على الرغم من أهمية خدمات مابعد البيع لضمان ولاء العميل وكسب ثقته ، الا ان الغالبية العظمى باتت تشكو من تهرب الوكلاء من تقديم خدمات الضمان والصيانة المعتادة بعد البيع بحجج مختلفة لضمان استنزاف العميل ماليًا ، فيما يؤكد الخبراء الاقتصاديين على ان هذا المجال « خدمات بعد البيع « ينبغى ان يبقى مصدرا رئيسيا للتنافس بين الوكلاء لنيل ثقة العميل بعد ان تساوت الكثير من المنتجات في معدلات الجودة . وفي حين ينتقد البعض أداء وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك بدعوى خشيتهما من الشركات الكبرى ، يرى البعض ان الحزم تجاه المتلاعبين بات ضرورة بعد تجاوزهم عبارة « نضمن لك « صيانتها واستبدالها لسنوات « إلى كلمة « خارج الضمان « ، وان الباحث عن هذه الخدمات بدلا من اعتباره صاحب حق يتم معاملته كمتسوّل !!. وامام الواقع الصعب لم يجد خبير قانونى سوى تقديم نصيحة للمتضررين بالتوجه الى المساجد والشكوى الى الله من واقع الحال. ويثور من هذا الواقع عدة اسئلة منها : هل صحيح ان وزارة التجارة تخشى توقيع عقوبات كبيرة ضد الشركات الكبرى ولا تكترث بمعاناة المتضررين ؟ ولماذا لايتم حسم الشكاوى سريعا اسوة بالدول الاخرى طالما ان الامور واضحة للجميع ؟ ومتى يشعر المستهلك بان هناك جمعية يمكن ان تحميه من تغوّل الشركات الكبرى على حقوقه كمستهلك له حقوق ينبغى احترامها لأنه لولاه لما كانت هناك ضرورة لوجود هذه الشركات . في البداية يروي فهد بترجي « مستهلك « معاناته من سوء خدمة ما بعد البيع ومن تدني مفهوم « حماية المستهلك « بعد أن قام بشراء سيارة أمريكية الصنع لحسابه ووجد أن الإطارات محبلة، ويضيف انه راجع الشركة لمدة 3 أشهر لاصلاح الخلل لكنه وصل إلى نتيجة محبطة ، كما لم تتحرك وزارة التجارة رغم امكانية حل المشكلة خلال يوم واحد أو ساعات، وبمعاينة خبير الشركة للإطارات رأى أن الشركة غير مسؤولة عنها ثم بعدها وجد أن الشركة حكمت لصالحه، متسائلا عن أخلاق وقيم الخبير المتوقع أن لا يكون نصّابا أو متحيّزا للشركة. ويروي بترجي معاناة أخرى له مع إحدى شركات السيارات الألمانية ، فيقول انه عند استلامه للسيارة وجد أن مواصفاتها مختلفة، بعدها دخل في معاناة طويلة وصلت إلى شهر ونصف بين أخذ وعطاء مع الوكيل لحين استرداد ماله الذي دفعه في قيمة السيارة، وفضل عدم اللجوء إلى وزارة التجارة ليقينه المسبق أن دورها سلبي وضعيف. وطالب بترجي بضرورة تعريف الوكلاء والشركات والتجار بوجود جهة تسمى « حماية المستهلك « يجب ان تكون فعالة وتؤخذ قراراتها على محمل الجد، ويرى أن الدور الذي تلعبه التجارة في دعم وحماية المستهلك لا يتجاوز 3% من المطلوب، زاعما أنهم يعيشون في سبات عميق بعيدا عن المستهلك. ويسرد حمزة رمادي « مستهلك « معاناته بالقول : « اشتريت سيارة صالون وعند الصيانة، أتكبد معاناة انتظار طويلة تزيد عن 24 ساعة، لأن المرايا كان تؤدى الى ارتجاج ، ورغم استلامهم السيارة لمدة 48 ساعة أتضح أنهم لم يغيروها، كما وجد عيب آخر في اللمبة الخلفية، ولم يغيّروه. وطالب رمادي برقابة صارمة على الوكلاء والشركات والتجار، مشيرا الى أنه لا يوجد جهة