أيتها الأنثى.. أنت خارطة العالم كله.. كل شيء يدعي منشأك.. كل شيء يدعي كينونتك.. كل القارات.. والمحيطات.. والجبال.. والبحيرات.. تدعي أنها طينتك وفصيلتك.. *** أنت كل الدول.. وكل الأعلام والرايات.. وكل الحضارات.. وكل الثقافات.. المدن والعواصم .. سرقت من قوامك.. تصاميم أبراجها وناطحاتها.. خصرك المنحني.. جسدك الكريستالي.. الزجاج المعشق في نوافذ عينيك.. ساقاك الفضيتان.. أقدامك الرخامية.. *** الأرياف والغابات ترتدي حذاءك العشبي.. الجداول تنساب من عهديك المتربعين كتمثال.... على مرج الأجاص والبرتقال. يتساقط من بين أصابعك الرمان الثلجي والفستق الأخضر.. تخرج الغيمات من تحت إبطيك.. تمطر ياقوتا وقوالب سكر.. *** الجزر والشواطئ.. تغازل رداءك البحري الصارخ.. سياح العالم يفترشون رمالك.. أشرعة القوارب تنزلق بين أمواجك.. قواقع وسرطانات البحر الشقية تختبئ بين أصابع قدميك المعقوفة.. *** البحار والمحيطات.. تدعي أنك سمكة ذهبية.. رقصت ذات يوم مع دلافينها.. وغرست في أفواه المحار اللآلئ.. طحالب البحر.. تطل من شرفتي عينيك الخضراوين.. والسمك الملون.. يتكاثر في شرايينك الفوسفورية *** الجبال تومض على تاج رأسك البلوري.. الهضاب تورق على صدرك الرحيب حشائشا موسمية. الأنهار المتعرجة تنداح على راحة يديك: ستة أنهار عالمية.. ستة وديان رملية.. ستة صحراوات شرقية.. *** الحضارات تتعارك.. لأجل الانتساب إلى تاريخ مولدك.. في بلاد الشرق ينسج الحرير من توت شفتيك.. وينبت القرنفل والغار في غابات شعرك.. النخل يهبك قوامك المتعجرف.. يطوق عنقك بقلائد البلح الأحمر والأصفر.. الشمس تشعل حرارة أنوثتك.. وأنهار الرمل تدلك نعومة جسدك.. *** في بلاد الزنج.. ينحت الذهب من جسدك.. يصقل الألماس من أظافرك.. تنضج الفواكه الاستوائية تحت جلدك.. وتربض كل الأسود المفترسة تحت سوطك الحاكم.. *** في بلاد الفرنج.. يخضر اللوار من عينيك.. وتتبرد الشواطئ بلهو قدميك.. ويغفو الضباب الوردي على خديك.. وتنضح كل العطور الباريسية من عرقك.. برج بيزا ينتظر توقف رقصك.. أجراس بيج بن تدق كلما تحركت ضفائرك.. وتماثيل روما تتعرى كلما اختبأ عن الوجود سحرك.. *** أنوثتك تشعل الحرب العالمية الثالثة.. فتتقاتل الشعوب والدول.. لامتلاك أقاليمك.. وضم بحورك وأنهارك.. فارحمي العالم من ظلمك.. يا امرأة.. تنتهك كل الحدود الجغرافية بأنوثتها ..