حقاً ما أروع هذا الدور الذي تمارسه تلك المؤسسة الدينية - هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - التي باتت جهازاً حكومياً فاعلاً وحيوياً يقوم على حماية الأخلاق ورعاية السلوك والمحافظة على القيم ومتابعة أي انحراف سلوكي أو تجاوزات أخلاقية. نعم.. هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت دائرة حكومية هامة لها ارتباط عميق بأخلاقيات المجتمع وممارساته، لا سيما مع هذا الانفتاح المجتمعي الذي نعيشه ووجود طوق فضائي حاد تتدفق من خلاله عادات منحرفة وممارسات لا تتفق مع قيمنا وأخلاقنا. ولعل مما يثلج الصدر أن هذا الجهاز الحكومي - أعني الهيئات - بات أكثر نضجاً ومرونة وتقبُّلاً للمرئيات والملاحظات بحثاً عن كل نقطة ضوء تخدم أخلاق المجتمع.. كما أن رجال الهيئة أصبحوا أكثر قبولاً وسماعاً وتجاوباً مع أي سلبية يمكن أن تُوجَّه إلى أدائهم.. وبخاصة أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باتت جهازاً حكومياً ناضجاً له آلياته وضوابطه وفق منظومة من التعليمات التي يلتزم بها رجال الهيئة ويتواصلون بها مع الجهات المختصة، إذ إن العمل الذي يؤديه رجال الحسبة ليس عشوائياً أو مرتجلاً وليس ثمة تعسُّف أو اندفاع يمكن أن يصدر من رجال نذروا أنفسهم ووقتهم لحماية الأخلاق.. ويكفي فخراً وشرفاً لهذا الجهاز أو هذه المؤسسة شهادة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية - حفظه الله ورعاه - الذي ساند رجال الهيئة وأشاد بالمهمة المشرّفة التي يقومون بها.. جاء ذلك في حفل اختتام فعاليات الملتقى الثاني لمديري الفروع ورؤساء هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو موقف يعتز به كل منتسب لهذه المؤسسة الدينية المباركة. وهذا لا يعني أن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبرَّأة من الأخطاء أو معصومة، فالهفوات واردة لكنها لا تخرج عن الطور الاعتيادي لمن يحتك بالجمهور، ومع هذا يظل التجديد مطلوباً، والتطوير مرغوباً، سواء في تكثيف عمليات التدريب لرجال الهيئة بما يعمل على النهوض بأدواتهم الدعوية وتطوير أساليبهم الحوارية والخطابية تحت مظلة الحكمة والموعظة الحسنة مع مراعاة الدقة والتّحري والرصد الحكيم للمخالفات وضبط التجاوزات بما ينسجم مع سماحة الإسلام ونبل مقاصده وشرف أساليبه، مع تغليب جانب الدعوة والتوعية وكسب قلوب الجمهور والتعامل معهم برفق وهدوء ولين، وهي أمور أجزم أنها لا تغيب عن أذهان رجال الهيئة، مع ضرورة انتقاء الأفراد الملائمين للعمل في هذه المؤسسة التي تتعامل مع كافة شرائح المجتمع، بشتى أطيافه. وختاماً شكراً للجزيرة التي طالما وقفت مع هذه المؤسسات المباركة وتابعت نشاطاتها ورصدت أخبارها وعرَّفت المجتمع بالمنجزات المشرفة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.