تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    سجن سعد الصغير 3 سنوات    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    فصل التوائم.. أطفال سفراء    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    ألوان الطيف    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله الحميد
تكريم عبدالكريم الجهيمان تكريم للأدباء
نشر في الجزيرة يوم 03 - 02 - 2001

للثقافة والتراث في أعماقنا ووجداننا حضور متواصل يجدده مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية كل عام، وللرواد الذين خدموا الوعي الثقافي والنسيج التراثي وأضاؤوا أبعاده حق علينا,, حق التقدير والوفاء نحو ما بذلوه من طاقات ورؤى واهتمامات تنبض بها هواجسهم المسكونة بالمسؤولية والانتماء لفكرهم ووطنهم وأمتهم، فلذلك استحقوا التكريم والتقدير, والأستاذ المفكر عبدالكريم الجهيمان احد اولئك الرواد الذين كانت لهم مبادراتهم واهتماماتهم المبكرة المتواصلة عبر مراحل العمر, وشخصية الأستاذ عبدالكريم من الشخصيات المعروفة بالتواضع والبعد عن الأضواء لانشغاله بأعماله الجادة المتواصلة في التثقيف والابداع، وقد وجدت ان من حقه علينا بعد ان استفدنا من عطائه ودأبه وعنايته الواعية، وتعلمنا منه الكثير من صور المعاناة والوصل والوفاء ان نعبر عن اصداء مشاعرنا نحو شخصه الكريم بهذه الورقة التي أعددتها بمناسبة تكريمه هذا العام وفيها من شهادات محبيه ومعاصريه ما يمكن ان يلقي الضوء على جوانب من شخصيته المرموقة.
* الأستاذ عبدالكريم الجهيمان نموذج من الاعلام الذين أسهموا في صياغة نسيج الفكر والابداع، وخدموا الوعي والثقافة والمجتمع.
وجدير بالتقدير والحضور كل من بذل جهده ووقته في التنمية والتوعية والتفكير والابتكار بالحكمة والرأي والتعامل الحضاري المشرق البناء.
* عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان واحد من اولئك الأساتذة الرواد المنتجين المتواصلين في القراءة والكتابة وتجدد العطاء الأدبي الواعي.
* في العدد الاول من مجلة الجزيرة الصادر في شهر ذي القعدة من عام 1379ه التي اصدرها الاستاذ الأديب عبدالله بن خميس، كان الأستاذ عبدالكريم الجهيمان احد اعمدة تلك المجلة حيث كان يكتب فيها وقد نُشر له في هذا العدد مقال بعنوان لماذا تخلف الشعر؟ وكان من كتّاب هذا العدد شخصيات أدبية فذة من اعلام الفكر والأدب منهم:
الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ.
الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ.
الأستاذ أحمد بن ابراهيم الغزاوي.
الأستاذ عبدالقدوس الانصاري.
الأستاذ أحمد السباعي.
الأستاذ احمد جمال.
الأستاذ محمد عمر توفيق.
الأستاذ أحمد فرح عقيلان.
الأستاذ مصطفى صادق الرافعي.
الأستاذ حمد الجاسر.
الأستاذ فهد المارك,, والشيخ عثمان الصالح.
* عُني الأستاذ عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان بالتراث الشعبي في الجزيرة العربية وتناول هموم الانسان وثقافته ووعيه، وضرورة الارتقاء باهتماماته.
* الأستاذ فهد العلي العريفي مدير عام مؤسسة اليمامة الصحفية يتحدث عن الأستاذ عبدالكريم الجهيمان فيقول:
(عندما اصدر شيخنا الكبير حمد الجاسر صحيفة اليمامة الاسبوعية كان الجهيمان في طليعة كتّابها، وكان محور اهتمامه ينصب على جانبين مهمين:
الأول: الجانب المتعلق بشؤون الوطن وشجونه واهتمامات المواطن وحقوقه وواجباته، مواقفه ورياداته الواجبة في ميدان الحياة، وتطلعاته الى الأمام ليواكب الحضارة المنطلقة في العالم المتحضر.
الثاني: الجانب العربي المتعلق بحرية الأمة العربية وكرامة المسلم ودعوته الصادقة الدائمة طوال ستين عاما من حياته المجيدة المثمرة بأن تكون وحدة بلادنا التي ناضل عبدالعزيز وكافح ومعه جمع من القادة والرواد في سبيل قيامها وصيانتها تكون بداية لوحدة عربية شاملة في جميع أقطار الأمة وأمصارها).
وعني الاستاذ عبدالكريم الجهيمان بأدب الطفل في صياغة القصص المناسبة للاطفال حيث أصدر سلسلة قصص تحت عنوان سلسلة مكتبة أشبال العرب عام 1399ه وقد استفاد من رحلاته وتأملاته في التوجه الى النشر والتأليف في زمن مبكر، حيث أصدر عشرة أجزاء من الأمثال والأساطير الشعبية عام 1383ه.
* وتقديراً لدور الأستاذ عبدالكريم الجهيمان في الحياة الثقافية والأدبية قام النادي الأدبي بالرياض بتخصيص أمسية أدبية له في اثنينية النادي اشترك فيها عدد من الأساتذة والأدباء,, أدار تلك الندوة الدكتور سعد البازعي وكان ذلك بتاريخ 21/7/1417ه.
* الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة عضو مجلس الشورى تناول التجربة الابداعية لدى الاستاذ عبدالكريم الجهيمان في مقالة كتبها بمناسبة صدور كتاب ابي سهيل بعنوان رسائل لها تاريخ نشرت بجريدة الجزيرة في 6 رمضان 1418ه استعرض فيها نشاطه الأدبي ومؤلفاته ذات الموضوعات المتنوعة فقال عنه: عبدالكريم الجهيمان رائد من رواد الثقافة في المملكة فارس من فرسان الكلمة الواضحة الصريحة وباحث ميز نفسه بطرقه لفن لم يطرقه احد قبله ولا اعتقد ان أحدا طرقه غيره من بعده وأعني بذلك كتابه الذائع الصيت أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب .
* كما تناول الأستاذ الدكتور نذير العظمة تجربة أبي سهيل في الأدب الشعبي من خلال قراءة نقدية لكتابه أساطير شعبية من قلب الجزيرة العربية .
* وأصدر الأستاذ ناصر بن محمد الحميدي مؤلفا بعنوان رحلة ابي سهيل تضمنت قراءة في حياة الاديب عبدالكريم الجهيمان وأدبه صدر عام 1413ه وقدم له الاستاذ فهد العريفي.
* وللأسطورة في أدب الأستاذ عبدالكريم الجهيمان مساحة ذات أهمية قصوى في ذاكرته ووجدانه.
عن هذا التوجه يحدثنا مدير ادارة النشر بمكتبة الملك فهد الوطنية الأستاذ عبدالله محمد حسين فيقول (1) :
عبدالكريم الجهيمان ذاكرة الوطن ذات المخزون الكبير الذي تراكم خلال 90 عاما هذه الذاكرة تمتاز بقدرة تلقائية على التداعي، فهو عندما يتذكر حكاية او حادثة يتذكر معها كل ما يخدمها من مثل او قول او شعر من الشعر الشعبي او الشعر الفصيح، مما يتميز به هذا الرجل هو فن الاصغاء، حيث يمنح حضوره الذهني كليا لمن يحدثه، لا يقاطع ولا تظهر عليه ملامح السأم او نفاذ الصبر، وأعتقد ان هذه القدرة احد الأسباب لثراء مخزون ذاكرته من الأمثال والحكايات التي ضمنها كتبه.
يقترن فن الاصغاء عند عبدالكريم ايضا بديمقراطية الحوار عنده، فهو يحترم رأي محدثه، يعلن رأيه وموقفه صريحا بهدوء ويترك لك الخيار ان تقبل او لا تقبل, لم اره مرة يلجأ الى الضجيج او يستعين بشيخوخته في فرض رأيه هذا ما يتعلق بذاكرته.
أما عبدالكريم بشكل عام فهو مسيرة من العطاء المتواصل المتعددة الوجوه فهو كما نعرف بدأ حياته بالتدريس بعد ان انهى تعليمه في المعهد العلمي بدأ في مكة المكرمة في مدرسة المعلا ثم حين جاء الى نجد ذهب الى الخرج ليؤسس مدرسة في الخرج ثم انتقل للرياض ليدرس في مدرسة ولي العهد آنذاك الامير سعود بن عبدالعزيز بعدها صار مدرسا في مدرسة انجال الامير عبدالله بن عبدالرحمن لمدة خمس سنوات، بالاضافة الى ذلك عمل مفتشا في التربية والتعليم, هذه مسيرته في التربية والتعليم اما عبدالكريم الصحفي فهو رائد كبير في الوطن، عمل في الصحافة منذ كان طالبا كان يمد الصحف الحجازية بما يكتب شعرا ونثرا وهو رائد ايضا لأنه اول من أسس او هو المؤسس لأول جريدة في المنطقة الشرقية اخبار الظهران بالاضافة الى انه صحفي أشرف على صحيفة القصيم, له اسهاماته ايضا في جريدة اليمامة مع زميله حمد الجاسر.
عندما ننظر الى نشاطه الصحفي نجد ان مقالاته كرسها الى الهموم الاجتماعية، قضايا الوطن، الدفع بعجلة التعليم, كان يركز كثيرا على التعليم المهني لحاجة البلد آنذاك ولم يقتصر عبدالكريم الجهيمان علىالهموم الوطنية بل تجاوزها لهموم الوطن الاوسع الأمة العربية ايضا عرفنا عبدالكريم الجهيمان رحالة قام بعدة رحلات منها دورة مع الشمس دار فيها على كثير من بلدان اوروبا وامريكا وآسيا حتى وصل لليابان والصين، رحلة ثانية انجزها في شمال افريقيا بالسيارة انطلق من القاهرة الى طنجة زار فيها الدول العربية في شمال افريقيا وهو ما زال الآن رغم بلوغه التسعين يعشق السفر رغم الشيخوخة لم تقعده خاصة انه وجد اناسا طيبين حوله يسافر معهم.
اما اسهامات عبدالكريم فهي في الموروث الشعبي وأبرزها ما قدمه للمكتبة المحلية والعربية بشكل عام من ثروة هائلة من الامثال والقصص الشعبي بلغت عشرة مجلدات من امثال حوت تقريبا على ما يزيد على ستة آلاف مثل، خمسة مجلدات من القصص الشعبي تضمنت ما يزيد ايضا على 180 حكاية, هذه الثروة الهائلة نجد فيها بالتحديد الاستاذ عبدالكريم رجلا يهتم بالموروث وكان قلقا عليه من هجمة وسائل العصر الترفيهية.
وبفضل جهوده ومساعيه الحثيثة جمع لنا هذه الثروة الطائلة والتي كانت مهددة بالفقدان، كرس لها من عمره ما يقارب ثلاثين عاما يجمع بطرقه البسيطة والبدائية حيث كان يجمعها من افواه الناس وينقح ويطبع ويوثقها للاستفادة من هذه الثروة, والكلام عن هذه الثروة يطول ويكفي ان نسجل بعض الكلمات الهامة عنها فهي سجل تاريخي غني بالتفاصيل عن الحياة في وسط الجزيرة.
أنا توجهت لها من هذا الاتجاه عندما كنت اهتم بمعرفة بدايات التفكير في مجتمع وسط الجزيرة من خلال هذا الموروث تعرفت على انماط النشاط الاقتصادي او الانشطة الاقتصادية السائدة وأنماطها المختلفة من رعي وزراعة وتجارة وغيرها ايضا التمست فيها الحياة الاجتماعية والعلاقات التي كانت تقوم على الانماط الاقتصادية وأيضا الانظمة السياسية.
ايضا هذا الموروث يسد جانبا كبيرا من نقص المصادر التاريخية التي تواجه دارس التاريخ لهذه المنطقة وهي كموروث شعبي او فلكلور يعتمد عليه اعتمادا كليا للدراسات الانثربولوجية الضرورية خاصة لغياب التنقيبات الأثرية بشكل عام التي ما زالت في بداياتها فالموروث الشعبي ايضا يسد هذا الفراغ.
هذه الثروة ترد على ما يشاع بأن هذه المنطقة لم تعرف الاسطورة مثل سائر المناطق الاخرى حولها, وهنا لابد ان نؤكد نقطة لمن يتعذر عليه ان يصدق هذه الدعوة بأنه لم يعرف في الجزيرة من يعرف الأسطورة او الحكاية الشعبية او الخرافة خاصة اننا نعرف وادي الرافدين ووادي النيل وجنوب الجزيرة وشمالها كانت موطنا خصبا للأساطير والحكايات الخرافية ويتعذر علينا ان نصدق من خلال هذا الموروث الذي جمعه عبدالكريم الجهيمان ان نؤكد هذا المنطلق انه هذا الشعب الذي في وسط الجزيرة ايضا امتلك كما امتلك غيره من الشعوب ثروتهم في الموروث الشعبي او الاسطورة التي يؤكد وجودها ما جمعه عبدالكريم الجهيمان رغم ان الاسطورة في هذا المعنى قليلة جدا او كبقايا اسطورية مما جمعه عبدالكريم الجهيمان.
هنا نشير الى ان عبدالكريم كان يعي اشياء جد متقدمة في فهم الموروث الشعبي فهو يرى انها لا تقل قيمة عن التاريخ الموثق وأنها سواء كانت مثلا او حكاية كمصدر تاريخي ويستفاد منها في توثيق التاريخ وهذا الكلام يلتقي فيه مع كلود ليفي شتراوس الذي يرى ان الحكاية والخرافة تاريخ غير موثق او وثيقة غير مدونة, ايضا لعبدالكريم نظرة في هذا الموضوع وهو ان الظروف المشابهة تنتج حكاية مشابهة مستقلة عن الاخرى، وهذا هنا يؤكد ان شعب الجزيرة واجهتهم ظروف كما واجهت الشعوب الاخرى فبالتالي لابد ان يكون عندهم اسطورتهم وحكاياتهم كما نرى الآن مثلا ان شعوب استراليا قديما امتلكت الحكاية المشابهة الى الحكاية الموجودة عند شعب الهنود الحمر في الامازون او في شمال امريكا وبالتالي هذه تؤكد استقلالية كل شعب ينتج ابداعه الخاص عندما تواجه مخيلته ظروف مشابهة.
وهذا يؤكد عكس ما يقال ان مصدر الحكايات الهند وأنها هاجرت من الهند للعالم, ايضا عبدالكريم الجهيمان لم ينف هجرة الحكاية، بل قال ان كل منطقة ممكن ان تصدر وهذا رأي آخر له الى مناطق مجاورة وهذا ما نرى ايضا في حكاياته حيث نجد فيها آثار مناطق اخرى.
وأريد ان اؤكد ان عبدالكريم الجهيمان ان هذا الموروث الذي كرس له الجهد وراح يجمع وسائله البسيطة لم يعتمد على مصادر مكتوبة قبله، بل من افواه الناس ومن علاقاته المباشرة بهم ولم يستفد من وسائل العصر من التسجيل والاتصال او الفاكس بل جمعها بطرق الاتصال الشخصي وقدم هذا العمل الكبير الذي عادة تقوم به مؤسسات وهيئات مختصة.
ومن هنا ينبغي ان نقدر ونثمن عاليا هذا الجهد وأن الاشادة بهذا الجهد من خلال وسائل الاعلام واسهامات عبدالكريم خلال وسائل الاعلام والصحافة والاذاعة وغيرها ينبغي ان يتجاوزه للسعي لتأسيس هيئة او معهد او قسم في الجامعة لدراسات الموروث لهذا الرائد الذي سيبقى في ذاكرة الوطن وعلينا ان نواصل ذلك, شيء مفرح الآن في البلد جهات كثيرة كدارة الملك عبدالعزيز يهتمون بالموروث الشعبي من خلال تسجيل الرجال الذين ساهموا مع الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة وأيضا الجنادرية وأيضا مكتبة الملك فهد الآن تهتم بالتاريخ الشعبي للحركة التعليمية والثقافية في البلد، هناك أيضا مؤسسات خاصة.
فاعتقد هذه الجهود لابد انها تصب في النهاية في الجهد الذي وضعه ابو سهيل وسبقهم، المفروض يؤخذ بعين الاعتبار هذه الريادة وتقدر.
* والاستاذ عبدالكريم الجهيمان من مواليد غسلة احدى قرى الوشم بشقراء وقد تلقى تعليمه الاولي في كتاب القرية حتى ختم القرآن الكريم ثم انتقل مع والده الى الرياض ليواصل تعليمه حيث تلقى مبادىء النحو على سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم وتعلم الفرائض لدى الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم رحمهم الله ثم انتقل الى مكة لتلقي العلم لدى مشائخ الحرم المكي الشريف ثم التحق بالمعهد العلمي السعودي في مكة فنال شهادته بعد ثلاث سنوات من الدراسة وكان ذلك سنة 1351ه.
* عمل الأستاذ عبدالكريم الجهيمان في حقل التعليم بمكة المكرمة ثم الخرج ثم انتقل الى الرياض للتعليم بمعهد الانجال معهد العاصمة النموذجي حاليا .
