تعرضت الخطوط السعودية خلال السنوات الماضية للكثير من النقد؛ بسبب تدني الخدمة، وعدم توفر المقاعد، وأصبحت الكتابة عنها شيئًا معتادًا، وكأن تلك المؤسسة هي الوحيدة في البلد التي يُسلَّط عليها الأضواء بسبب معاناة الجمهور من تدني خدماتها. قبل سنوات كان الحديث عن التعليم لا يتوقّف.. والآن تحوّل التركيز على قطاع النقل. بالطبع هناك اختلاف كبير.. التعليم يصنع الأجيال والنتائج تأخذ وقتًا طويلًا حتى تظهر آثارها.. وقطاع النقل يُقدِّم خدمة.. في مجال نقل الركاب من مكان إلى آخر.. والمنتج ملموس بشكل فوري عندما يقرر الشخص السفر من مكان لآخر. وزارة التربية والتعليم تعيش مرحلة ديناميكية تتفاعل مع الأحداث، تضيف وتحذف وتنقل وتوظف وتتجاوب مع ما يكتب عنها من باب الاهتمام بمسؤولياتها واحترام الآراء المهتمة بشأن التعليم.. الخطوط السعودية تلتزم إدارتها الصمت، وكأن الكلام الذي يُقال ويُنشر في وسائل الإعلام لا يعنيها! والصمت.. كما جرت العادة في ثقافة المجتمع إما علامة الرضا أو عدم الاهتمام.. والشاهد أن إدارة الناقل الوطني تترك الكاتب والقارئ والراكب -الذي يعاني من تدني الخدمات- في حيرة من عدم التجاوب. مجلس الشورى ناقش الموضوع أكثر من مرة، وعبّر عن رأيه حول ضرورة تحسين خدمات النقل الجوي في المملكة.. والحركة في تزايد مستمر.. والسوق به تنافس شديد لجني ثمار العوائد المادية المجزية.. والناقلات الأجنبية تحظى بنصيب الأسد من الحركة الدولية على حساب خطوطنا الوطنية. في جريدة اليوم بتاريخ 20/6/2011م كتب عبداللطيف الملحم وأشار إلى أن معاناة الخطوط السعودية ليست حديثة وإنما هي نتيجة تراكمات عقود مضت.. وما معناه أن الإدارة الحالية تُظلم عندما نُحمّلها المسؤولية كاملة! وقد يكون في هذا الرأي شيء من الصحة.. ولكن تغيير الإدارة السابقة كان الغرض منه -والله أعلم- إصلاح الخلل وتحسين الأداء. وليس مجرد استبدال إدارة بأخرى. جريدة الاقتصادية في افتتاحيتها بتاريخ 15/10/2011م تحت عنوان: (الخطوط السعودية.. السير في الاتجاه المعاكس).. أوردت فيها الكثير من التفاصيل لا يتسع المجال لتكرارها.. وهذا رأي صحيفة متخصصة في الشؤون الاقتصادية وليس مجرد رأي كاتب قد تكون معلوماته التي أوردها غير مؤكدة. هذه ثلاث حالات أُذكِّر الإخوان في إدارة الخطوط بها، لعلهم يعودون إلى ما ورد فيها بجانب الشيء الكثير الذي كُتب عن أداء النقل الوطني في السنوات الماضية.. ويتجاوبون معه بما يستحقه من الشفافية والقبول. الكل يعلم أن موسم الحج بدأ.. وسيصاحبه عطلة عيد الأضحى وعطلة المدارس.. وهذا يعني أن الطلب على السفر بالجو داخليًا ودوليًا سيرتفع، ويحتاج إلى تجاوب وخطة محكمة بدون تأخير.. والمهم في هذه العجالة إحكام إدارة المتوفر لدى المؤسسة خلال هذا الموسم المهم.. بدلًا من تجميد الرأي العام والتصرف وكأن كل شيء على ما يرام. وبالعودة إلى عنوان المقال الذي يطرح السؤال عن إستراتيجية الخطوط في الأعوام القادمة.. وعن مسيرة مشروع الخصخصة الذي سمعنا عنه الشيء الكثير بدون نتائج ملموسة على أرض الواقع.. وهل ستظل الخطوط السعودية هي الناقل الجوي الوحيد في الداخل ولا تفي بمتطلباته؟.. وإلى متى؟! لقد فات على صناعة النقل الجوي في المملكة فرص ذهبية كثيرة.. اقتنصتها المنافسة الخليجية باقتدار.. وينبغي ألا يستمر مسلسل ضياع الفرص بدون تصدي لتلك التحديات.. بإيجاد حلول جذرية في أسرع وقت.. لأن حجم المملكة ومكانتها ومسؤولياتها، والفرص المتاحة لها في صناعة النقل الجوي تقتضي ذلك.. والله من وراء القصد. [email protected]