الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على من علمنا الصبر على الأقدار، وعلى آله وصحبه الأطهار، وبعد، فلقد فجعنا يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شوال هذا العام بموت ابن العم الاستاذ عبدالله بن ناصر الكثيري، أحد رواد التعليم، فقد كان محباً للخير، داعياً إليه، موطَّأ الأكناف، دمث الأخلاق، واصلاً للرحم، محببا للقريب والبعيد، توفي بعد صراع مع مرض الكبد، منذ خمس سنين، واشتد عليه هذا العام، فكان نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً صابراً محتسباً، دائم البشر والترحيب بزائريه ومحبيه، منتصراً على المرض بايمانه بالله وثقته به، كان يأنس ويفرح بقراءة القرآن العظيم، حتى كأنه قد شفي تماماً مما أصابه، يتحامل على نفسه لأداء فرائض الله من الصلوات المباركات، وربما صلى في المسجد، ويفرح بذلك وينشط له، ويشكر من يدعو له بذلك، قلبه معلق بالمساجد، كأنك تدعو له بالشفاء، فسبحان من زيّن الإيمان في قلوب عباده وأحياهم بذكره، كما قال عز وجل: (أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)، وسبحان من أضل أقواماً عن ذكره فهم جيفٌ منتنةٌ وإن كانوا أصحاء الأبدان، فقلوبهم خاوية خالية كما قال صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت وأحسب أن الله قد أحسن خاتمة الفقيد وأحتسب ذلك عند الله بالشهادة فقد قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: ميتُ البطن شهيد . وكذلك كثير من اقاربنا يرحمهم الله وذلك لأن داء البطن عظيم الألم ينغِّص على صاحبه مأكله ومشربه ويحرق جوفه ويعطل سائر الجسم، فالله نسأل أن يجعل ما اصابهم تكفيراً للسيئات ورفعة للدرجات، فقد قال الحبيب عليه الصلاة والسلام: ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي الحديث الآخر: إن الله يكتب لعبده الدرجة العالية في الجنة، لا يبلغها بعمله، فيبتليه او فيصيبه البلاء حتى يبلغها . ولقد شهد جنازة الفقيد حشد هائل، فازدحمنا في الصلاة ثم في حمل نعشه ثم في دفنه، صفوف كلٌ يريد المشاركة، سقط قلمي أثناء الدفن، فإذا الذي يناولنيه فضيلة شيخنا العلامة الزاهد عبدالله بن جبرين متع الله به على طاعته الذي أبى إلا المشاركة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه لما قال ما وجبت، قال: هذا أثنيتم عليه خيراً، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الارض متفق عليه. حكم المهيمن في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً حتى يُرى خبراً من الأخبار طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذار والأكدار ومُكلِّف الأيام ضد طباعها متطلبٌ في الماء جذوة نار فالعيشُ نومٌ والمنيةُ يقظةٌ والمرءُ بينهما خيالٌ سار فاقضوا مآربكم عجالا إنما أعماركم سفرٌ من الأسفار ليس الزمانُ وإن حرصت مسالماً خلق الزمانُ عداوة الأحرار إني وترت بصارمٍ ذي رونقٍ أعددته لطلابة الأوتار والنفس إن رضيت بذلك أو أبت منقادة بأزمة المقدار أثني عليه بأثره ولو انه لم يُغتبط أثنيت بالآثار أبكيه ثم أقول معتذراً له وُفقت حين تركت أَلأَم دار جاورتُ أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجواري أخيراً عزائي لاخوانه وأبنائه وبناته وزوجته وأقاربه ومحبيه، جعل الله الجنة مثوانا وإياه وجمعنا في مستقر رحمته ودار كرامته. المهندس