تعكس الزيارة التاريخية المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى موسكو مدى تطور العلاقات السعودية الروسية، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتي شهدت نشاطًا دبلوماسيًا على أعلى المستويات من خلال الزيارات المتبادلة، وتنسيق الجهود في الكثير من القضايا العالمية والإقليمية المشتركة. المملكة بثقلها السياسي والاقتصادي بصفتها بوابة الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، وروسيا كأحد أكبر القوى العظمى في العالم وعودة دورها العالمي والإقليمي خاصة في الأزمة السورية، التي دخلت عامها السابع.. وهناك تنسيق بين البلدين في مكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم داعش، فضلًا عن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها المملكة لكسب تأييد روسيا لعملية عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن وإقرار مجلس الأمن بالمشروع الخليجي رقم 2216، بالإضافة إلى التوافق السعودي الروسي حول الاتفاق النفطي لخفض الإنتاج الذي قادته المملكة وتحقيق الاستقرار لسوق النفط العالمية. أكد وزير الخارجية عادل الجبير أن زيارة خادم الحرمين إلى روسيا ستكون تاريخية، قائلًا: «إن الرياضوموسكو تعملان بشكل وثيق في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب.. وأضاف:»إن البلدين لديهما رؤية متشابهة للمشكلات والتحديات الموجودة في المنطقة والعالم ويسعيان للتسوية السلمية في سوريا على أساس بيان جنيف وقرار رقم 2254 للأمم المتحدة». كما أوضح الجبير أن البلدين يأملان في تسوية القضية اليمنية على أساس القرار الأممي 2216، ويؤيدان إنشاء دولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. مشيرًا إلى أن روسيا والسعودية تهتمان بسوق النفط المستقر وتتمسكان بتعزيز وتعميق العلاقات في كل المجالات الاقتصادية. الجبير: رؤية مشتركة أسفرت الجهود الدبلوماسية الكبيرة، التي بذلها صاحب السمو الملكي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان عن تطور وتوثيق علاقات التعاون بين المملكة وروسيا، على جميع الأصعدة، التي بدأت بزيارتين في 2015، الأولى زيارة سريعة التقى فيها الرئيس الروسي بوتين في مدينة سوتشي، والزيارة الثانية على رأس وفد رفيع المستوى، حيث استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقصره في مدينة سان بطرسبرج الروسية، وشهدا توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية بين الجانبين السعودي والروسي على صعيد الطاقة الذرية والفضاء والبناء والمرافق، فضلًا عن التعاون العسكري التقني وفرص الاستثمار الروسي في المملكة.. وتوقع المراقبون أن تمثل هذه الاتفاقيات نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وجاءت الزيارة الثالثة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في نهاية مايو الماضي ليدشن مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع، الذي عقداه في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو وتعزيز التوافق السعودي الروسي حول الاتفاق النفطي، الذي قادته المملكة، إذ يضمن لأول مرة في تاريخ المنظمة تعاون الدول المنتجة للنفط من خارج «أوبك»، وعلى رأسها روسيا، وبحث الجانبان الشراكة وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف في آسيا الوسطى. كما تم اتفاق بين المملكة وروسيا على عدد من القضايا الإقليمية، وأبدى الجانبان تفاؤلًا حيال الأزمة السورية.. وأكد الرئيس الروسي بوتين أن موسكو تنتظر قيام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأول زيارة له إلى روسيا. ازداد حجم التبادل التجاري بين روسيا والمملكة العربية السعودية في الفترة ما بين سنوات 2003 - 2008 من 211.8 إلى 488.7 مليون دولار أمريكي (بلغت قيمة الصادرات الروسية 465.9 مليون دولار أمريكي).. وتتألف الصادرات من المعادن والمنتجات المعدنية، والعلف والورق والكارتون والخشب وسيارات الشحن.. منذ عام 2002 انطلق مجلس الأعمال الروسي السعودي وفي أبريل عام 2008 تم في الرياض برعاية غرفة التجارة والصناعة الروسية ومجلس الأعمال الروسي العربي إقامة المعرض الروسي الأول «روسيا والمملكة العربية السعودية - آفاق مستقبلية جديدة للتعاون التجاري - الاقتصادي» وندوة أعمال. فيما تم إقامة المعرض الثاني عام 2010. وتعمل اللجنة الحكومية المشتركة الروسية السعودية في مجال التجارة والاقتصاد والتعاون في المجال العلمي والتقني.. وانعقد في الرياض عام 2005 اجتماعها الثاني فيما تم عقد الاجتماع الثالث للجنة المشتركة في بطرسبورغ في يونيو عام 2010.