شطبت الولاياتالمتحدةكوبا من لائحة الدول المتهمة بدعم الإرهاب في خطوة أساسية تمهد الطريق لتبادل السفراء قريباً. وهذا القرار الذي كان منتظراً منذ أن أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما تأييده في منتصف نيسان (أبريل) الماضي، يشكل منعطفاً في التقارب بين الولاياتالمتحدةوكوبا بعد أكثر من نصف قرن من التوتر. وقبل أسبوعين، قال الرئيس الكوبي راوول كاسترو في شكل واضح إن هذا "الاتهام" سيرفع وإنه سيتم تعيين سفيرين في البلدين، مضيفاً أن "الأمور تتقدم في شكل جيد وبالوتيرة التي نريدها بالتأكيد". وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية جيفري راثكي في بيان إن "وزير الخارجية جون كيري اتخذ قراراً نهائياً بإلغاء اعتبار كوبا دولة داعمة للإرهاب، على أن يصبح هذا القرار نافذاً ابتداءً من اليوم التاسع والعشرين من أيار (مايو) الجاري". وأضافت الخارجية الأميركية في بيانها أن "هذا الإلغاء هو انعكاس لتقييمنا بأن كوبا التزمت بالمعايير "المطلوبة" مع أنه لا تزال لدى الولاياتالمتحدة الكثير من الاعتراضات ومظاهر القلق إزاء قسم كبير من سياسات كوبا". وكانت كوبا مدرجة على هذه اللائحة السوداء منذ العام 1982 إلى جانب سورية والسودان وإيران. وقررت إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريغان وضعها على هذه اللائحة بعد أن اتهمها بدعم الانفصاليين الباسك في إسبانيا، ومتمردي "القوات المسلحة الثورية" الكولومبية (فارك). وجاء هذا الاختراق بالنسبة لكوبا بعد إجراءات قانونية طويلة في الولاياتالمتحدة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس. وقدّم الرئيس الأميركي إلى البرلمانيين اقتراحه شطب كوبا من اللائحة السوداء في 14 نيسان الماضي، وكان لديهم 45 يوماً، أي حتى أمس (الجمعة)، لإعلان معارضتهم. وعبر عدد من "الجمهوريين" عن معارضتهم. وقال رئيس مجلس النواب جون باينر إن إدارة أوباما "منحت نظام كاسترو انتصاراً سياسياً كبيراً من دون أن تحصل على شيء في المقابل". من جهته، دان المرشح المحتمل للاقتراع الرئاسي الذي سيجرى في العام 2016 جيب بوش "التنازلات الأحادية" إلى نظام "يواصل حرمان الكوبيين من أبسط حقوق الإنسان". ورفض البيت الأبيض الذي تحدث من جديد عن رحلة محتملة للرئيس الأميركي إلى كوبا، الإشارة إلى برنامج زمني لإعادة فتح سفارتي البلدين. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش أرنست إنه "ما زالت هناك قضايا" عالقة، مشيراص إلى الحدود التي قد تفرض على الديبلوماسيين الأميركيين في كوبا. وأضاف "نريد التأكد من أن ديبلوماسيينا لديهم إمكانية العمل. الأمر لا يتعلق بمقابلة مسؤولين حكوميين فقط لكن مواطنين أيضاً، بما في ذلك الذين لا يدعمون كل القرارات". وبدت ردود الفعل على هذا الإعلان متفاوتة في مياميالمدينة الواقعة في جنوبفلوريدا على بعد أقل من 400 كيلومتر من هافانا ويعيش فيها حوالى نصف المتحدرين من كوبا الذين يقيمون في الولاياتالمتحدة ويبلغ عددهم نحو مليونين. فبعض ممثلي الموجة الأولى من المهاجرين الذين يوصفون بالمهاجرين "السياسيين" مع اندلاع الثورة، ما زالوا يعارضون بشدة أي تقارب مع هافانا. لكن المهاجرين الأحدث الذين انتقلوا إلى الولاياتالمتحدة لأسباب اقتصادية عبروا عن ارتياحهم لهذا الانفراج. وقالت اريوشا فرنانديز ميناس في حانة يرتادها المهاجرون الكوبيون في ميامي إن "ذلك سيجلب مكاسب اقتصادية" لكوبا التي "ستعرف فعلياً ما هي الديموقراطية". لكن كارلوس بيكازو (70 عاماً) لا يوافقها الرأي. وقال إن "أوباما يعطي الكثير وهم لا يعطون شيئاً". وبات استئناف العلاقات الديبلوماسية قريباً جداً لكن مشكلة الحظر الشائكة ما زالت قائمة. من جهة أخرى، رحب بعض الكوبيين في هافانا بإنهاء هذا الإجراء لكنهم أشاروا إلى الطريق الطويل الذي يجب قطعه قبل تطبيع كامل. وقال ايزيكيال بالاسيوث الذي يرافق سياحاً في البلدة القديمة من العاصمة الكوبية "ما كان يجب أن ندرج" على اللائحة السوداء "لذلك أعتقد أنها خطوة مهمة جداً". أما فرناندو مارتينيز (75 عاماً) فرأى أنه "ما زال هناك الكثير من القضايا التي يجب التفاوض حولها" مثل "مشكلة قاعدة غوانتانامو البحرية الأميركية" والحظر. والحظر الذي فرض في شباط (فبراير) 1962 وتم تشديده بقانون "هيلمز بورتون" في العام 1996 فرض على كل الصفقات الاقتصادية والمالية مع كوبا. وتدين هافانا هذا الحظر معتبرة أنه عقبة في طريق تطوير الجزيرة. وحذر الرئيس كاسترو من أن تعيين سفراء سيسمح بتحسين العلاقات بين البلدين لكن "التطبيع موضوع آخر". وطلب أوباما من الكونغرس الذي يسيطر خصومه "الجمهوريون" على مجلسيه العمل من أجل رفع الحظر. لكن نتيجة المفاوضات الجارية غير مؤكدة والعملية التشريعية تبدو طويلة.