تفتح الزيارة المرتقبة والمهمة لرئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، إلى السعودية غداً (الإثنين)، والتي مهَّد لها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في زيارته الخليجية في مارس الماضي، فصلاً تاريخياً جديداً في العلاقات بين موسكووالرياض، ويتوقع أن تسهم في تسوية عدد من الملفات المشتركة بين البلدين. واتضح جليا أن الرياضوموسكو اقتربتا من التفاهم والتنسيق المتبادلين بشأن العديد من القضايا التي أبرزها سوريا وفلسطين واليمن وإيران وغيرها، بما يعزز مكانة وقوة الدولتين، وخصوصية علاقاتهما، خصوصا مع عودة موسكو إلى حلبة الشرق الأوسط من البوابة السورية. ويتوقع أن تكون زيارة بوتين للمملكة ضمن قرار إشراك روسيا بشكل أكثر نشاطاً في السعودية، والذي يتعلق بحسابات المملكة للسياسة الخارجية على المدى الطويل، كما أن ترسيخ العلاقات بالزيارات قد يصبح إجراء لبناء الثقة في تغيير المعادلة الجيوسياسية في الشرق الأوسط لصالح الطرفين، فروسيا تُعَدُّ شريكاً مناسباً يمكنه ملء الفراغ الذي خلفه تقليص الولاياتالمتحدة وجودها في المنطقة وكبح جماح طهران، ويقترب كلا البلدين من أهداف سياسية واضحة فيما يتعلق بقضايا الإقليم عامة، وخصوصاً في سوريا واليمن والقضية الفلسطينية، وضرورة التفاهم المتبادل بين روسيا والسعودية. ومن المرجح أن تكون الزيارة تتويجاً للتعاون الاقتصادي والتجاري بين روسيا والمملكة وبناء الثقة ولاسيما مع تزايد حجم التجارة الخارجية بين البلدين أخيرا، وحافزاً على المزيد من التعاون بين الطرفين في مجال الطاقة النووية، إذ وقعا اتفاقية في هذا المجال في عام 2017. كما ستشتمل محور المحادثات على قضايا التنسيق في سوق النفط، والتعاون في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والتعاون العسكري التقني وذلك بالتزامن مع التعاون المتطور في مجال الفضاء بين الطرفين، إضافة إلى دعم التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وتعزيز التبادل الثقافي والإنساني بين السعودية وروسيا الاتحادية. أبرز مؤشرات التقارب ومن أبرز مؤشرات التقارب السعودي - الروسي، هي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لموسكو عام 2017، والتي تعد تاريخية، باعتبارها الأولى أول زيارة يقوم بها ملك سعودي لروسيا، ونوقشت خلالها قضايا الشرق الأوسط ومن أهمها القضية السورية، وانتهاكات إيران المستمرة للقوانين الدولية، وسبق ذلك زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا الاتحادية عام 2015، ولقاؤه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ تمحور اللقاء حول تطوير العلاقات بين البلدين وأوضاع المنطقة من سوريا إلى العراق واليمن ولبنان، وبعدها زيارته لروسيا في عام 2017 تمهيداً لزيارة خادم الحرمين الشريفين لروسيا. وأعقبت تلك الزيارة زيارة ثالثة لولي العهد لروسيا الاتحادية في عام 2018، تلبية لدعوة الرئيس الروسي، لحضور حفل افتتاح كأس العالم ومباراة المنتخب السعودي ونظيره الروسي الافتتاحية، وأيضاً محادثاته مع بوتين على هامش قمة العشرين، التي تلتْها زيارة لافروف وزير الخارجية الروسي للرياض مارس الماضي، ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين، وعلى هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا في اليابان أخيراً، التقى ولي العهد الرئيس بوتين ونقل خلال اللقاء تحيات خادم الحرمين الشريفين للرئيس بوتين، ودعوته إلى زيارة المملكة وقد وافق بوتين على الدعوة التي تقررت في أكتوبر الجاري. وفي النسخة 23 من منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي يونيو الماضي، التقى وزير الطاقة السعودي وزير الطاقة الروسي، في أثناء الدورة السادسة لأعمال اللجنة السعودية الروسية المشتركة، ووقع الطرفان عدداً من الاتفاقيات. كما شهدت قمة مجموعة العشرين أيضاً في اليابان، لقاء الوزيرين حيث ناقشا أوضاع الأسواق البترولية الدولية، والخيارات المختلفة تجاه تمديد اتفاقية أوبك، وكذلك التعاون في مجالي النفط والغاز، وتعميق التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين. فيما تقرر في اجتماع فيينا مطلع هذا الشهر عمل ميثاق «التعاون الدائم» الذي وصفته السعودية بأنه «تاريخي» بين دول منظمة أوبك والدول الشريكة وعلى رأسها روسيا، كما جرى تأكيد تمديد اتفاقية أوبك إلى نحو 9 أشهر قادمة.