لا شيء يسعد الكاتب أكثر من أن يرى ما يخطه قلمه قد أخذ به أو على الأقل كان محط اهتمام المسؤول أو الجهة المعنية. والكاتب بدون شك ليس معصوما من الخطأ، ومن حق المسؤول أو من كان معنيا بما يكتب أن يرد أو يتجاهل الموضوع ويعتبره شيئا لم يكن. ولكن عندما تكون الجهة المقصودة إدارة حكومية معنية بمصالح المواطنين فان الأمر يختلف حيث أن القارئ قد يرى فيما يكتب تعبيرا عن معاناة الكثيرين من المواطنين ويتوقع أن تصل الرسالة ويكون لها ردة فعل تزيل المعاناة أو على الأقل توضح الأسباب التي أدت إلى عدم تحقيق ما يجب، أو تصحح الانطباع الذي أدى بالكاتب إلى تناول الموضوع على صفحات جريدة سيارة، إذا كان مغايراً للواقع. ومن المفترض أن الكاتب يهدف إلى خدمة الصالح العام من خلال ما يكتب وليس من اجل النيل من شخص ما أو التشويش على إدارة معينة.والنقد الموضوعي يجب أن يكون له صدى واضح لان الصمت قد يعني أمرين: إما أن المسؤول غير مكترث أو أن الرأي الذي طرح لا يستحق الرد أو التفاعل معه. واذكر بعض الأمثلة من اجل الاستدلال فقط، وليس لإطراء شخصي: وعلى سبيل المثال لا الحصر في مقالة سابقة بعنوان (الخريجون وفرص العمل) تناولت الخطة الإستراتيجية وخارطة الطريق التي استهدفت القضاء على البطالة في المملكة مع التركيز على شرط الخبرة الذي يعاني منه حديثو التخرج، وسألت عن أسباب تأخير إعلان تلك الخطة، وعما إذا كنا سننتظر خمس سنوات أخرى حتى يتم تنفيذها بسبب المعلومات المكثفة التي وردت فيها، والتي قد لا تروق للقطاع الخاص. وعلى اثر ذلك اتصل بي احد المسؤولين من وزارة العمل ليوضح، وليجيب على بعض التساؤلات التي وردت في المقال. وأنا اشكر وزارة العمل على اهتمامها بما يكتب عن البطالة وعن معاناة الشباب الساعين للحصول علي وظائف تمكنهم من بدء حياة كريمة بشكل منتظم وليشاركوا في خدمة بلدهم بشكل ايجابي. وأثناء الحديث الممتع مع ذلك المسؤول طلبت منه الاجابة من خلال الجريدة لتوضيح موقف الوزارة من التساؤلات التي وردت في المقال، حتى لا ينطبق على وزارته المثل القائل الصمت علامة الرضا. والحالة الثانية مقالة أخرى بعنوان ماذا يحصل في الطائف؟ تجاوب معها -مشكوراً- معالي محافظ الطائف برد ايجابي أوضح فيه بعض الهموم التي تعاني منها محافظة الطائف -ولا تزال- وقد كان الغرض الأساسي من كتابة المقال تسليط الضوء على بعض المشاكل التي يعاني منها الطائف المصيف الجميل الذي له مكانة خاصة لدى كل المواطنين وخاصة أهالي منطقه مكةالمكرمة. هذان نموذجان أوردهما للتدليل على تجاوب المسؤولين مع ما تنشره الصحف وما يتوقعه الكاتب عندما يستل قلمه ويبدي رأيه في أداء الجهات الرسمية أو أي شان اجتماعي آخر. وخلال السنوات الماضية شهدت الساحة الصحفية مجالاً واسعاً من الحرية أتاح لعدد كبير من الكتاب مجال النقد في أعمدتهم اليومية، أو في مقالاتهم الأسبوعية، ولو وجدت آلية -لدى الصحف المحلية- لرصد معدلات الردود نسبة لما يكتب لعرف القارئ مدى تجاوب المسؤولين مع ما تنشره صاحبة الجلالة السلطة الرابعة، ولكنا أكثر اطمئنانا بان الجهد الذي يبذل، و الورق، والحبر المستخدم، لم يذهب هدراً، لان هناك من يقرأ، ويسمع، ويستجيب، بالقدر الذي يستحقه الرأي المكتوب. وهنا أورد حواراً ممتعاً مع احد الأصدقاء في موقع المسؤولية: حيث قال لماذا تكتب ؟ قلت لتسليط الضوء على بعض القضايا الهامة. وقال ثم ماذا؟ قلت من اجل التأثير لمصلحة الوطن والمواطن. قال هل رأيت شيئا تغير بسبب المقالات التي تكتبها أنت وغيرك في مواضيع: المياه، والصرف الصحي، والبطالة وتأخر تنفيذ المشاريع، وتباطؤ الإصلاح الإداري بصفة عامة؟ فأجبته، لو لم تكن الكتابة، ولو لم تنشر الصحف لكانت الحالة أسوأ. وأردف قائلاً، لقد مللنا من قراءة الكتابات التي لا ينتج عنها حلول عاجلة لمعاناة المواطن. واجبته: عليكم الصبر وعلينا الاجتهاد، وكل رمضان ونحن وانتم بخير، مع طوابير المياه، ومعاناة الصرف الصحي، وحفريات الشوارع، وازدحام المرور، وارتفاع أسعار المواد الغذائية. ولا زال الأمل كبيراً في استجابة المسؤولين لما يكتب من اجل رفع المعاناة عن المواطن. ولكم البيت التالي من شعر التراث: أعلل النفس بالآمال ارقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل