لم تشفع نسب النجاح العالية التي تجاوزت ال(90%) لطلاب وطالبات في مدينة جدة بحجز مقعد لهم ولهن في جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة جدة، وذلك بسبب اختبارات القياس التي تنتهي إلى «نسبة موزونة»، لا تؤهل أكثرهم وأكثرهن للحاق بالجامعة، وتكفي الإشارة فقط إلى أن عدد المتقدمين للالتحاق ببرنامج السنة التحضيرية في جامعة الملك عبدالعزيز هذا العام بلغ 98 ألف طالب وطالبة، لم يقبل منهم سوى 13 ألف طالب وطالبة، بما تتجاوز نسبته ال(13%) فقط، والحال نفسه في جامعة جدة التي تقدم للالتحاق بها 67 ألف طالب وطالبة، لم يقبل منهم سوى 4500 طالب وطالبة، بنسبة قبول تقارب ال (7%) لتبدأ من هنا إشكالية ثلاثية الأضلاع: * ضلعها الأول الطلاب والطالبات، بشعور الإحباط والخيبة، حيث بات لزامًا عليهم الانتظار سنة كاملة في ظل آلية القبول الجديدة المعتمدة على «القبول السنوي»، وإلغاء نظام الانتساب والدراسة عن بعد. * وضلعها الثاني أولياء الأمور والأسر، إذ يتعين عليهم أن يبحثوا عن منافذ لأبنائهم غير المقبولين، أو تحمل تكاليف الدراسة الخاصة بالجامعات الأهلية، وما هي عليه من ارتفاع، لا يتناسب مع أغلب الأسر ذات الدخل المتوسط أو المتدني. * وضلعها الأخير الجامعات نفسها، والظروف التي حتمت عليها إقرار هذه الآليات التي تستبعد الكثيرين ولا تقبل إلا القلة، وما هي المعالجات التي وضعتها لحل هذه الإشكالية، بوصفهم جزءًا من الأزمة، والحل.. «المدينة» استطلعت أطراف القضية الثلاثة، فأما الطلاب والطالبات فلم يقصروا في طرح مشاعرهم السالبة وما يعانون من إحباط جراء عدم قبولهم، على نحو ما سيأتي تفصيلاً.. وكذا الحال بالنسبة لأولياء الأمور والأسر، ومقترحاتهم التي طرحوها للحل.. أما الطرف الثالث والمتمثل في الجامعات فقد حاولت «المدينة» التواصل مع الدكتور شارع البقمي، المتحدث باسم جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وتم توجيهنا إلى المركز الإعلامي بالجامعة، والذي رفعنا له استفساراتنا حول قضية القبول وآلياتها؛ إلا أن الرد على ذلك لم يردنا حتى وقت كتابة الموضوع.. هكذا يبدو الإطار العام للقضية، وأدناه تحتشد التفاصيل.. الطالبات والطلاب: الموزونة ضيعت أحلامنا وتركتنا للفراغ الطالبات بدون أكثر تأثرًا جراء عدم قبولهن، يتملكهن إحساس بالحزن والإحباط والتشويش، يبحثن عن مخرج، ويفتشن عن حل.. (6) طالبت منهن تحدثن إلى «المدينة» بلسان زميلاتهن من الظروف نفسها.. شهد خالد.. تخرجت من الثانوية بنسبة 90.48 ونسبة موزونة 78.44 ولم تقبل في الجامعة، عبرت عن شعورها بقولها: بصراحة لا يمكن أن أصف كمية الحزن والإحباط الذي يتملكني لمجرد إعلان رفضي برسالة عبر الموقع، ويعلم الله أني لم أقصر في الدراسة بالثانوية، وكنت أبذل قصارى جهدي للتفوق، وقد خططت وحلمت بدخولي الجامعة..