بالتزامن مع الاستعدادات الخاصة بالقمة السعودية الروسية المتوقعة في الرياض، تطرق مجلس الوزراء، إلى ما أكدته المملكة خلال المشاركة في أسبوع الطاقة الروسي المنعقد في موسكو، من جاهزيتها للوفاء باحتياجات العالم من النفط، وذلك بعد الجهود الاستثنائية التي بُذلت لاستعادة قدرتها لإمداد الأسواق خلال 72 ساعة من الاعتداء الإجرامي على منشأتي خريص وبقيق، مما يعزز مكانة المملكة بصفتها مصدر النفط الموثوق والآمن والأكثر استقلالاً. وكذلك سعي المملكة لتأسيس علاقات مع دول أوبك ومن خارجها لتحقيق الاستقرار الدائم لأسواق النفط والنفع للمنتجين والمستهلكين والصناعة النفطية، وجذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار للنظام المالي، لتمكين الاقتصاد العالمي من النمو والازدهار. الى ذلك تعكس الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرياض مدى تطور العلاقات السعودية الروسية خلال الأعوام الخمسة الماضية والتي شهدت نشاطًا دبلوماسيًا على أعلى المستويات من خلال الزيارات المتبادلة، وتنسيق الجهود في الكثير من القضايا العالمية والإقليمية المشتركة، فالمملكة بثقلها السياسي والاقتصادي بصفتها بوابة الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، وروسيا كأحد أكبر القوى العظمى في العالم وعودة دورها العالمي والإقليمي خاصة في الأزمة السورية والتي دخلت عامها السابع، والتنسيق بين البلدين في مكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم داعش في سورياوالعراق، والجهود الدبلوماسية التي بذلتها المملكة لكسب تأييد روسيا لعملية عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن وإقرار مجلس الأمن بالمشروع الخليجي رقم 2216، فضلاً عن التوافق السعودي الروسي حول الاتفاق النفطي لخفض الإنتاج الذي قادته المملكة وتحقيق الاستقرار لسوق النفط العالمية. دبلوماسية ولي العهد الناجحة أسفرت الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي بذلها ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان عن تطور وتوثيق علاقات التعاون بين المملكة وروسيا، على جميع الأصعد والتي بدأت بزيارتين في 2015، الأولى زيارة سريعة التقى فيها الرئيس الروسي بوتين في مدينة سوتشي، والزيارة الثانية على رأس وفد رفيع المستوى حيث استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقصره في مدينة سان بطرسبرج الروسية، وشهدا توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية بين الجانبين السعودي والروسي على صعيد الطاقة الذرية والفضاء والبناء والمرافق، فضلاً عن التعاون العسكري التقني وفرص الاستثمار الروسي في المملكة. وتوقع المراقبون أن تمثل هذه الاتفاقيات نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وجاءت الزيارة الثالثة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في نهاية مايو الماضي ليدشن مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع الذي عقداه في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو وتعزيز التوافق السعودي الروسي حول الاتفاق النفطي الذي قادته المملكة، إذ يضمن لأول مرة في تاريخ المنظمة تعاون الدول المنتجة للنفط من خارج «أوبك»، وعلى رأسها روسيا، وبحث الجانبان الشراكة وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف في آسيا الوسطى. كما تم اتفاق بين المملكة وروسيا على عدد من القضايا الإقليمية، وأبدى الجانبان تفاؤلًا حيال الأزمة السورية. وأكد الرئيس الروسي بوتين أن موسكو تنتظر قيام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأول زيارة له إلى روسيا. زيارة تاريخية للملك سلمان وكانت زيارة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا، قائلاً «إن الرياضوموسكو تعملان بشكل وثيق فى مجالى الأمن ومكافحة الإرهاب.. وأضاف:» أن البلدين لديهما رؤية متشابهة للمشكلات والتحديات الموجودة فى المنطقة والعالم ويسعيان للتسوية السلمية في سوريا على أساس بيان جنيف وقرار رقم 2254 للأمم المتحدة». كما أوضح الجبير أن البلدين يأملان في تسوية القضية اليمنية على أساس القرار الأممي 2216، ويؤيدان إنشاء دولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. مشيرًا إلى أن روسيا والسعودية تهتمان بسوق النفط المستقر وتتمسكان بتعزيز وتعميق العلاقات في كل المجالات الاقتصادية. التبادل الاقتصادي والتجاري ازداد حجم التبادل التجاري بين روسيا والمملكة العربية السعودية في الفترة ما بين سنوات 2003 - 2008 من 211.8 إلى 488.7 مليون دولار أمريكي (بلغت قيمة الصادرات الروسية 465.9 مليون دولار أمريكي). وتتألف الصادرات من المعادن والمنتجات المعدنية، والعلف والورق والكارتون والخشب وسيارات الشحن. منذ عام 2002 انطلق مجلس الأعمال