محمد الدعيع نجم حراس آسيا وعميد لاعبي العالم يستعد غداً الخميس لمغادرة المشهد الرياضي السعودي رسمياً بحفل اعتزال مهيب لا يقام عادة إلا للنجوم المتميزين من لاعبي الهلال.. تذكرت ما سبق أن أوصى به المدرب البرازيلي الشهير كندينو الهلاليين وهو يهم بمغادرة المملكة، حيث قال لسمو الأمير نواف بن محمد عضو شرف نادي الهلال «إن الحارس الدعيع فريق لوحده وحارس من النادر أن شاهدت مثله، وهو مصدر قوة عظمى لأي فريق محلي كبير يلتحق بصفوفه، ولو حصل وأن انتقل لأحد الأندية الكبرى المنافسة للهلال فإن شمس البطولات قد تغيب عقداً عنه لذا (والكلام لكندينو) فإنكم ياالهلاليين الآن أمام ثلاثة خيارات أما أن تبقوه في ناديه الأصلي الطائي فمعه لن يكون خطراً لا عليكم ولا على الفرق الأخرى أو أنكم تسعون جاهدين وبكل ما تملكون من مال وعلاقات مع نادي الطائي لضمه لصفوف الهلال وبأي مبلغ يطلبونه». وبالفعل كانت نصيحة ثمينة وقيمة قدرها الهلاليون آنذاك حق قدرها ووضعوا في حسبانهم أن الدعيع الصغير لابد أن يكون في كل الأحوال لاعباً في صفوف الأزرق متى ما فكر الطائيون في إطلاق سراحه أو هبطوا كما حصل للدرجة الأولى، فكانت بداية التخطيط لضم هذا الإخطبوط للكتيبة الزرقاء، هو القيام بخطوة ذكية تمثلت في ضم شقيقه عبدالله الذي وإن كان مكسباً لفريق الهلال إلا أن الهدف الأكبر من ضمه كان الشقيق الأصغر، وهي خطوة عكست آنذاك بعد نظر وحنكة الإدارة الهلالية وساهمت -بلاشك- في تسهيل عملية انتقاله للهلال رغم محاولة آخرين لنقله لصفوفهم.. وقد قام عبدالله بدون شك بالمساهمة بدعم جهود أعضاء شرف النادي المالية والإدارية حتى تحققت وأثمرت نتائج التخطيط الهلالي وأصبح محمد الدعيع لاعباً هلالياً ومعه بدأت حقبة جديدة من الإنجازات وعقد فريد من البطولات واستمرت شمس الذهب بإشراقتها وأقمار السماء بسطعتها، ولا غرابة في ذلك فهو فريق في لاعب ونجم له هيبة وحضور في المرمى، ولأول مرة يقلب النجم الكبير المعادلة فقد جرت العادة أن يخشى الحراس المهاجمين ويعملون حساب المتميزين منهم ولكن الدعيع «غير» فوجوده في المرمى يرهب المهاجمين ويشتت أفكارهم ويفقدهم التركيز وقد حدث في مباريات كثيرة أن وقف مثل الأسد الهصور في وجه فريق بأكمله وكون لوحده سداً منيعاً منح الهلال التميز والتفوق والصمود حتى تحققت الانتصارات وسطرت الملاحم وواصل الهلال سيرة الأبطال بجيل من النجوم ابتداء من حارس المرمى وانتهاء برأس الحربة. والأمل والملاعب الخضراء تودع غداً أسطورتها ونجم نجومها بمباراة تاريخية وأمام فريق كبير يليق بمكانة اللاعب وسمعته ومشواره الطويل الحافل.. أن تكون ليلة غير عادية بحضورها الجماهيري وبالتأكيد سيتحقق ذلك، فاللاعب المعتزل غير عادي والفريق الحاضر هو الآخر غير عادي.. لذا فالأمر لن يكون مجرد مباراة اعتزالية.. فالمناسبة ستتحول إلى كرنفال احتفالي وتظاهرة رياضية سيتجلى فيها الوفاء لنجم الإخلاص والعطاء.. ستهتف كل الحناجر لوداع الحارس الأميز الذي رغم وداعه الرسمي للملاعب.. إلا أنه سيظل حبه في القلوب وذكراه راسخة في العقول، فالتاريخ المشرف لا يُنسَى بسهولة.. وسيبقى الدعيع رغم الاعتزال امتداداً رائعاً في كل الأذهان وأغنية حالمة معبرة متكاملة يُطرب دائماً لها ولا يُمل سماعها. غدا ستقف كل الجماهير وقفة واحدة وستقول بصوت واحد وداعاً يا أسطورة الكرة الفريدة والظاهرة العجيبة.. ستخاطبه بكل ألقابه التي أطلقتها عليه وأحبتها فيه.. ستلقي نظرةً وداعيةً عليه وتحتفل معه بطلته الأخيرة في الملاعب.. ستقول له بلغة معبرة وصادقة وصادرة من القلب شكراً ياسيد الحراس وعميد لاعبي العالم وحامي العرين الأخصر والأزرق. في الغد أيضاً ستتجسد من جديد عظمة الهلال وزعامته وسيقدم الهلاليون صورة من صور التلاحم والتكاتف فيما بينهم وسيتجلى الوفاء المعتاد منهم في تكريم نجومهم المخلصين.. ويتأكد للجميع ومن جديد أن اللاعب الهلالي محظوظ بانتمائه لهذا الكيان الكبير الذي يحرص أعضاء شرفه بوقفتهم ودعمهم على مستقبل اللاعب بعد الاعتزال تماماً مثل حرصهم على حاضره حتى لو انتهت نجوميته وتلاشت خطورته وانطفأ لمعانه وبريقه. وأخيراً أقول إن هذه الليلة ستشهد إسدال الستار على مشوار كروي حافل للاعب تعجز الكلمات من كاتب هذه السطور أن توفيه حقه مهما طال المقال وتعددت الحروف والأرقام..!!