توقّع مختصون في قطاع السيارات أن يتسبب قرار شركة جنرال موتورز إيقاف التعامل مع اثنين من وكلائها في المملكة وسحب وكالتها منهما «العيسى، وبالبيد»، والاقتصار على وكيلين فقط، في ارتفاع الأسعار بنحو 15 في المئة، وتأصيل مبدأ الاحتكار، فيما أكدت جمعية حماية المستهلك اتجاهها إلى مخاطبة الشركة الأم وتوضيح أن هذا الاتجاه سيحد من قاعدة المنافسة ما لم تكن هناك ضمانات لحماية المستهلك المتضرر من ذلك. وقال الخبير المتخصص في قطاع السيارات خالد العمر ل «الحياة»، إن اتجاه شركة «جنرال موتورز» الأم إلى الاعتماد على وكيلين فقط في السعودية سيؤصل مبدأ الاحتكار بشكل كبير ويقضي على المنافسة، وبالتالي سيكون الضرر الكبير على المستهلك، لافتاً إلى أن السوق السعودية مفتوحة وتتوافق مع أنظمة منظمة التجارة العالمية، «إلا أن هذا التوجه سيتسبب في رفع أسعار السيارات بنحو 15 في المئة، وكذلك أسعار السيارات المستخدمة، إضافة إلى تراجع جودة خدمة ما بعد البيع وضعفها، وارتفاع أسعار قطع الغيار». وأكد العمر أن وزارة التجارة لم تتخذ أي إجراء حيال ذلك، ولم توضح موقفها ودورها حيال هذا القرار من شركة «جنرال موتورز»، كما أنه سيتضرر من هذا القرار عدد كبير من المواطنين الموظفين في تلك الوكالات، ما سيسهم في تضرر أسر كثيرة، ما يعني زيادة معدل البطالة. وكشف عن وجود قضايا مع شركة «جنرال موتورز» رفعها الوكلاء الذين سحبت الوكالة منهم، مؤكداً أن مبيعات كل من «العيسى» و«بالبيد» عالية وتقدم خدمات جيدة ما بعد البيع. من جهته، أكد مصدر مطلع في جمعية حماية المستهلك (رفض ذكر اسمه) أن الجمعية بصدد مخاطبة الشركة الأم لتوضيح أن هذا الاتجاه سيحد من عنصر المنافسة وسيرفع الأسعار، مطالبة بضمانات حيال ذلك، مشيراً إلى أنه في حال عدم تجاوب الشركة الأم ستضطر الجمعية إلى تبني قضايا ضدها، خصوصاً أن المستهلك في المملكة هو المتضرر من ذلك. وأشار إلى أن الجمعية ستضغط على الموزعين لتوفير جميع قطع الغيار، وخدمة ما بعد البيع، والالتزام بالأسعار المناسبة، والتأكيد على مبدأ المنافسة في السعر. وقال أحد بائعي قطع الغيار في المدينة الصناعية في الرياض محمد حسين، إن «هذا التوجه سيتسبب في إقفال كثير من محال بيع قطع الغيار التي تسوّق منتجات شركتي بالبيد والعيسى، وهذا فيه ضرر كبير للعاملين في هذا المجال». وتساءل عن السبب الرئيس لهذا التوجه، خصوصاً أن وجود عدد كبير من المحال والشركات لأي سلعة يسهم في تراجع الأسعار أو استقرارها، ما سيكون له إثر إيجابي على المستهلك. وطالب الجهات المختصة (وزارة التجارة) بالتدخل في هذا الموضوع، لأن ضرره سيشمل عدداً كبيراً من العاملين في مجال بيع قطع الغيار، مؤكداً أن السوق السعودية تعتبر من أكبر الأسواق من حيث مبيعات السيارات، التي تنمو سنوياً بأكثر من 20 في المئة بمبيعات تتجاوز 93.7 بليون ريال وفق عدد من الدراسات، وقطع الغيار التي تنمو سنوياً بنسبة 15 في المئة. من جهته، قال المحامي الدكتور ماجد قاروب إن الممارسات الاحتكارية تتنافى مع أنظمة وقوانين منظمة التجارة العالمية، إلا أن استمرار تدفق السلع وتحريرها هو المهم، مشيراً إلى أن الممارسات الاحتكارية يجب أن تكون على أسس تنافسية، وفي حال حدوث أي نوع من الاحتكار فإنه يجب توافر الأداة القانونية لإيقاف ذلك لدى الجهات الرسمية. وأضاف: «اتجاه الشركات العالمية إلى مثل ذلك يأتي من خلال درسها جميع الجوانب بما يخدم التطلعات التسويقية لها»، لافتاً إلى أن اختيار أي وكيل يأتي بعد تفاوض واتفاقات بين الطرفين. وكانت شركة «جنرال موتورز» ذكرت أنه اعتباراً من بداية العام الحالي 2012، فإنها ستوقف التصدير لشركتي «العيسى» و«بالبيد» من سيارات «جي إم سي» و«شيفروليه» والاكتفاء بوكيلين فقط في المملكة، وذلك لأسباب عدة، منها عدم إمكان «جنرال موتورز» رفع الكميات المصدّرة من سياراتها للمملكة، إذ لاحظت الشركة في السنتين الأخيرتين ارتفاع الكميات المطلوبة من وكلائها الأربعة، وعدم قدرتها على تلبية هذه الطلبات نتيجة ارتفاع الطلب على سيارات جنرال موتورز بالسوق الأميركية، خصوصاً بعد زوال الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى ارتفاع ربحية شركة جنرال موتورز من السيارات المباعة بالسوق الأميركية مقارنة بالربحية في المملكة.