلْتُ : أراكا وتخوَّفْتُ أنَّهُ لسِواكَ أن يكونَ الّذي أراه أراكا! ومما يُنسَب ليزيد بن معاوية - ذاتَ تجلٍّ عظيم - أغارُ عليها من .. أبيها وأمّها .. ومن خطوة المسواك إن دَارَ في الفم ِ ! بل إنّ هذين البيتين نُسبَا إلى عليٍّ بن أبي طالب - كرّمَ الله وجهه - وإن شكّك النُّقاد بصحّة ذلك . حظيت يا عود الأراكِ بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكَ لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز مني يا سِواكُ سِواكَ ! - انتبهنا واتّفقنا في ( مجلسنا ) العامر على أنّ الشُّعراء في كل النماذج التي جئنا بها لم يتطرّقوا ( للسواك ) ( تعبُّداً ) وإنّما ( تغزّلاً ) بحبيباتهم ؛ واختلفنا في إجابة التساؤل العظيم : لماذا انقرض ( السِّواك ) من قصائد الشعراء ؟! لماذا؟!