أصدرت دار جداول للنشر والتوزيع كتاباً جديداً للناقد المعروف سعيد السريحي بعنوان: «الرويس» والرويس هو أحد أقدم وأشهر أحياء مدينة جدة وفي الغلاف الخارجي كتب السريحي «على الأفق الشمالي لجدة كانت تلوح بيوت الرويس، تلك التي أوى إليها آباؤنا وألقت بهم أقدارهم، أكواخ من القش وصندقات من الخشب وبضع بيوت من الطين والحجر. كلٌ بنى من سعته أو كل بنى من ضيقه، يتفاوتون في الفقر الذي يوحّد بينهم جميعاً على اختلاف القرى التي حملوا جثامينها معهم حين جف الماء، وانقطعت فيها سبل الرزق». وحول كيف نصنف الكتاب، أهو مذكرات أو رواية أو سرد تاريخي، قال السريحي ل«الحياة»: «إنه كل ذلك وهو ليس بشيء من ذلك، حاولت فيه أن أمارس كتابة حرة كأنما كنت أكتب لأهلي في الرويس إذا قرأوه قالوا: هذا هو نحن ثم لا يسألون بعد ذلك عن جنس ما قرأوه أو تصنيفه... قل يا صاحبي إنه كتاب بدائي بسيط جداً كأهل الرويس». وبخصوص ما إذا كان أراد من الكتابة عن الرويس الاحتفاظ بالمكان ولو عبر الكتابة، نظراً لأن الأحياء القديمة والتاريخية مثل الرويس أصبحت مهددة أمام توحش الأسمنت، أوضح «استعادة نفسي التي تفرقت في أعوام العمر أولاً، أردت استعادة طفولتي وذاكرتي، أردت استعادة فجر الحياة. ثم إني أردت استعادة البساطة التي كنا عليها، بساطة الحياة على رغم البؤس الذي كنا عليه. وأخيراً فإني أردت استعادة الرويس، أردت أن أخبئه بين الكلمات حين شرعت في كتابة الكتاب في لحظة كان الرويس فيها على حافة التقويض وأهله على بوابة التهجير باسم مشاريع التطوير الوهمية». من المعروف أن السريحي الناقد والسريحي الصحافي كما يتردد، قمعا كثيراً سعيد السريحي المبدع فهل تكون الرويس بداية لتمرد المبدع بداخله، هذا إن كان يتفق مع هذه الرؤية، فيقول معلقاً: «ناقد وصحافي ومبدع.. يا صاحبي هذه ألقاب كبيرة وكثيرة وفضفاضة عليّ، إنني أغلقت خلفي بوابة ال60 لا أعرف المسافة بين هذا وذاك، ولذا أجدني أتقلّب في الأحوال وربما طغت حال على ما سواها فكان هذا نقداً وذاك صحافة وذلك ما أسميته إبداعاً وعلى رغم ذلك سأقول لك باختصار: في كتاب الرويس شعرت بمتعة أن يمارس الإنسان حريته كاملة في الكتابة، حرية لا تتيحها له صرامة النقد ولا هامش الصحافة». وبما أن المناسبة حول الرويس فهل تبدو معادلة التطوير مع الاحتفاظ بروح المكان وحياة أهله صعبة، ولماذا أصبح التطوير يرتبط في الأذهان بالهدم والإزالة، أوضح السريحي أنه لا سبيل للاحتفاظ بروح المكان، «ليس التطوير وحده هو المسؤول عن إزهاق هذه الروح، الأرواح جميعها ومنها روح المكان، كائنات هشة شفافة لا تستطيع مقاومة الزمن فتذوب وتتلاشى، ما أردناه للرويس وأراده الرويس لأهله أن يكون التطوير نظامياً وعادلاً وليس تنفيذاً لمخططات تجارية وتعبيراً عن توحش الرأسمالية المقيت».