يتطلب تعزيز الاستثمار المؤسسي والاستثمار الطويل الأجل والاستثمار الأجنبي المؤسسي في البورصات رفع مستوى الإفصاح والشفافية لدى الشركات صاحبة الأسهم المدرجة والتركيز على جودة التقارير المالية وجودة الإفصاح لديها من أجل تسهيل عملية احتساب الأسعار العادلة للأسهم وبالتالي ترشيد قرارات المستثمرين. وثمة أهمية للتركيز على التوقيت المناسب للإفصاح فالتباطؤ في نشر المعلومات المهمة والجوهرية والتقارير المالية يخلق بيئة خصبة للإشاعات ويساهم في استغلال المعلومات الداخلية غير المفصح عنها من قبل المطلعين، وهذا يتنافى مع مبدأ عدالة الحصول على المعلومات وعدم احتكارها من قبل أي طرف. ويشجع الإسراع بالإفصاح الطلب ويرفع مستوى الثقة ويخفض الأخطار ما يساهم في اتساع قاعدة المستثمرين وزيادة تدفقاتهم النقدية ويرفع مستوى كفاءة الأسواق ويزيد عمقها. ومما يلفت الانتباه في الإمارات أن عدداً مهماً من الشركات القيادية والتي تستحوذ أسهمها على حصة مهمة من تداولات الأسواق لم تفصح حتى تاريخه عن نتائجها المالية، سواء السنوية أو المتعلقة بالربع الأخير من العام الماضي، إضافة إلى عدم الإفصاح عن توزيعاتها السنوية، من دون وجود مبررات موضوعية لهذا التأخير، ما خلق فرصة لكبار المضاربين لترويج إشاعات مختلفة تستهدف توجيه الطلب أو العرض إلى أسهمها من أجل تحقيق مكاسب سريعة. والظروف التي يمر بها الاقتصاد الوطني في أي بلد وقطاعاته الاقتصادية المختلفة إضافة إلى النشاط الاستثنائي للأسواق المالية تتطلب الجودة في الإفصاح لجهة توفير كل المعلومات والبيانات والمؤشرات والتوضيحات التي تساعد المساهمين والمستثمرين المحتملين في احتساب الأسعار العادلة، فما زالت مؤشرات السيولة والتدفقات النقدية وقيمة الديون ومواعيد استحقاقها والقدرة على تسديد هذه الديون موضع اهتمام الاستثمار المؤسسي والأجنبي، إضافة إلى الأهمية التي يعلقها هذا الاستثمار على معرفة المعايير والأسس والأطراف التي اعتُمد عليها في تقويم الأصول وفي مقدمها الأراضي والعقارات الجاهزة، خصوصاً خلال هذه الفترة التي يشهد فيها القطاع العقاري انتعاشاً ملحوظاً. وتساهم حيادية ومصداقية التقويم في عدم تضخيم الأرباح ومصادر ربحية الشركات، إن كانت تشغيلية أو استثمارية أو استثنائية، فهي تؤدي دوراً مهماً في احتساب الأسعار العادلة. ولا بد من توضيح البنوك لقيمة المخصصات التي اقتطعتها من أرباحها للتأكد من جودة الأصول وجودة الأرباح. وثمة أهمية للثقة في المعلومات والثقة في الجهات التي أعدتها لاتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة، ولا بد كذلك من تبسيط المعلومات المنشورة، سواء التقارير المالية أو غيرها من المعلومات الجوهرية حتى تتمكن كل شرائح المستثمرين من فهمها والاستفادة منها في ظل التفاوت في الوعي والثقافة المالية والاستثمارية، ما يساهم في ترشيد قراراتهم الاستثمارية. ويبرر تداول أسهم الشركات دون سعرها العادل استمرارية ارتفاع الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار والعكس صحيح عندما ترتفع الأسعار فوق قيمتها العادلة فيصبح التصحيح منطقياً وضرورياً لالتقاط الأنفاس ومنع نشوء فقاعة لا يمكن تصحيحها إلا من خلال هبوط أكثر حدة وأكبر خطراً، كما أن التصحيح يساهم في منح فرصة للسيولة الجديدة للدخول فتصبح الأسعار أكثر واقعية. والأسواق الإماراتية كما هي الحال في معظم أسواق المنطقة تعاني ضعف التقارير والتحليلات والتوصيات والتوقعات والتقييمات والأسعار العادلة سواء الصادرة عن مؤسسات بحوث أو مؤسسات استثمارية ومالية محلية أو إقليمية أو عالمية لمساعدة المستثمرين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية مقارنة بالتقارير الضخمة التي تصدرها الجهات الاستثمارية في الدول المتقدمة والتي تغطي الشركات المدرجة في الأسواق العالمية والتي تسهل عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية بناء على تحليلات وتوصيات وتوقعات تتمتع بالمصداقية وهذا بالطبع يرفع كفاءة هذه الأسواق ويخفض أخطارها. * مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»