تعهّدت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف التي تواجه حركة إحتجاجية اجتماعية لا سابق لها، في خطاب إلى الأمة أمس باستقبال «قادة التظاهرات» والعمل من أجل «ميثاق وطني لتحسين الخدمات العامة»، واعدة بأن تتولى قوات الأمن حماية الممتلكات العامة. وعموماً، لا يستهدف متظاهرو البرازيل سياسياً بعينه ولا تزال روسيف نفسها تحظى بالشعبية. إذ أن محتجين كثراً من الطبقة المتوسطة التي استفادت من الازدهار الاقتصادي أخيراً. لكنهم مستاؤون من دفع ضرائب على غرار ما يدفعه الأوروبيون على ما يصفونها بخدمات عامة على مستوى ما يقدّم في أفريقيا. وفي كلمة استمرت 10 دقائق وبثتها محطات الإذاعة والتلفزيون مباشرة، قالت روسيف بعد 24 ساعة على تظاهرات تخللتها أعمال عنف وشارك فيها 1.2 مليون برازيلي في الشوارع، «أريد أن أكرر أن حكومتي تصغي إلى الأصوات الديموقراطية التي تطالب بالتغيير»، إلا أنها حذّرت من أنها لن تسمح بأن «تلطّخ أقلية عنيفة ومستبدة حركة ديموقراطية وسلمية»، عبر تدمير «التراث العام والخاص»، في إشارة إلى أعمال النهب والتخريب التي حصلت الخميس الماضي على هامش التظاهرات الضخمة. وقالت روسيف: «سأدعو حكام ورؤساء بلديات المدن الكبرى للإتفاق على ميثاق كبير في شأن تحسين الخدمات العامة»، مشيرة خصوصاً إلى خدمة «النقل العام بنوعية جيدة وأسعار عادلة»، والصحة والتعليم. كما أعلنت أنها «ستستقبل قادة التظاهرات السلمية وممثلي المنظمات الشبابية والنقابات وحركات العمال والجمعيات الشعبية»، مؤكدة الحاجة إلى «مساهمتهم (...) وطاقتهم وقدراتهم الإبداعية للتحقيق في أخطاء الماضي والحاضر». ورأت الرئيسة البرازيلية أن بلادها في حاجة «لإعطاء نفحة من الأوكسيجين» إلى «نظامها السياسي» لجعله أكثر «انفتاحاً على تأثير المجتمع» والعثور على «وسائل أكثر فاعلية لمكافحة الفساد». وبعدما وعدت بإنجاح بطولة كأس العالم لكرة القدم، ردت روسيف على انتقادات المتظاهرين حول النفقات الهائلة لتنظيم هذا الحدث العام المقبل. وقالت: «الأموال التي أنفقتها الحكومة على الملاعب ستسددها شركات وحكومات الولايات التي ستستثمرها» في المستقبل. وزادت: «لن أسمح أبداً بأن تهمل أموال الحكومة الفيديرالية (...) القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم». وبينما كانت روسيف تتحدث، سارت تظاهرات جديدة أصغر من تلك التي نظمت الخميس الماضي في نحو 30 مدينة. لكن في مدن ريو وساو باولو وبورتو الليغري، أغلقت مجموعات من المتظاهرين محاور طرق مهمة في ساعات الإزدحام، ما تسبب باختناقات حادة في حركة السير. وفي ريو دي جانيرو، خرّب متظاهرون شركة لتأجير السيارات. كما تجمّع آخرون أمام منزل حاكم ولاية ريو في حي ليبلون الفخم. وفي فالباريزو دي غواياس أحرقت عشر حافلات بينما وقعت صدامات مع الشرطة. وقال مدير مكتب الرئاسة غيلبيرتو كارفالو أن السلطات تستعد لاحتمال استمرار التظاهرات خلال الايام العالمية للشباب الكاثوليك وزيارة البابا فرنسيس في نهاية تموز (يوليو) في ريو. في المقابل، أكدت واحدة من اكبر الحركات التي تقود الاحتجاجات أنها لن تدعو إلى التظاهر في ساو باولو بعد الآن إثر خفض رسوم النقل العام. وأعلن أحد قيادييها لوكاس مونتيرو أن «الهدف النهائي تحقق». لكن مجموعات أخرى تواصل الدعوة عبر شبكات التواصل الإجتماعي، إلى تحركات ميدانية. وعموماً، أثرت التظاهرات على مباريات كأس القارات لكرة القدم التي تستمر حتى الأحد المقبل وتعدّ تجربة مصغرة للمونديال، علماً أن جيروم فالكه الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جزم أن «المسابقة لن تلغى. وليست هناك خطة بديلة»، مشدداً على أن لا علاقة لل «فيفا» بالمشاكل الاجتماعية للبلاد.