أصدر الشاعر التونسي عبدالسلام لصيلع مؤخّرًا مجموعته الشعرية الحادية عشرة حاملة عنوان: «أموت على أرض الوطن” الواقعة في 166 صفحة من القطع المتوسط، متضمنة تسع قصائد كان الشاعر قد تولى كتابتها في أواخر السبعينات عندما كان مقيمًا في طرابلس بالجماهيرية اللّيبية، وكان قد نشرها في دوريات مختلفة على غرار جريدة الأسبوع الثقافي (ليبيا) ومجلة الدستور (لبنان) ومجلة الثقافة العربية (ليبيا) ومجلّة “الشورى”. وهذه القصائد هي: وطني هذا الحلم، إضافة إلى الملف للزمن الكافر اشتهي رؤية عرس الثورة الانتماء جهارًا ليلة العشاء الأخير حوار أنا والحب والآخر والزمن الغيبوبة أموت على أرض الوطن. وقد قدّم هذه المجموعة الأستاذ أبو القاسم محمد كرّو الذي يقول: “هذه المجموعة لا تزيد عن 10 قصائد، وبالتالي فهي من حيث العدد قليلة، ولكنها من حيث الامتداد والشمول والمعاني كثيرة جدًّا، بل أزعم أنها عميقة وعريقة وذات أبعاد ليس لها حدود، إنّ هذه المجموعة يعتزّ القلم بالكتابة عنها والدوران في آفاقها، وأحرى أن يتعمّق الناقد في مفرداتها ومعانيها، ويستبطن مقاصدها وجميع كلماتها ومحتواها”. في القسم الثاني من الكتاب تمّ إدراج قصيدة لمنصور أحمد اللطيف، ومقال للتهامي الهاني بعنوان “غزّة لن تموت” صدى الواقع ورجع الإبداع، ثمّ مقال للدكتور حاتم الكافي بعنوان: عبدالسلام لصيلع في مجموعته «غزّة لن تموت” فداءً للعروبة واستحضارًا للقيم، ونصّ آخر لعبد السلام بن فطوم بعنوان: “تفاوت درجات البرزخ” للشاعر العربي عبد السلام لصيلع إضافة إلى مقالات أخرى لتوفيق السبعي وخالد التومي، وهي كلها مقالات تناولت بالدراسة ما أصدره عبد السلام لصيلع من مجموعات شعرية ذلك أنّ له المجموعات الشعرية التالية: “تحدّيات في الزمن المأزّوم، فاطمة الخضراء، حكاية عبد السميع، المتفرجون يا عرب، مطر على قرطبة، عذاب في المنفى، المجد للعرب، أبي ينتظرني في البرزخ، غزّة لن تموت”. يقول الشاعر عبد السلام لصيلع في إحدى قصائده: كنت هناك وكان الحزن القاتل غطى بيوت القش وأكواخ الطين نراك الآن عملاقًا أيها الشعب الكادح نراك أيّها الشعب المعجزة تعلّم رجلًا/ وتخلق أجيالًا بالإضافة إلى خلجات شعرية أخرى جادة للشاعر عبدالسلام لصيلع تؤمن بالصدق الفني، وتجعله مقياس تواصل جاد، وبين متلقٍ يتعطش إلى قضاياه تلك التي تجد في راهنه ومصيره موضوع كتابة. ولعل ما كتبه عبدالسلام لصيلع، الذي وجد في توجهه الواقعي خير نافذة يطل منها على القارئ التونسي والعربي على حد السواء؛ ليؤكد أن فعل الكتابة لا يكمن في تلك التهويمات، ولا في تلك الرمزية الهجينة تلك التي توصد باب التأويل، وتفتح أبواب المغالطات، بل كانت في تقريب صورة الواقع من ذهن المتلقي؛ ليظل هذا العمل رغبة واضحة الى الانتقال بتجربته الشعرية إلى باب البحث في تكثيف الدلالة لتعميق حضوره الجمالي في ذاكرة القارئ، الذي سيجد في هذا الكتاب نصوص ارتبطت لحظة كتابتها بأزمنة مضت أو هكذا ظن بعضنا؛ ليبرهن ذلك أن الشعر التونسي لا يزال يوجد به أسماء مضيئة فاعلة داخل الساحة الشعرية العربية.