بدأت الشركات المساهمة المدرجة في المنطقة بالإفصاح عن بياناتها المالية ونتائج أعمالها عن العام الماضي. وتكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة حالياً لأنها تتزامن مع ظروف اقتصادية ومالية ومصرفية وسياسية استثنائية إقليمياً وعالمياً. تساهم هذه الإفصاحات في ترشيد قرارات المستثمرين سواء بالبيع أو الشراء، وتشهد الأسواق المالية الكفؤة والناضجة عادة، نشاطاً قوياً وإعادة ترتيب للمحافظ والصناديق الاستثمارية خلال فترة الإفصاح. ونظراً إلى تأثير الأزمات الاقتصادية والمالية والمصرفية العالمية في أداء القطاعات المقابلة إقليمياً، وبالتالي في أداء الشركات المدرجة، أصبحت سرعة الإفصاح وجودته في مقدم الأولويات لدى المستثمرين في المنطقة، إضافة إلى أنها تحظى باهتمام خاص من قبل المستثمرين الأجانب. وتتطلب جودة الإفصاح تأمين كل المعلومات والبيانات والمؤشرات والتوضيحات وعدم اختصارها، فهي تساعد المستثمرين المحتملين ومساهمي الشركات في احتساب الأسعار العادلة لأسهم هذه الشركات وبالتالي اتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة. وأصبحت مؤشرات معينة وبسبب ظروف الأزمة المالية وتشدد المصارف في منح القروض والتسليفات، موضع اهتمام المستثمرين. وتأتي في مقدم هذه المؤشرات تلك المتعلقة بالسيولة لدى الشركات وتوقعات التدفقات النقدية وقيمة الديون ومواعيد استحقاقها وقدرة الشركات على تسديد هذه الديون. وأدى انعدام قدرة بعض الشركات في المنطقة على التسديد إلى تعثرها وكذلك إلى انعدام الإفصاح الكافي عن تقويم الأصول لجهة الأسس أو المعايير أو الأطراف التي اعتمِد عليها عند التقويم، وتشمل الأصول المعنية العقارات الجاهزة أو الأراضي أو الأسهم وغيرها. ومن الضروري بمكان التأكد من حيادية التقويم وصدقيته، فهو يمكن أن يساهم في تضخيم أرباح عدد كبير من الشركات المساهمة خلال طفرة العقارات والأسهم، بما يمكّن الشركات من تحقيق مكاسب سريعة ويساعد الإدارات التنفيذية على نيل مكافآت كبيرة. ويحتاج المستثمرون إلى معرفة تفاصيل عن مصادر أرباح الشركات سواء التشغيلية أو الاستثمارية أو الاستثنائية غير المكررة. وبالنسبة إلى المصارف تحتل قيمة المخصصات المقتطعة من أرباحها للتأكد من جودة الأصول وجودة الأرباح، مكانة متقدمة في اهتمام المستثمرين في ظل تعثر بعض المدينين نتيجة التباطؤ الذي يشهده بعض القطاعات. وتعزز الثقة في المعلومات والجهات التي أعدتها من الاعتماد على هذه المعلومات في اتخاذ القرارات الاستثمارية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية تبسيط المعلومات المنشورة حتى يتمكن المهتمون كافة، سواء المستثمرون أو المساهمون أو غيرهم، من الاستفادة من هذه المعلومات، خصوصاً مع تفاوت الثقافة المالية بين المستثمرين في شكل عام. وكلما اتسعت قاعدة المستفيدين من المعلومات والبيانات المفصح عنها كان التفاعل إيجابياً وأدى بالتالي إلى ردم الفجوة بين السعر العادل لأسهم الشركات وسعرها في السوق. ويعتبَر التوقيت المناسب للإفصاح أحد شروط تحقيق الهدف من الإفصاح إضافة إلى عدالة الحصول على المعلومات بين مختلف شرائح المستثمرين، فيما يوجِد التباطؤ في الإفصاح بيئة خصبة للإشاعات ويساهم في استغلال المعلومات الداخلية غير المفصح عنها من قبل أعضاء مجالس إدارات الشركات والمديرين التنفيذيين. وتفرض معايير كفاءة الإفصاح عدالة الحصول على المعلومات وعدم احتكارها من قبل أي طرف، وتتطلب ظروف الأزمات المختلفة وتأثيراتها السلبية في أداء معظم أسواق المنطقة، من الشركات الإسراع بالإفصاح لتشجيع الطلب ورفع مستوى الثقة وإيجاد حافز للاستثمار في الأسواق المالية. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»