حسناً فعلتْ عندما تداركت هيئة الطيران المدني نفسها، وسارعت بنفي الخبر الصحفي الصادر يوم الأحد الماضي والمنسوب (لمصدر مطلع في الهيئة - طلب عدم ذكر اسمه ) والذي تضمن صدور قرار الهيئة برفض السماح لشركات الطيران الخليجية بتقديم خدمة النقل الجوي بين مدن المملكة وأن الموضوع لازال قيد الدراسة .. فذلك الخبر أحبط آمال وتطلعات ومطالبات المواطنين ، ونسف توصيات العديد من الخبراء الاقتصاديين، وكذلك توصية مجلس الشورى بالسماح للشركات الخليجية بتقديم خدمة النقل الجوي بين مدن المملكة وذلك كأحد الخيارات السريعة والعاجلة والمضمونة لحل قضية تدني مستوى الخدمة الحالية .. وتضمن ذلك الخبر أن الهيئة بنت قرار الرفض على المبررات التالية :- إن شركات الطيران الخليجية تحصل على دعم كامل من حكوماتها وبالتالي فإن الناقلات الوطنية في السعودية لن تستطيع المنافسة مع هذه الشركات فهي إذاً تتنافس مع حكومات وليس شركات طيران فقط ؟؟ وجود اتفاقات عالمية للنقل الجوي تحرّم !! السماح للشركات الأجنبية بالنقل الداخلي لما فيه من ضرر على الناقلات الوطنية؟؟ أن شركات الطيران الخليجية تمارس سياسة الإغراق لتسريب الحركة إلى مطاراتها، وهو أمر يسبب خسائر للشركات السعودية فيما لو تم السماح للخليجيين بالنقل بين المدن السعودية؟؟ أن معظم شركات الطيران الخليجية لا تمتلك شبكة نقل داخلي في دولها لذلك فإن النقل بين المدن السعودية لن يكون مصدر جذب لهذه الشركات بالنظر إلى انخفاض أسعار التذاكر، ولأن العوائد لا تغطي حتى التكاليف ؟؟ طبعاً على افتراض أن الهيئة تفكر في الرفض الصامت!! أو أن قرار السماح قرار غير معلوم وقت صدوره، وقد يستغرق أشهرا او أعواما طويلة جدا!! ما يعني الرفض غير المعلن !! فإن هيئة الطيران المدني وبحكم مسؤوليتها وبحكم أنها الجهة المسؤولة عن الإشراف على خدمة الطيران المدني فإنها تتحمل جزءاً من مسؤولية تدني هذه الخدمة !!وقد تكون هناك مسببات خارجة عن إرادة الهيئة وعن ارادة الخطوط السعودية ولظروف مختلفة لا يتم الإفصاح عنها علناً !! عموماً على افتراض صدور قرار الرفض او الصمت الطويل .. فإن المبررات التي وردت في الخبر السابق مبررات غير مقنعة إطلاقا للأسباب التالية :- أولاً : أن جميع الدول التي أشارت إليها الهيئة تتمتع بوسائل نقل بديلة ومتعددة، وعلى أحدث المستويات العالمية من قطارات ومن حافلات نقل منظمة ومشجعة وجاذبة للسفر ووفق أعلى المواصفات في الخدمة وفي النظافة وفي السعر وفي التوقيت .. لذلك فإن السكان في تلك الدول من المؤكد أنهم ينعمون ببدائل مواصلات متعددة نفتقدها كلها في بلادنا للأسف الشديد لأسباب مجهولة !! لذلك فإن سكان تلك الدول ليسوا في حاجة ملحة إلى خطوط طيران أجنبية بجانب خطوطهم المحلية.. ثانياً : أن إدارة شركات الطيران المحلية في الدول المتقدمة تعمل في ظل بيئة إدارية من المستحيل أن تصل إلى مستواها خطوطنا المحلية اليتيمة من حيث النقل ومن حيث التنظيم ومن حيث تدوير المسؤوليات، ومن حيث تقييم الأداء والنتائج أولاً بأول ومن حيث احترام العملاء والمسافرين!! ثالثا : أن معظم شركات الطيران المحلية وخاصة الأجنبية شركات تعمل بعيداً عن المجاملات، وتواجه محاسبة صارمة جدًا من دولها ومحاسبة اجتماعية نابعة أولًا وقبل كل شيء من جدوى الخدمة أولاً بأول وتحرص جداً على كسب رضا المسافرين !! رابعاً : يدرك الجميع أن الخطوط السعودية تحظى بدعم حكومي شامل ومضاعف أكثر مما تحظى به كل خطوط طيران الدول الخليجية مجتمعة. خامساً : أن كبار المسؤولين في معظم شركات الطيران في تلك الدول ليس لهم تميز شأنهم شأن كل المسافرين ابتداء من الحجز وحتى دخول صالات المطار، ومن ثم ركوب الطائرة وحتى الوصول لذلك فهم يقيمون أداء موظفي شركاتهم على مدار الساعة.. على كلّ جميلٌ جداً أن الهيئة سارعت بنفي ذلك الخبر، ونتأمل أن يلجأ المسؤولون في هيئة الطيران المدني عند عزمهم - لاقدر الله - على الرفض تقديم مبررات مقنعة للرأي العام!!