خير ما يفتتح به الكلام على اللقافة والملقوفين قوله صلى الله عليه وسلم: (مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه). ومعنى هذا الحديث أن مما يدل على محاسن إسلام الإنسان، وكمال دينه أن يترك ما يهمه، ولايدخل في شأنه من التدخل في شؤون غيره، سواء بالقول أو الفعل، أو غيرهما، وأنه ينبغي له أن يقتصر على مافيه مصلحة له في دينه أو في دنياه. كما أن من معاني الحديث أن تدخل المرء في ما لايعنيه يعد قبيحاً غير حسن ؛ لأن في ذلك مضيعة للوقت، وإهداراً للجهد، وقد يكون ذلك سبباً في إحداث العداوة والبغضاء ؛ لأن كثيراً من الأشخاص يلحون على التدخل في الشؤون الخاصة جداً للآخرين، والسؤال عن أمور قد تكون محرجة، مما يضطر الآخرين إلى انتهارهم، وزجرهم، فيكون ذلك سبباً في إثارة الخصومات، والنزاعات. وقد يتسبب هذا المتفضل «الملقوف» في إحداث الخصومة والخلاف بين الزوجين، فإن بعضهم إذا دخل منزل صديقه أو أي قريبة بدأ ينتقد دهان البيت، وفرشة، وينتقد ألوان الستائر، وقد يكون ذلك اختيار أحد الزوجين، فإذا سمعا كلام هذا الملقوف حصل تلاوم بين الزوجين، وتنازع، بسبب الاختيار الذي انتقده هذا المتطفل. وقد يصل الأمر بالملقوف إلى التدخل في خصوصيات محرجة جداً، فتجده يسأل الرجل مراراً وتكراراً عن سبب عدم زواجه، وعندما لايحصل على إجابات يريدها، يسأل الرجل: هل أنت مريض؟ هل ذهبت إلى الطبيب للعلاج؟ وقد يقترح عليه بعض الأعشاب والأدوية الشعبية المقوية، وقد يتطور فيخترع أموراً من عنده، فيبدأ ينشر الإشاعات بأن فلاناً لم يتزوج ؛ لأنه مريض، وليس عند القدرة البدنية على الزواج، إلى غير ذلك. وعند النساء يكثر الكلام مثل: أجل بنتكم إلى الحين لم تخطب بعد؟ وبنت فلان وراها ماحملت؟ وش تنتظر خلها تكشف، وتراجع الطبيب الفلاني أو العيادة الفلانية، أو أم فلانه تراها جيدة في العلاجات الشعبية، وهكذا. وفي الختام أدعو كل من ابتلاه الله بهذا الداء المشين، داء التدخل في كل مالايعنيه، أن يراجع نفسه، ويتأمل جيداً قوله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه مالايعنيه).