نحن الآن في كل دول مجلس التعاون حين نتكلم عن تمكين المرأة ومساهمتها في البناء, نبحث عن دور لها في كل جانب من هويتها الفردية والمجتمعية. ودورها في تحقيق الاستقرار في هذه الحقبة المتأزمة أمنيا واقتصاديا ومجتمعيا واضح الأهمية. أعيد التأكيد: للمرأة كل حقوق المواطنة وعليها كل مسؤولياتها، وعليها في مجال الأمن دور مزدوج المسؤوليات كمواطن, وكامرأة. في كل دول الخليج تقوم المرأة بدور مهم في الأمن كموظفة. قد يكون دورها بسيطا كموظفة أمن في متجر، أو كموظفة تفتيش في المنافذ البرية والجوية. وقد يكون دورها قياديا، وبعض دول الخليج وظفت المرأة في كل قطاعات الأمن العام والخاص بكل المستويات. دور المرأة في الجانب الأمني الأول وظيفيا يأتي بمشاركتها فعليا كطاقة مؤهلة تقوم بدورها في الحراسة وفي أنظمة الدفاع, خاصة وحروب اليوم لا تعتمد على العضلات بقدر ما تعتمد على تسخير التقنيات الحديثة, وبالذات في مجالات المعلوماتية ولأبحاث, وتنسيق الخطط والعمليات. كما تنامى دور المرأة الموظفة في الحفاظ على الأمن المعلوماتي في مؤسسات رسمية حكومية, أو في القطاع الخاص كالبنوك والشركات والجهات المختلفة. وبالضرورة يصاحب ذلك تأهيلها ببرامج التدريب المطلوبة لفعاليتها وكفاءتها في العمل الوظيفي. وقد أسسنا لذلك بفتح محلات تعليم المرأة وتدريبها بعد نشر التعليم العام،حتى أصبح متقبلا في أعراف المجتمع القبلي المتوجس. ولكن تعليمها وثقافتها ووعيها له نفس الأهمية, أو ربما أكبر, في الجانب الثاني من دورها كمواطنة, وهو مسؤوليتها في تخفيف الشعور بالضغط المادي على الأسرة حين يحتاج تأمين مستوى حياة كريمة أن يكون هناك مصدران للدخل وليس معيلا واحدا. وأهم الأهم مسؤوليتها الأمنية عن التنشئة الصحيحة لأبنائها وبناتها بزرع الانتماء فيهم منذ الطفولة, وتثبيت معنى ومسؤوليات المواطنة, وتوضيح أهمية أمن الوطن واستقراره, لضمان حاضر سعيد ومستقبل يحتضن ويحمي ويحقق طموحاتهم في النجاح والسعادة وديمومة الاستقرار والنماء والإثمار. وهنا بيت القصيد: لا تستطيع الأم أن تغرس هذا الشعور بالانتماء في أبنائها, إن لم تكن هي تشعر به في أعماق أعماقها عبر شعور متبادل بالرضى عن موقعها كأنثى في معادلة المجتمع وقوانين المواطنة، حين الوطن أو المجتمع أو الأسرة لا يغمطون حقها لمجرد كونها أنثى. فلها حق خيار العمل والراتب المجزي وفرص التدريب والتنافس والترقية سواء في إطارها كفرد مواطن, أو في إطارها سليلة أسرة أو وريثة فئة مجتمعية. المواطن السوي المشاعر والطموحات, رجلا كان أو امرأة، لا يطلب المستحيل؛ فقط وببساطة يطلب العيش الكريم, وتكافوء الفرص, والاستقرار والأمن. بالنسبة للمرأة بالذات الأمن والاستقرار مسألة مصيرية فهي بفطرتها تطلب حماية موقع عشها, وتأمين مستقبل صغارها, وترغب في عش يسوده الرضا ودفء أمن الشعور بالانتماء.