؛ والآن بعد الرفض أشعر بتشويش، ولا أعرف أين أتجه أو ماذا أفعل، فلا يوجد أمامي سوى الانتظار للعام المقبل.. لذلك أتمنى وأرجو المسؤولين عن القبول مراجعة النظام الموازي، لكي تتوفر مقاعد في الدراسة المسائية، وبذا تنحل المشكلة، فما ذنبنا لنخسر فرصة الدراسة بالجامعة. حلم ضاع أما العنود عبد الله، فلم تقل عنها حزنًا، فهي قد تخرجت من الثانوية 85%، ونسبة موزونة 77,88، ولم يحالفها الحظ، لتقول: أنا جدًا حزينة لأنه تم رفضي ولم أقبل في الجامعة، خصوصًا وأنا أعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكنت أتمنى أن يقبلوا إلى نسب 75% موزون، لأن إغلاق القبول على نسب موزونة مرتفعة ضيع حلم الكثيرين في الالتحاق بالجامعة، من البنات والأولاد. خفضوا الموزونة والحال لا يختلف مع الطالبة فيّ حسني، وقد تخرجت من الثانوية بنسبة 93.75 ونسبة موزونة: 81.85، لتعبر عن أساها قائلة: للأسف لم أقبل، جلست أسجل وأحلم بالقبول طيلة الإجازة الصيفية، لأصدم الآن قبل بدء الدراسة بالرفض، وبصراحة شديدة أنا محبطة؛ لأنه ليس بأيدينا شيء، فأنا وزميلاتي ننظر للرفض وأيدينا مكتوفة، ولا نستطيع تغيير أي شيء، فقط الانتظار للمحاولة بعد سنة، وهي مدة طويلة، لكن ليس أمامي بديل أو خيار أو حل آخر، فقط أتمنى أنهم يخفضوا نسب «الموزونة» للقبول، بما يتيح الفرصة أكثر، لأنه ليس لنا بديل أو خيار آخر عن الجامعة، وهي حلم أي خريج ثانوية عامة. فرز آخر وتقول رزان محمد: تخرجت من الثانوية 90%، ونسبة موزونة 80% ومثلي مثل زميلاتي تفاجأت بعد القبول بالرفض، ولا أملك إلا أن أعيد القياس والقدرات، وأحاول للسنة المقبلة؛ لكن أتمنى أن ينزل بنسبة الموزون ويكون هناك فرز آخر. حيرة وتساؤل وتصف عهد عبدالله، المتخرجة من الثانوية بنسبة 90%، ونسبة موزونة 81% ، الأمر بالحيرة، في سياق قولها: والله حقيقة أمر يجعلنا في حيرة وتساؤل؛ ماذا بعد عدم القبول، ما العمل؟! نتمنى أن يتم توجيه الطلاب غير المقبولين لخطط بديلة، فصعب أن ترسل لنا رسالة رفض وينتهي الأمر.. و»حاول مرة أخرى».. إننا نريد جهة تحدد لنا ما يتوجب علينا فعله في مثل حالاتنا، وسأحاول أن أقدم على منح داخلية، وأتمنى من الجامعة نزول النسبة لأقل من 80 في الموزون لأن هذه المشكلة تكمن في النسبة الموزونة التي حرمت الكثيرين من القبول. وتشاركها الرأي الطالبة لينة أسامة، التي تخرجت من الثانوية بنسبة 90% ونسبة موزونة 79% ولم تقبل، وليس لي من أمنية سوى تخفيض نسب الموزونة. صدمة ولا يختلف حال الطلاب عن الطالبات، فهذا هو الطالب عبدالله موسى، وقد تخرج من الثانوية بنسبة 84% ونسبة موزونة 78%، يشعر بالخيبة والإحباط، ويتمنى زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات.. ويجد صوته متسقًا مع صوت زميله أحمد ماجد، الذي يقول: درست 12 سنة في مدرسة عالمية، التي تتميز بالصعوبة، وحصلت على نسبة 92%، وهي نسبة عالية وقوية بالنسبة للمدارس العالمية، ولكن هذه النسبة نقصت كثيرًا بسبب «الموزونة»، ووجدت نفسي بعد 12 سنة صرف فيها أهلي على تعليمي الكثير، وكلهم حلم أن أكمل دراستي الجامعية، ليصدمني ويصدمهم هذا الرفض، لتتحطم كل الأحلام. حامد: أشعر بالحزن والخوف على مستقبل ابني الإحباط الذي يعيشه الطلاب والطالبات غير المقبولين