وزير التعليم: سمو ولي العهد يضع تنمية الإنسان في صدارة أولويات التحوّل الوطني    "روح السعودية" راعياً بلاتينياً لمنتدى العمرة والزيارة 2025    المراعي تنفذ أكثر من 240 مبادرة مجتمعية خلال الشهر الكريم بقيمة تجاوزت 715 ألف ريال    أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    مصر ترحب باستضافة سلطنة عُمان للمحادثات بين إيران والولايات المتحدة    جامعة الأمير سلطان تحتضن النسخة الثامنة من المؤتمر الدولي للمرأة في علم البيانات ( WiDS PSU 2025)    استشهاد 7 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مركبة وسط قطاع غزة    الصحة القابضة توقّع اتفاقية شراكة مع جامعة IESE لتطوير برامج القيادة التنفيذية    التعامل مع الثعلبة البقعيّة: فهمها، تشخيصها، وعلاجها    شيخ شمل قبائل علكم عسير في ذمة الله    رياح نشطة وأتربة مثارة على الرياض والشرقية    السعودية تدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر وأسفرت عن عدد من القتلى و الجرحى    السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة الحجاج    فوز المملكة بالجائزة الكبرى لمعرض جنيف الدولي للاختراعات و6 جوائز دولية و124 ميدالية عالمية    فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بجازان يطلق اليوم ندوة حوارية    اليوم العالمي للرحلة البشرية إلى الفضاء يسجّل سعي المملكة الحثيث للريادة    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    بعد التجديد لصلاح.. ليفربول للاقتراب أكثر من لقب تاريخي    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    السعودية ترحب باستضافة عمان المحادثات الإيرانية- الأمريكية    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    موسم الدرعية يودع زواره بعد تجارب في الفنون والتراث    ترتيب هدافي دوري روشن بعد ثنائية رونالدو أمام الرياض    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    "الصحة" تدعو للمشاركة في أكبر فعالية مشي تُقام بمختلف مناطق المملكة    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تراثية المذنب    "دور العيسى".. منارات تراثية تُضاء من جديد    ديوانية القلم الذهبي تناقش مكانة الأدب وتأثيره    تنافس نصراوي - اتحادي على مدافع الأرسنال    أخضر السيدات يختتم معسكر الدمام    الاقتصاد الصيني بين انفجار فقاعة سوق العقارات.. ورسوم الواردات الأميركية    دور استثنائي    فريق النهضة للكاراتيه تحت 12 عامًا يتأهل للدوري الممتاز    دحول الصمان ورسائل الزمن    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    فيضان البيانات وفقر الخيال    في ظلال مطاع صفدي والفلسفة الأخيرة    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أدوية القلق تغير سلوكيات السلمون    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    الزواج الآمن    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    القبض على 32 مهربًا مخالفًا لأمن الحدود    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جنيف2».. حل أم تكريس للواقع؟
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 2014

تم انعقاد مؤتمر «جنيف2» بعد أشهر من المداولات والمحاورات بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، في محاولة لحل الأزمة السورية التي يبدو أنها أصبحت مستعصية على الحل في ظل التباين الدولي والإقليمي بين مختلف الأطراف، إضافة إلى الاختلاف الكبير في المواقف بين النظام والمعارضة، ما يجعل التفاؤل بوصول المجتمعين إلى حل للأزمة أمراً في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً، ما يجعل حياة الشعب السوري في غاية الصعوبة والمعاناة في ظل ملايين النازحين داخلياً وخارجياً، وكذلك مئات الألوف من الضحايا، لذلك لا بد من النظر إلى المقومات والعوامل المؤثرة في نجاح وفشل مؤتمر «جنيف2».
في البداية لا بد من التطرق إلى أن من المفترض في «جنيف2» أن يأتي مكملاً لقرارات «جنيف1»، لكن يبدو أن القوتين الدوليتين المؤثرتين في الأزمة (روسيا وأميركا) لم تتوصلا إلى تفاهم مشترك بينهما حتى الآن يحقق مصالحهما المشتركة، فروسيا تدعم النظام سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، واستخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات بالاشتراك مع الصين، بينما الولايات المتحدة صعدت من مواقفها تجاه النظام في بداية الأزمة مهددة بالخط الأحمر، لكن يبدو أنها اكتفت بانتزاع أسلحة النظام الكيماوية حفاظاً على أمن إسرائيل، ومن ثم بدأت مواقفها تتراجع في شكل كبير حتى إن مواقفها أصبحت موضع اعتراض من المعارضة السورية ومن يدعمها، كما أن المواقف الغربية الأخرى باستثناء فرنسا تراجعت في شكل لافت، فبريطانيا تقترب في شكل كبير من الموقف الأميركي، ما يجعل حل الأزمة في شكل سريع ورفع المعاناة عن الشعب السوري لا يزال بعيداً.
