أدرجَ مراقبون في إسرائيل تأكيد أوساط قريبة من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بأنه ما زال يؤيد «حل الدولتين» طبقاً لشروطه، وحديث وزير الإسكان أوري اريئل عن أن الفترة الأخيرة تشهد تجميداً في البناء في المستوطنات، ضمن رغبة إسرائيل في عدم الظهور أمام العالم بأنها هي التي تعرقل جهود وزير الخارجية ألأميركي جون كيري لإحياء العملية التفاوضية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، خصوصاً بعد تصاعد تصريحات أركان في الحكومة الاسرائيلية حول معارضتهم إقامة دولة فلسطينية واستخفافهم بجهود كيري لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وأشار المراقبون إلى تقارير رسمية أكدت تضاعف نسبة البناء في المستوطنات في الربع الأول من العام الحالي، وإلى حقيقة أن غالبية وزراء الحكومة الحالية ترفض فكرة إقامة الدولة الفلسطينية. ويكرر نتانياهو شروطه لإقامة دولة فلسطينية في مقدمها نقل التكتلات الاستيطانية غرب الضفة الغربية إلى سيادة إسرائيل، واستثناء القدسالمحتلة من المفاوضات، وأن تكون الدولة العتيدة منزوعة السلاح مع إبقاء الجيش الإسرائيلي في غور الأردن، ووجوب اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل. في غضون ذلك، نقلت «القناة السابعة» التابعة للمستوطنين عن وزير البناء والإسكان أوري أريئل قوله أمس: «إن إسرائيل جمدت تقريباً كل عمليات البناء للمنازل الجديدة في مستوطنات الضفة الغربيةوالقدسالشرقية»، علماً بأنه أعلن قبل أسبوعين أن الحكومة الحالية لن توقف البناء يوماً واحداً، وهو ما تباهى به أول من أمس زعيم حزبه الوزير نفتالي بينيت. وأضاف أريئل انه يعتقد ان هذه الخطوة «مؤقتة» مشدداً على أنه يعمل على إنهائها. وأكمل: «في القدس منذ بداية السنة لم يكن هنالك أي ترويج (لمشاريع اسكانية جديدة) ابداً ما عدا واحداً (في القدس الغربية) وكذلك بالنسبة ليهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية)». ورداً على سؤال حول امكان القول بأن هنالك تجميداً في البناء الاستيطاني في القدسالشرقيةوالضفة الغربية، اجاب اريئيل: «دعنا نقول بأن هذا ليس خاطئاً تماماً». ورأى مراقبون أن هذا التصريح جاء لتفادي غضب كيري الذي يصل إلى المنطقة قريباً، بعد جملة تصريحات لوزراء في الحكومة جاء فيها أن «محاولات كيري لإحياء العملية السياسية فشلت»، وأن رئيس السلطة الفلسطينية ليس معنياً حقاً باستئناف المفاوضات وغيرها من تصريحات خفضت سقف التوقعات من جهود الوزير الأميركي. ولفت المراقبون الى تصاعد التصريحات الاسرائيلية بشأن فشل فكرة اقامة دولة فلسطينية، كان آخرها تصريح زعيم حزب «البيت اليهودي» اليميني الديني المتطرف وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، قال فيها من دون مواربة إن «محاولات إقامة دولة فلسطينية قد انتهت بعد أن وصلت إلى طريق مسدودة» وبأنها كانت محاولات «عديمة الجدوى»، مضيفاً أن «لا حق للفلسطينيين في تقرير مصيرهم ولا في دولة لهم بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط»، ودعا الى «البناء والبناء والبناء» في الضفة الغربية. ويشير المراقبون إلى النفوذ الكبير لحزب «البيت اليهودي» ممثل المستوطنين في الحكومة. وجاءت تصريحات بينيت بعد يومين فقط على تصريح وزير الدفاع موشيه يعالون في واشنطن بأن المبادرة العربية للسلام ليست سوى «أحبولة إعلامية» وأن جهود كيري «فشلت حتى الآن»، وقبله تأكيد نائبه داني دانون أن الحكومة تعارض حل الدولتين وتبذل جل جهودها من أجل صد محاولة إقامة دولة فلسطينية وأن الحل للفلسطينيين «سيكون في الأردن». ولفت المراقبون إلى أن زعيم حزب «يش عتيد» وزير المال يئير لبيد جنح منذ دخوله الحكومة إلى اليمين المتشدد، فيما غالبية وزراء «ليكود» الحاكم تعارض دولة فلسطينية. ودان المسؤولون الفلسطينيون بشدة تصريحات بينيت مما دفع رئيس الوزراء الاسرائيلي الى اعادة تأكيد دعمه لحل الدولتين. إلى ذلك، أفادت صحيفة «هآرتس» أن كبار رجال الاقتصاد والأعمال في الدولة العبرية أعربوا، خلال لقائهم قبل نحو شهر رئيس الحكومة، عن قلقهم الشديد من الانعكاسات السلبية والخطيرة ل «الجمود السياسي» المتواصل على الاقتصاد الإسرائيلي، محذرين من ان عدم التقدم نحو حل الدولتين يعرض للخطر ازدهار الاقتصاد الإسرائيلي. وطلب هؤلاء من نتانياهو أن يحرك العملية السياسية، واعدين بأنه في حال قام بذلك فإنهم سيقدمون له كل الدعم لتسويق خطته السياسية في أوساط الإسرائيليين. ونقلت الصحيفة عن أحد المشاركين قوله إن نتانياهو اتفق مع رجال الاقتصاد في رأيهم القائل إن «حل الدولتين هو الحل الأمثل، وأن دولة ثنائية القومية ستكون بمثابة كارثة»، لكنه اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعرقلة جهود استئناف المفاوضات «بسبب الشروط المسبقة التي يطرحها».