فتح يديه فرحاً ومبتهلاً وهو يقبل على والده الذي أنهكه التعب ولم يعد يذهب إلى البيت إلا للنوم والأكل، قال الطفل لوالده: لماذا لا تلعب معي يا أبي وتروي لي قصة، لقد اشتقت إلى حكاياتك واللعب معك، رد الأب بلهجة حادة: يا حبيبي لم يعد عندي وقت للعب، فالأعمال متكدسة على رأسي. رد الطفل بلهجة تملأها الحنان: أعطني ساعة واحدة من وقتك؟ رد الأب: يا طفلي أنا أعمل من أجلكم، والساعة التي تريدني أن أقضيها معك أستطيع أن أكسب فيها ما لا يقل عن 100 ريال، العب مع إخوانك وأمك. ينشغل الأب أكثر وتمضي الأيام، ويدخل الطفل يقول: أعطني خمسة ريالات يا أبي، فيرد: لماذا أعطيك كل يوم خمسة ريالات ماذا تصنع بها؟ يذهب الابن حزيناً، ويجلس الأب متأثراً ويقرر أن يذهب إلى غرفته لكي يرضيه ويعطيه خمسة ريالات، فرح الطفل بهذه الريالات فرحاً عظيماً، توجه إلى سريره ورفع وسادته، وجمع النقود التي تحتها وبدأ يرتبها، عندها تساءل الأب في دهشة، قائلاً: كيف تريد مالاً وعندك كل هذه النقود؟ فرد الطفل: كنت أجمع ما تعطيني ولم يبق إلا خمسة ريالات لتكتمل المائة ريال حتى تجلس معي ساعة! تذكرت هذه القصة الطريفة وأنا أتابع بفخر وإعجاب مشروع «كيف نكون قدوة» الذي أطلقه مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة، الأمير خالد الفيصل الذي يندرج تحت استراتيجية المنطقة في جانب بناء الإنسان بحضور مديري القطاعات الحكومية ونخبة من الكتاب والمثقفين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي. لقد أثبتت الدراسات والأبحاث الاجتماعية والنفسية أن على الآباء تعليم الأبناء بطريقة إيجابية تبتعد عن النصح والإرشاد وتقوم على تقديم القدوة والصورة المثلى لأبنائهم من خلال الالتزام في أفعالهم وسلوكياتهم. لقد جاءت كلمات أمير مكة لتثلج الصدر. حين أكد أن الإنسان السعودي يختص بمزية مجاورة البيت الحرام، وخدمة ضيوف الرحمن الأمر الذي يحتّم عليه أن يكون قدوة لغيره، فالمملكة أسست على منهج ودستور الكتاب والسنة ما يعزز مفهوم القدوة لدى جميع أبنائها، ديننا الإسلام، ودستورنا القرآن والسنة، ومناهجنا إسلامية، كذلك حياتنا إسلامية، فكيف لا نكون قدوة؟ إننا نأمل أن تتحقق أمال وطموحات مستشار خادم الحرمين الشريفين ويساهم كل مواطن في المشروع الثقافي والفكري «كيف نكون قدوة» ليتحول كل إنسان فينا إلى قدوة في بيته وعمله. والمجتمع الذي يعيش فيه، فالمشروع يستهدف رب الأسرة والمعلم وإمام وخطيب المسجد. وكل إنسان على وجه هذه الأرض. الدعوة رائعة. وتستحق أن نقف جميعاً معها.