يلجأ لها المتضررون لتقديم شكاويهم. ويروي وسام بن سعيد « مستهلك « معاناته التي بدأت بشرائه سيارة فاخرة من إحدى الشركات الأوروبية، ولم تدم فرحته طويلا لوجود شرخ في الجربكس ، وعندما راجع الشركة حدّثه أحد الفنيين بأن المشكلة ترجع الى سيره بالسيارة مع ارتفاع درجة الحرارة، وقبل هذه المشكلة ومع حرارة الجو كانت لديه مشكلة في مكينة السيارة عبارة عن تهريب في الزيت إلا أن الشركة بررت بانه يأتي مع الحرق ، ولم يتمكنوا من معرفة مشاكلها، واستمر التخبط لشهور حتى تم تغيير الماكينة، وتم مراسلة الشركة الأم لأنني لم أصل إلى نتيجة مع التجارة، ولم أفكر أن أشتكي لها لأن لدي انطباعا بأنها لا تفيد بشيء، وفكرت في اللجوء الى جمعية حماية المستهلك لكننى لم اعرف لها موقعا !! خدمة وليست كلاما وردا على اتهامات العملاء ، يقول نضال مكارم مدير خدمات العملاء في شركة باخشب إخوان : « خدمة العميل يجب أن تكون ملموسة وليست مجرد كلام، كما أن الشركة يجب ان تلتزم بتطبيق بنود اتفاقية الضمان المبرم، وأن يتم توضيحها قبل عملية البيع وبكل وضوح. وأكد على ضرورة الحرص على خدمات ما بعد البيع أكثر من خدمة البيع لأنها هي الرصيد الحقيقي للمستهلك، مبينا أن جودة الخدمة تعتمد بشكل أساسي على حنكة إدارة الشركة التي يجب أن تنمي من قسم خدمات العملاء لديها، كما ينبغى مراقبة الاداء والتعامل مع العميل بمصداقية. وقال مسؤول خدمات العملاء في احدى الشركات «رفض الافصاح عن اسمه «: إن المنافسة القوية في السوق حاليا تحتّم على الشركات المنافسة في خدمات ما بعد البيع لضمان ولاء العميل ، كما ان الشركات ملزمة بتطبيق بنود العقد مع العملاء من الناحية القانونية مشيرا الى ان ذلك يضمن توسع نشاطها بعد نيل ثقة العميل . من جهته يدعو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة والخبير في مجال التنمية المستدامة الدكتور عبدالله عبدالقادر نصير الى ضرورة الاهتمام بدور جمعية حماية المستهلك وتوعية العملاء بحقوقهم والوفاء بتطلعات المستهلك. وأضاف: لدى وزارة التجارة آليات لحقوق المستهلك يجب أن تفعلها وفق الأنظمة والقوانين لتقليل نسبة الخطأ واستشهد بقطاع التأمين الذى كان مثار جدل كبير ، ولكن مع وضع التنظيمات المناسبة له امكن تحجيم الخلافات الى حد بعيد . ورأى أن حقوق المستهلك لم ترق إلى المستوى المطلوب للتعامل معه كصاحب حق عندما يشترى السلعة . وبين أن الفجوة بين الدول النامية والمتقدمة تكمن في أمرين هما القيم والركائز، ثم البنية التي يوفرها المجتمع بالشراكة مع الجهات الحكومية للحد من الظواهر السلبية. حماية المستهلك : حسمنا 70% من 500 شكوى قال رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر التويم: إن الجمعية لديها خطط للرقي بخدمات المستهلكين في خدمات ما بعد البيع مشيرا الى انها تلقت أكثر من 500 شكوى لمستهلكين بعضها في السيارات والخدمات الإلكترونية وبعضها عن السياحة، وتوصلت إلى حلول ل 70% منها. وبين أن الخدمات التي تسعى الجمعية لتطبيقها تشمل إلغاء رسوم خدمة المطاعم التي وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من 30% مشيرا