بالجامعات، يقابله قلق وحيرة لدى عدد كبير من أولياء أمورهم، في بحثهم عن منافذ لمستقبلهم بشكل جيد، وفي هذا السياق يقول عبدالسلام حامد: ابني الكبير لم يقبل في الجامعة، وكنت أحلم أن يدرس الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز، وقد تخرج من الثانوية بنسبة مرتفعة إلا أن «الموزونة» ظلمته، رغم أنه اختبر أكثر من مرة في القياس وأقصى ما حصل عليه 79% ، وهي سبب رفضه من قبول الجامعة، وبصراحة شعرت بالحزن والخوف، خصوصًا أني مضطر لانتظار سنة كاملة، وإعادة القياس ومحاولة أن يتقدم للقبول في العام المقبل، وكنت أتمنى أن تفتح فرصة للفصل الدراسي الثاني، فهؤلاء شباب وصعب أن يتخرج الشباب من الثانوية ويجلس ينتظر القبول، والآن ليس أمامنا سوى الصبر والانتظار. راوية: اجعلوا منهج القياس أساسيًا في المدارس وتقول راوية السالم، أم لم تقبل ابنتها الحاصلة على نسبة 75% موزون: لا يمكن أن يتم إغلاق أبواب القبول في الجامعات دون النظر للأعداد الهائلة التي تم رفضها. في السابق كانت المدارس جهة منفصلة على مظلة الجامعات؛ لكن الآن كلهم تحت مظلة وزارة التعليم؛ بمعنى أنه ليس من المعقول ألا تكمل الوزارة دورها في توجيه الطلاب والطالبات المتخرجين من الثانوية ولم يقبلوا وتنتهي القصة عند الرفض بعد القبول للدراسة الجامعة ليتركوا الطلاب والطالبات ليحل كل واحد مشكلته بطريقته الخاصة، فماذا نفعل في هؤلاء الشباب والشابات والتعثر يقابلهم في أول مراحل حياتهم ممثلة في القبول الجامعي لأسباب - مع احترامي - غير مقنعة، فكيف بطالب يحصل على نسبة عالية في الثانوية العامة تتجاوز 95% ويرفض بسبب أن الموزون 78% ، ماذا نفعل؟ درِّسوا أبناءنا منهج القياس وليكن منهجًا أساسيًا في المدارس، لأنه هو الأساس للقبول الجامعي. حمزة: نطالب بجهة إرشادية لغير المقبولين ويتساءل عبدالرحمن حمزة، الذي لم تقبل ابنته لنفس السبب: كيف يتم إغلاق التعليم الموازي دون أن يتم التفكير في مصير من لم يحالفهم الحظ للقبول في الجامعة؟ أصبحت الدراسة في الجامعة حظًّا، يقفل القبول على نسب الموزون والطالب والطالبة قد تعبوا ودرسوا وفي النهاية لا يعتد بنسب الثانوية، إنه أمر محير! ماضيًا إلى القول: لو رغبنا في التوجه للتعليم الجامعي الأهلي، وهو جيد، لكن لا نستطيع ذلك لأن رسومه مرتفعة، وقد يكون رأيًا مختلفًا عن الآخرين فرسوم الجامعات الأهلية تعتبر نوعًا ما مناسبة للمستوى التعليمي المقدم لكن في نفس الوقت هو لا يناسب متوسطي الدخل من الأسر السعودية، التي عليها التزامات مالية أخرى، ولا يمكن أن تدرج فيها رسوم دراسة جامعية لأحد الأبناء، ناهيك من لهم أكثر من ابن بهذه الجامعات الأهلية.. ويختم حمزة بقوله: نحن فعلاً نتمنى أن توجد حلول، فهؤلاء هم مستقبل البلد، والمستقبل الجديد للوطن، لا يمكن أن يتركوا للفراغ والضياع والتشتت، لابد من رسم خطة لمستقبلهم، نحن نتكلم عن شباب وشابات لم تتجاوز أعمارهم 19 و18 عامًا، فالشباب طاقة البلد للمستقبل كيف لا توجد جهة إرشادية لعدم المقبولين توجههم التوجيه الصحيح؟!.