«لو دامت في ايد غيرك مكنتش وصلتك»، هذا ما حصل مع جماعة «الإخوان المسلمين» التي لم يمر على حكمها لمصر سوى عام واحد حتى لحقت بسلفها نظام الرئيس السابق «المخلوع» حسني مبارك، بداية من ترك القصر الرئاسي وصولاً إلى السجن. فبعد ساعات قليلة من نجاح المعارضين المصريين في «عزل» الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم، استعد سجن «طرة» المطل على نيل القاهرة لاستعادة أصدقائه القدامى: إنهم قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» الذين لطالما احتجزوا بين أسواره في عهد مبارك، والآن لا يفصل بينهم وبين أركان نظام مبارك «المخلوع»، سوى حائط خرساني. في ليلة الأربعاء، إذ كان الرئيس السابق مرسي يغالب صدمته، كانت أبواب سجن طرة تفتح لاستقبال رئيس حزب «الحرية والعدالة» سعد الكتاتني ونائب المرشد العام لجماعة «الإخوان» رشاد البيومي. لم يمض سوى يومين حتى لحق بهما محامي «الإخوان المسلمين» الأشهر عبدالمنعم عبدالمقصود، لم يكن يعلم على الأرجح وهو ذاهب إلى السجن لحضور التحقيق مع الكتاتني والبيومي، أنه لن يعود. ثم لحق بهم أمين حزب «الإخوان» في محافظة الجيزة حلمي الجزار، وبعدها المرشد العام السابق مهدي عاكف. سُمح للموقوفين الجدد باللقاء في ساعات الفسحة والتريض لفترات مقتضبة. وبينما بدأوا يخلدون إلى النوم، مساء أول من أمس، كانت تُسمع أصوات فتح أبواب زنزانة مجاورة. من الزائر الجديد؟ إنه نائب المرشد والرجل القوي والغامض في الجماعة خيرت الشاطر. دخل الرجل إلى زنزانته التي لم يعترها التغيير. إنها الزنزانة نفسها التي قبع فيها سنوات، مع صديقه رجل الأعمال حسن مالك، في عهد مبارك قبل أن يطلق سراحه في ثورة كانون الثاني (يناير) 2011. من جانبه، أوضح مسؤول أمني في سجن طرة ل «الحياة» أن قادة «الإخوان» إضافة إلى المحامي السلفي المثير للجدل حازم صلاح أبو اسماعيل يقبعون داخل سجن ملحق المزرعة، والذي كان مخصصاً لاستقبال المعتقلين الإسلاميين في السابق، والسجناء على ذمة قضايا، وأنه تم الفصل بينهم حيث يقبع كل منهم داخل زنزانة منفردة، لا يتقابلون سوى في ساعات التريض، مشيراً إلى أن حائطاً يفصل بينهم في سجن الملحق وبين رجال نظام مبارك الذين يقبعون داخل سجن المزرعة. ويُعتبر «سجن طرة» من أشهر السجون في مصر، إذ إنه قبلة المشاهير الذين يقودهم مصيرهم العثر إلى السجن. ويضم مجموع سجون طرة في جنوب العاصمة: سجن «المزرعة»، وسجن «ملحق المزرعة»، إضافة إلى «ليمان طرة»، وسجن «استقبال طرة»، والسجن الشديد الحراسة المعروف باسم «العقرب». أنشئ سجن مزرعة طرة في العام 1928 على يد مصطفى النحاس باشا حين كان وزيراً للداخلية لتخفيف الزحام الذي شهده سجن «أبو زعبل» القديم. واشتهر عن السجن استضافة «المشاهير»، وكان من نزلائه: الكاتب الصحافي مصطفى أمين وقيادات جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، كما قضى المعارض البارز رئيس حزب «غد الثورة» أيمن نور محكوميته داخله، وفيه أيضاً يقبع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى المدان في قضية قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. ومن بين النزلاء السابقين الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام الذي أطلق في صفقة تبادل مع إسرائيل، وبعد ثورة يناير احتفظ السجن بمكانته كونه «محط أنظار» العالم، إذ استضاف أقطاب النظام السابق من وزراء ومسؤولين ونجلي الرئيس المخلوع علاء وجمال مبارك، وفي مشفاه يقبع مبارك نفسه. ويضم سجن المزرعة مستشفى صغيراً يطل على حديقة، كما يوجد به ملعب كبير لكرة القدم وآخر يستخدم كملعب للتنس أو للكرة الطائرة، وهي أماكن تريض للنزلاء.