إلى أن الجمعية لديها 19 مركزا سيتم تفعيلها لخدمة المستهلك مع الأجهزة الحكومية . واضاف أنه سيتم اطلاق مؤشر عن رضا المستهلكين يتم من خلاله تعريف المستهلك بجهة الاختصاص للشكوى وإحالة القضايا إلى جهات الاختصاص، ومن خلال هذا المؤشر سيتم قياس رضاهم بشأن الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والخاصة. كما سيتم إطلاق صندوق التعويضات للمستهلكين المتضررين، مشيرا الى وجود آلية للتعامل مع الشكاوى من خلال أخذ البيانات الكاملة وإرسالها إلى الجهات المختصة، كما تم إطلاق قناة للمستهلك لبث برامج توعوية ورسائل ودليل معلومات عن الأجهزة الحكومية، والتواصل للشكاوى من خلال التلفزيون. وبين أن الجمعية تقوم بدور المراقب للأجهزة الحكومية ومنها وزارة التجارة وهيئة الغذاء والدواء والأمانات والمواصفات والمقاييس والجمارك، لافتا الى وجود تجاوب كبير منها . وأشار الى انه سيتم رصد تقرير سنوي يرفع لولاة الأمر عن مدى تجاوب الجهات ذات العلاقة، مشيدا بدعم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز المشرف العام على الجمعية والرئيس الفخري لها. التجارة تتحفظ وترفض الرد تحفظ فرع وزارة التجارة في جدة على الرد على اسئلة (المدينة) رغم لقاء مدير الفرع عطية عبيد الزهراني الذي طلب إرسال الأسئلة للرد عليها يوم الأحد 23/1/1433ه ، ولم يتم الرد حتى ساعة اعداد هذا التحقيق للنشر . وكانت وزارة التجارة حملت وكلاء السيارات في المملكة مسؤولية أي خلل في السيارات بعد تكرار أعطال مثبت السرعة في عدد من أنواع السيارات ، مطالبة المستهلكين بتسجيل بلاغاتهم . واكدت حرصها على تطبيق الأنظمة، وعدم تلقيها أي شكوى رسمية من المستهلكين حيال حوادث تعطل مثبت السرعة، قبل أن تكشف عن مبادرتها بتوجيه خطابات رسمية لكافة وكلاء السيارات للالتزام باللوائح والإفادة عن أسباب حدوث مثل هذه الأخطاء التي تم تداولها إعلامياً والخطوات التي اتخذتها لمعالجة ذلك. اتهامات لبعض الوكلاء ببيع الوهم للعملاء يجب التعامل مع المستهلك كصاحب حق وليس متسوّلا الخولي: هل تخشى وزارة التجارة التجار؟ زعم الخبير القانوني والمستشار بهيئة حقوق الإنسان الدكتور عمر الخولي ان وزارة التجارة تخشى التجار فيما لاتكترث بمعاناة المستهلكين مشيرا الى انها تهاب إيقاع أي عقوبة صارمة ضد التجار . ولفت الى مقولة « من أمن العقوبة أساء الأدب « مشيرا الى انه في الدول الأخرى وفي ظل وجود قوانين صارمة لا تستغرق شكاوى المستهلك سوى ساعات ، ولا يمكن لأي شركة أو منشأة أن ترفض تلك الشكوى لأنها تعلم جيدا حجم العقوبة. وطالب المتضرر باللجوء إلى أقرب مسجد ليدعو ربه ويشكو حاله. ولفت إلى وجود كثير من القضايا التي وصلت إليه من موكليه تتعلق بحمايتهم من وكلائهم، مبينا أنه يقوم بالاتصال مع الوكيل الإقليمي في دبي ليقوم بإصلاح الضرر على الفور، ويقوم بشكوى الوكيل المحلي في حال وجود أي عيوب، واوضح أن القوانين المحلية لا تساعد ولا تخدم العمل، كما أن وزارة التجارة لا تعمل شيئا لافتا الى وجود ضعف في مفهوم حماية المستهلك لعدم وجود أنظمة خاصة به ، وفي حال وجودها فإنه لا يتم احترامها.