* وعمل ابو سهيل في الصحافة والنشر والكتابة فقد كان يكتب القصة والشعر والمقالة والنقد الاجتماعي وقد افتتح كتابه دخان ولهب بأبيات شعرية معبرة عن فلسفته:
رسم يمثل جسمي في ظواهره
ويغفل الروح لم يرسم لها ثرا
فليت ما كان مستوراً بدا علنا
وليت ما كان يبدو عاد مستترا
ففي فؤادي من الايام مختبر
ان شئته عجراً او شئته بجرا
* القاص الراوي الأستاذ عبدالعزيز بن صالح المشري احد المعجبين بشخصية ابي سهيل وطموحه ومواهبه المتنوعة,, يتحدث عن هواجسه نحوه ورأيه في هذه الشخصية الفذة من خلال قراءاته له ومتابعته فيقول (2) .
الأستاذ عبدالكريم الجهيمان هو نخلة باسقة في هذا الوطن ولا يمكن ان نعتبرها مجردة من أي محتوى مثمر، فهي مثمرة بكل ما فيها، لقد استطاع عبر الزمان وهو أب كبير لنا جميعا ان يكتب كثيرا في مسائل الامثال الشعبية او الموروث الشعبي الشفهي يمكن هو الوحيد في المملكة الذي استطاع ان يسجل هذه الأشياء وجدير ان يكون له الاحترام حول هذه المسألة التي لم ننتبه لها في ابداعاتنا وكتاباتنا الا فيما بعد.
وكتابه المشهور الأمثال من قلب الجزيرة العربية هو عبارة عن عشرة مجلدات تقريبا يكاد يحوي الكثير من الاشياء التي لم يسجلها احد غيره وأعتقد ان هذا دور غير عادي لأنه ما لم ينتبه لهذه الاشياء فسوف تندثر مع الزمن مع التحولات الحاصلة التي نحن مع الزمن نسيناها للأسف وبدأنا بشكل او آخر تأخذنا الحياة نحو ايقاع آخر الذي هو الايجاد بشكل مجاني وأتوماتيكي من الحياة الشعبية، وهي لم تأت من الفراغ بل اتت عقب تراكم زمني طويل وتغييرات اجتماعية طويلة فاتجهنا نحو الاستهلاك فهذا ايقاع الحياة التي نعيشها الآن, وهو مرجع ليس سهلا كتبه عبدالكريم الجهيمان وهو الآن في سن متقدمة اطال الله عمره لم يفكر ابدا في يوم من الايام الا ان يعطي ويكتب باستمرار كتب في قصة الطفل كتب كثيرا مما يشبه الدراسات الموثقة التي لها علاقة بالموروث بشكل عام هو رجل يعيش عصره ويقدم شهادات تاريخية انسانية مسؤولة لها كثير من الاحترام ليس على مستوى جيلنا ربما على مستوى الاجيال القادمة اكثر وأكثر لا املك الا ان اقدم كل احترام وباسم كل الادباء والثقافة في المملكة ليس بالنيابة عن احد وإنما هذا ما ارجو ان يكون لأنها هي الحقيقة التي تفرض نفسها لهذه القامة الطويلة المحترمة في كرمها ولطفها وتعاملها في انسانيتها هو يحمل كل هذه الاشياء ويتعامل مع الكبير والصغير وكأنه نده وعلينا ان نهتم بما كتبه هذا الرجل وبالاعتراف بهذا المخزون الطويل الذي وضع بصماته في تاريخ الكتابة.
***
وفي ختام هذه الورقة عن الاستاذ عبدالكريم الجهيمان لابد ان نشكر جهود الحرس الوطني على مبادراته الفضلى في تكريم المبدعين ونطمح الى ان يشمل التكريم عددا اكبر من النماذج العلمية والأدبية كل عام في هذا المهرجان وفي غيره من القنوات الثقافية والأدبية وفاء لما تقدمه الكواكب المضيئة من جهود وأعمال تستأهل بحق التكريم والتقدير لقاء اهتمامها بمعاناة امتها ووعي مجتمعها وثقافة الانسان في هذه الحياة, والله الموفق.
(1) حديث مسجل لبرنامج (رجال في الذاكرة) بإذاعة الرياض عام 1418ه
(2) حديث مسجل معه لبرنامج (رجال في الذاكرة) بإذاعة الرياض عام 1419ه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.