ما يتعلق بالمواقف الإقليمية، هناك لاعبان إقليميان رئيسان في الأزمة السورية، هما إيران وتركيا، فإيران مؤيدة للنظام بكل ما تملك سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وتعتبر مصير النظام أمر حيوي ومصيري بالنسبة لها، ولذلك ما زالت ترفض مقررات «جنيف1»، ما أثر في دعوتها إلى «جنيف2»، إذ وُجهت إليها لطمة كبيرة من خلال سحب الدعوة التي وجهت إليها من الأمم المتحدة بضغط من المعارضة والداعمين الرئيسين لها، لذلك ستحاول إفشال أي حل في «جنيف2» يستند على تنفيذ مقررات «جنيف1» إن استطاعت، علماً بأنها موجودة على الأرض من خلال دعمها اللامحدود للنظام السوري. أما تركيا فموقفها من الأزمة السورية اتسم بالتصعيد في بدايتها، لكنه بدأ يتراجع في شكل يتناسب مع المواقف الغربية، حتى وصل إلى حد إغلاق المعابر مع المناطق المسيطر عليها من المعارضة، والتشديد على الدخول إلى هذه المناطق، على رغم أنها ما زالت إعلامياً تتحدث بلهجة تصعيدية لكنها في الوقت نفسه بدأت تواجه مشكلات سياسية مؤثرة، يمكن أن تحد من لعبها لدور رئيس في الأزمة السورية.
بالنسبة للدول العربية، فالسعودية ودول مجلس التعاون الأخرى إضافة إلى الأردن وقفت منذ البداية مع الثورة السورية، مطالبة المجتمع الدولي بمساعدة الشعب السوري في تحقيق مطالبه، وقدمت المساعدات للاجئين السوريين في الدول المجاورة لسورية، ورعت العديد من المؤتمرات لدعم الشعب السوري ورفع المعاناة عنه، وقدمت هذه الدول العديد من المشاريع في مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة، محاولة منها لحل الأزمة وحفظ مقدرات وحياة الشعب السوري، لكن الوضع أصبح معقداً بسبب التدخلات الدولية والإقليمية في المشهد السوري.
أما النظام والمعارضة، فقد استفاد النظام من تطرف بعض المجموعات المسلحة التي تقاتله (داعش)، وكذلك من الاقتتال فيما بينها، ليسوق للعالم أنه يقاتل الإرهاب، وبدأ يكسب بعض المعارك في القلمون وحلب وغيرها من المناطق ولو تكتيكياً، ما يعزز أوراقه التفاوضية في «جنيف2»، كما أنه استفاد من تشتت المعارضة وعدم توحدها، خصوصاً المجموعات المسلحة باستثناء الائتلاف الذي استطاع بعد الضغوط الدولية التي مورست عليه من الدول الغربية خصوصاً الولايات المتحدة أن يشكل وفداً لحضور المؤتمر، إضافة إلى ما تسمى معارضة الداخل التي يسوق لها النظام وداعميه، ولذلك وضع المعارضة غير متماسك، فنجد أن هناك فجوة بين المعارضة الداخلية والأجنحة العسكرية والقيادات السياسية في الخارج، وهذا يريح النظام ويعطيه فرصة للاستمرار، لذلك يفترض بالمعارضة أن تتوحد في قيادة سياسية موحدة ترتبط بها جميع التشكيلات العسكرية المقاتلة في الداخل.
ما زالت المواقف بين جميع الأطراف متباعدة جداً، فالنظام السوري والداعمين له يحاولون تحويل مؤتمر «جنيف2» من أنه تطبيق لمقررات «جنيف1» إلى مؤتمر لمكافحة الإرهاب والتطرف، بينما تطالب المعارضة والدول الداعمة أن يتم في هذا المؤتمر تطبيق مقررات «جنيف1» بتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات واسعة للتمهيد للحل السياسي في سورية، يستثنى منها الرئيس بشار الأسد والمقربين منه، لكن يبدو أن المؤتمرين ما زالوا بعيدين عن التقارب.
يبدو أن مؤتمر «جنيف2» الهدف منه هو جمع الأطراف السورية (النظام والمعارضة) بأي شكل وبغض النظر عن النتائج، لذلك سيستمر الشعب السوري يدفع ثمن استمرار هذه الأزمة، فبطش النظام يزداد في ظل دعم روسي إيراني لا محدود، وتشرذم المعارضة يتفاقم تجاه أية قضية تخص الأزمة، والتقاتل بين المسلحين يزداد ويوسع، وأزمة اللاجئين تتفاقم، إذ أصبحت من أكبر الأزمات الإنسانية في القرن الحالي (9 ملايين داخل سورية و5 ملايين خارجها، وردت هذه الأرقام في كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال كلمته الافتتاحية في «جنيف2»)، لذلك يرى العديد من المحللين والمراقبين أن لقاء «جنيف2» من باب حفظ ماء الوجه بالنسبة للقوى الدولية التي تتحكم في الأزمة السورية، بعد أن تفاقمت أزمة الشعب السوري ووصلت إلى درجة لا يمكن السكوت عنها، ولن يفضي إلى قرارات ملموسة وحاسمة تغير من مسار الأزمة، فالأطراف جميعها ما زالت متباعدة.
* أكاديمي سعودي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.