تواصلت الغارات والمعارك الدامية في اليمن أمس، وقالت مصادر يمنية إن اشتباكات متقطعة وقعت في عدن بين ميليشيا الحوثيين والمقاتلين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي، غداة دعوة الرئيس السابق على عبدالله صالح المتمردين الشيعة للانسحاب من المناطق التي يسيطرون عليها بغية استئناف عملية الحوار. وأكد مسؤولون محليون أن عشرات الأشخاص قتلوا أمس في جنوب اليمن في المعارك، فيما أوضح مسؤول أن أربعة مقاتلين موالين لهادي على الأقل وستة متمردين قتلوا في المواجهات التي جرت فجر أمس في الضالع الواقعة شمال مرفأ عدن، كما قُتل ثمانية متمردين في كمين. وصرح مسؤول محلي آخر بأن مقاتلين موالين للرئيس هادي قتلوا تسعة متمردين في هجوم بقذائف مضادة للدروع في مدينة لودر. وجرت معارك في عدن ثانية مدن البلاد، حيث استهدفت غارات جوية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية مواقع للمتمردين في ليلة الجمعة- السبت. وقتل 46 متمرداً في المعارك المستمرة في عدن كبرى مدن الجنوب، وفق مصدر عسكري مقرب من المتمردين. وفي محافظة لحج شمال عدن، قصفت طائرات التحالف قاعدة العند العسكرية التي كان يتمركز فيها عسكريون أميركيون قبل إجلائهم بسبب النزاع وسيطرة الحوثيين عليها. وقال ضباط وشهود عيان إن معارك وقعت في محافظة مأرب (شرق) حيث تشهد مدينة صرواح خصوصاً معارك عنيفة أدت إلى مقتل العشرات. وأكدت مصادر أن التحالف الذي تقوده السعودية بهدف إعادة هادي إلى السلطة في اليمن شن ضربات جوية عنيفة خلال الليل على أهداف للحوثيين في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج. وكان الرئيس السابق علي عبد الله صالح أصدر بياناً دعا فيه اليمنيين جميعاً إلى العودة للحوار السياسي لإنهاء الصراع في اليمن. وقال إن الحوار بين اليمن والسعودية ينبغي أن يتم بوساطة من الأممالمتحدة في جنيف. وأضاف صالح في البيان الذي أرسل بالبريد الإلكتروني «نداء إلى كل الأطراف المتصارعة في جميع المحافظات أن يوقفوا الاقتتال ويعودوا إلى الحوار في المحافظات». وزاد أنه على استعداد للتصالح مع كل الأطراف التي عارضته منذ عام 2011، قائلاً «سأتجاوز وأتسامح عن الجميع لمصلحة الوطن». كما دعا كل المتشددين وتنظيم «القاعدة» وأنصار هادي المسلحين إلى الانسحاب من عدن وتسليم السلطة للجيش والسلطات المحلية. وحث صالح الحوثيين على قبول قرار مجلس الأمن الدولي الصادر يوم 13 نيسان (أبريل) والذي دعاهم إلى إلقاء أسلحتهم ومغادرة المدن التي سيطروا عليها بعد أن توقف السعودية غاراتها في اليمن. لكن محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي للميليشيا الحوثية التي تسمي نفسها «أنصار الله»، قال لرويترز في اتصال هاتفي إن قرار مجلس الأمن منحاز وغير عملي، خصوصاً في ما يتعلق بإلقاء السلاح والانسحاب من المدن. ويقول حوثيون إن إلقاء السلاح والانسحاب من المدن سيجعل فرع «القاعدة» في اليمن يملأ الفراغ. واعتبر البخيتي دعوة صالح للحوثيين لتطبيق قرار مجلس الأمن دليلاً على عدم وجود تحالف بينه وبين الحوثيين. وفي الوقت ذاته، نفى البخيتي أن يكون الحوثيون أطلقوا سراح وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي وناصر شقيق هادي، اللذين قادا مقاتلين في عدن. وقال إنهما أسيرا حرب وإنهما سيطلق سراحهما عندما يتوقف القتال. إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن على الحوثيين وقف القتال ليتسنى للسعودية وقف القصف، وكذلك ليبدأ الحوار السياسي. وأضاف في مؤتمر صحافي في كندا: «يجب ضمان أن يقبل الحوثيون ومن يمكن أن يكون لهم تأثير عليهم، التحرك إلى مائدة المفاوضات». وفي واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إن أسطولاً إيرانياً يضم تسع سفن حربية وبضائع يخشى مسؤولون أميركيون أن تكون فيه أسلحة للحوثيين، أبحر صوب الشمال الشرقي باتجاه إيران. وأضاف أن من شأن ذلك تخفيف مخاوف الأميركيين. ومع ذلك، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن أحد قادة سلاح البحرية الإيراني الأميرال حبيب الله سياري قوله أمس، إن الأسطول الإيراني لا يزال يقوم بمهمته في خليج عدن. وذكّر كيري بأن المملكة العربية السعودية أعلنت الانتقال في عمليتها العسكرية في اليمن إلى المرحلة الإنسانية، ولفت الوزير الأميركي إلى أن الأممالمتحدة عيّنت مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، وأن طرفي النزاع جاهزان على ما يبدو للعودة إلى طاولة الحوار. وقال إن «الأمر الأساسي الآن هو الانطلاق وبدء المفاوضات في أسرع وقت ممكن، لأن التوصل إلى حل سياسي أمر ضروري للغاية». وشدد كيري على أن مدنيين أبرياء عالقون في النزاع الدائر في اليمن وأن تخفيف معاناتهم يعتبر «أولوية قصوى». وأضاف: «نأمل أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من التهدئة وأن نتمكن من الوصول إلى مكان يمكن فيه إجراء مفاوضات».