تعاني الكثير من الأسر في الآونة الأخيرة من انشغال الآباء عن منازلهم وأبنائهم إما بالأعمال التجارية والاستثمارات في الأسهم والعقار، وإما الانشغال مع الأصحاب في مناسبات شبه يومية وهذا الحال طال حتى الآباء من الفئة الشابة.. وصلتني عبر البريد الإلكتروني قصة طريفة ذات معنى كبير وهي تشخص حال الكثير من الآباء في هذه الأيام إلا من رحم ربي. والقصة كما وردتني.. في أحد الأيام دخل طفل على والده الذي بدا عليه الإنهاك الشديد بعد يوم عمل شاق جداً، فمن الصباح إلى المساء وهو يتابع مشاريعه واستثماراته في العقار والمقاولات، والأسهم، فليس عنده وقت للمكوث في البيت إلا للأكل أو النوم. وببراءة الصغار سأل الطفل والده: لماذا يا أبي لم تعد تلعب معي وتحكي لي قصة كما كنت تفعل سابقا، فقد اشتقت الى سماع قصصك واللعب معك، فما رأيك أن تلعب معي اليوم قليلاً وتحكي لي قصة؟ فأجابه والده، يا ولدي أنا لم يعد لدي وقت للعب وضياع الوقت، فلدي من الأعمال الشيء الكثير ووقتي الآن ثمين جداً، فرد الطفل: أعطني يا أبي فقط ساعة من وقتك، فأنا مشتاق إليك كثيراً يا أبي. ويرد الأب: يا ولدي الحبيب أنا أعمل وأكدح من أجلكم، والساعة التي تريدني أن أقضيها معك أستطيع أن أكسب فيها ما لا يقل عن 100 ريال. فليس لدي وقت لأضيعه معك، هيا اذهب والعب مع أمك أو إخوتك. وتمضي الأيام ويزداد انشغال الأب في أعماله، وفي أحد الأيام يرى الطفل باب مكتب أبيه في المنزل مفتوحاً فيدخل عليه ويطلب منه أن يعطيه خمسة ريالات. فيسأله والده، لماذا؟ فأنا كل يوم أعطيك خمسة ريالات لفسحة المدرسة. ماذا تصنع بها؟.. هيا اذهب بعيداً فأنا مشغول ولن أعطيك الآن شيئاً. يخرج الابن وهو حزين، ويجلس الأب يفكر في ما فعله مع ابنه، ويقرر أن يذهب إلى غرفته لكي يراضيه ويعطيه الخمسة ريالات. فرح الطفل بهذه الريالات فرحاً عظيماً، حيث توجه إلى سريره ورفع وسادته، وجمع النقود التي تحتها، وبدأ يرتبها!! عندها تساءل الأب في دهشة. قائلا: كيف تطلب مني النقود وأنت لديك الكثير منها؟ فرد الطفل، كنت أجمع ما تعطيني للفسحة، ولم يبق إلا خمس ريالات لتكتمل المائة.. والآن خذ يا أبي هذه المائة ريال وأعطني ساعة من وقتك؟؟ بغض النظر عن مدى صحة تلك القصة من عدمها، إلا أنها وللأسف الشديد تحكي حال وواقع الكثير من الآباء الذين شغلتهم أمور الدنيا عن واجباتهم الدينية والأسرية، فأصبح الأب في انشغال تام يبعده عن القيام بمسؤولياته وواجباته الدينية والأسرية وهمه الأول هو جمع المال ومتابعة شاشات الأسهم، غافلاً ما يعنيه الوقت الذي يقضيه مع أولاده لهم. أطال الله في عمر والدتي فكثيراً ما تدرج مع أحاديثها الشيقة لنا بعض الأمثال الشعبية ذات المعاني الكبيرة ولعل المناسب مع القصة السابقة قول المثل الشعبي (نصف القوت راحة).