الروسي السعودي وفي أبريل عام 2008 تم في الرياض برعاية غرفة التجارة والصناعة الروسية ومجلس الاعمال الروسي العربي إقامة المعرض الروسي الأول «روسيا والمملكة العربية السعودية - آفاق مستقبلية جديدة للتعاون التجاري - الاقتصادي» وندوة أعمال. فيما تم إقامة المعرض الثاني عام 2010. وتعمل اللجنة الحكومية المشتركة الروسية السعودية في مجال التجارة والاقتصاد والتعاون في المجال العلمي والتقني. وانعقد في الرياض عام 2005 اجتماعها الثاني فيما تم عقد الاجتماع الثالث للجنة المشتركة في بطرسبورغ في يونيوعام 2010. التعاون في مجال الطاقة والفضاء استمر تطور التعاون في مجال الطاقة وتبادل الزيارات على مستوى الوزارات، وحملت الصواريخ الروسية في سبتمبر 2000 إلى مدارات الفضاء الخارجي 13 قمرًا صناعيًّا سعوديًّا يستخدم في مجال الاتصالات وسبر سطح الأرض عن بعد. وفي عام 2004 تم التوقيع على عدة اتفاقية وتم افتتاح مكتب للشركة الروسية المساهمة «ستروي ترانس غاز» وإنشاء شبكة وطنية لنقل وتوزيع الغاز في السعودية ووضعت تصميمًا لتوزيع الغاز في مدينة الرياض. وفي عام 2015 تم توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية ومجال الفضاء وأخرى في مجال الإسكان وكذلك مذكرة للتعاون العسكري والتقني بين وزارة الدفاع السعودية والمصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني الروسية. وكذلك برنامج التعاون في مجال الطاقة بين وزارة البترول والثروة المعدنية. وبرنامج للتعاون المشترك بين الهيئة العامة للاستثمار والصندوق الروسي للاستثمار المباشر. الفيصل يؤسس للعلاقات التاريخية شهدت العلاقات السعودية الروسية منعطفات تاريخية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- عندما أصبح الاتحاد السوفيتي أول دولة غير عربية تعترف بالمملكة العربية السعودية في فبراير عام 1926. وتشكلت اللبنة الأولى في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بإنشاء الوكالة الروسية والقنصلية العامة في جدة عام 1930، وبدأت أول زيارة تاريخية للاتحاد السوفيتي عندما أوفد الملك المؤسس نجله الأمير فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- بزيارة إلى روسيا عام 1932، وكانت روسيا تؤيد إنشاء مملكة موحدة قوية في شبه الجزيرة العربية، خاصة أن السياسة الروسية أبدت عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للمملكة؛ ممّا أسس بناءً قويًّا للعلاقات المتبادلة بين البلدين. استئناف العلاقات الثنائية وبحلول عام 1990م تكررت زيارات الأمير سعود الفيصل للكرملين، لمناقشة الموقف السوفيتي من غزو العراق لدولة الكويت، وشهد هذا العام استئناف العلاقات بين البلدين، وفي 17 سبتمبر عام 1990 صدر بيان مشترك يعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية على أسس ومبادئ ثابتة. وأصبح عبدالعزيز الخوجة أول سفير سعودي لدى موسكو في العهد الجديد من العلاقات. وفي نوفمبر عام 1994 زار رئيس الحكومة الروسية فيكتور تشرنوميردين الرياض، ضمن إطار جولته إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وتم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقية عامة للتعاون بين الحكومتين السعودية والروسية في مجالات التجارة والاقتصاد واستثمار الأموال والعلم والتقنية والثقافة والرياضة والشباب. علاقات متبادلة وزيارة بوتين علاقة التعاون السعودي الروسي بدأت فعليًّا بعد الزيارة التاريخية للملك عبدالله -ولي العهد آنذاك- إلى موسكو في 2003، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتم خلال الزيارة التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات لتطوير علاقات التعاون الثنائية ومن ضمنها اتفاقيات في مجال النفط والغاز ومجال العلم والتكنولوجيا. في 26 يونيو 2006 بدأ الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أمير الرياض آنذاك- زيارته إلى العاصمة الروسية والتي من شأنها تعميق العلاقات السعودية الروسية وخدمت كذلك بقوة العلاقات العربية الروسية خاصة أن بعض المشروعات التي تم التحدث عنها تحمل طابعًا شاملًا للتعاون مع العالم العربي. وفي فبراير 2007 قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة إلى المملكة العربية السعودية. وتم خلال هذه الزيارة التوقيع على اتفاقية ثنائية في مجال الاتصالات الجوية ومعاهدة تفادي دفع الضريبة المزدوجة على المداخيل ورؤوس الأموال، وعدة اتفاقيات في مجال الثقافة وتبادل المعلومات والتعاون المصرفي. بينما تم تحديد اتجاهات جديدة للتعاون (التكنولوجيا الذرية وغزو الفضاء في الأغراض السلمية). وقلد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الرئيس بوتين قلادة الملك عبدالعزيز التي يتم منحها عادة لكبار الزعماء وقادة دول العالم.