كل ساعة تدق في زمن وطن ما تحمل مع دقاتها أحداثا وتطورات وتداعيات مصيرية تتنافس في الأهمية من منظور من يعايشها عن قرب في الشوارع والمنازل والمؤسسات المعنية، ومن منظور المراقب الذي يتابعها عن بعد, أو يحللها بوجهة نظرمؤطرة بتوجه خاص. وما يراه طرف ما مهما, ويركز عليه سلبا وإيجابا, قد يراه الآخر مجرد خطوة متوقعة في تاريخ التطور. كثيرة هي متغيرات ساحتنا مع دقات الساعة بعضها يفاجئنا حين لا ننتظره وبعضها نستبطئه ونجده متلكئا. وكل الحسابات نسبية. وفي إطار المستجدات السياسية واقتصادية والاجتماعية يتفق الغالبية منا معارضين أو مهللين أن موضوع الساعة بين كل المستجدات هو «تمكين المرأة» بقرار رسمي : بدءا بالسماح بمشاركة المرأة في مجلس الشورى، وإقرار حق المرأة في الترشيح والانتخاب في المجالس البلدية، اعتبارا من الدورة القادمة. موضوع مهم فعلا. ولكن معظم التغطيات من مصادر متعددة خارجية وداخلية لا تعدوكونها تغطية عاجلة للحدث إن لم تتعد ذلك لتصبح محاولة لتأطير الحدث من وجهة نظر مؤدلجة يُهمش من خلالها بتقديمه على أنه نتيجة ضغوط من الخارج أو الداخل، بأسلوب لا يتعدى استعراض الشعور الشخصي معارضا أو مهللا. في الحقيقة الحدث أهم من أن يسطح, حيث رسخ مبدأ ضرورة قيام المرأة بمسؤولياتها وواجباتها كمواطنة مما يفتح لها الباب لتطالب باستحقاقات المواطنة - لها ولغيرها- على المنبر الصحيح لا عبر الصراخ الجانبي. ومن المتوقع أن يتساءل البعض المدقق عن ماهية تلك المسؤوليات التي لا تعرفها من قبل ؟, ومدى سرعة انسجامها في العملية السياسية والتغيير؟ معروف أنه منذ بدأ استقرار المجتمع البشري اختصت الأنثى بمسؤوليات الولود الودود تقوم بها في إطار انتمائها الأسري, كأم تتولى تربية أطفالها, وربة منزل تدير شؤون منزلها، ويظل أنها خارج متوقعات هذا الانتماء الأسري المجتمعي هي أيضا إنسان فرد؛ ولدت بمواصفات ومواهب فردية قد تكون قدرات إبداعية, وقد تكون احتياجات خاصة. وهي بانتمائها لإطار أسري ومجتمعي وطبقي خاص قد يكون أتاح لها المجال لتحقيق قدراتها حتى أعلى درجات التخصص، وقد يكون قد حال دون تعليمها. وهي في كل الحالات مواطنة لها حقوق وعليها مسؤوليات المواطنة. يبقى أن الرغبة الصادقة في حضور المرأة بصورة فعالة في كل نواحي البناء الاجتماعي والاقتصادي والإبداعي موجودة ويؤكدها الجانبان: القيادة الواعية والمرأة المؤهلة. وهناك أيضا من يتحفظون ومن يترددون ومن يرفضون قطعيا لأسبابهم الخاصة رجالا ونساء. شخصيا, وأنا أتفهم تخوف بعض المجتمع من الجديد المقترح, كنت وما زلت مع اتخاذ قرار حاسم جازم, بعد دراسة كل حيثيات وتداعيات القرار، والمجتمع المتوجس المتخوف سيغير رأيه حين يرى النتائج, كما فعل مع قرار فتح باب تعليم المرأة قبل عقود. ولنبدأ بتوضيح أن العضوية النسائية في المجالس لا تعني الاقتصار فقط على القضايا الأنثوية, بل تعني المشاركة في بحث كل شؤون المجتمع والقضايا العامة. وهناك إشكالات لأوضاع مجتمعية قائمة ومستمرة أجزم أن الرؤية النسائية ستلقي عليها المزيد من الضوء، لاتخاذ توصيات لقرارات إيجابية بشأنها, خاصة وأن كل الأوضاع المجتمعية تشمل المرأة والرجل معا. فبعض الإجراءات والأوضاع القائمة يتضرر منها المواطنون من الجنسين سلبيا: مثل ما يعانيه ملاك المؤسسات أو الشركاء, أو الموظفون براتب وحقوق تأمين وسكن وتقاعد, والمراجعون للمؤسسات الحكومية, ومن يشملهم حق الحصول على الخدمات الرسمية في المؤسسات الحكومية الوزارية والخدمية والقضائية؛ ولكن المرأة بالذات تعاني من تكثف الإجراءات المعيقة لإنجازها. المرأة المواطنة حاضرة في كل مرحلة وموقع حياتي؛ من بدء المدرسة إلى سوق العمل إلى مشاكل السفر والنقل والكفالة الشخصية, بالإضافة إلى قضايا العلاقات الأسرية كالتعنيف والعضل والمرأة المعلقة، والمطلقة والمستلبة أموالها سواء في الإرث أو الشركات العائلية، والقضايا الأخرى التي هناك قوانين معروفة في حالتها وتصدر أحكام بحقها، ثم لا يتم تطبيق وتنفيذ تلك الأحكام في ممارسات الواقع... يتبع