اعتبرت السلطة الفلسطينية وأوساط يسارية إسرائيلية المخططات الجديدة والمتواترة لتكثيف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة «إجهاضاً» للجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركية جون كيري لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. لكن هذه الانتقادات لا يبدو أنها تؤثر شيئاً لدى صناع القرار في الدولة العبرية، إذ كرر رئيس الائتلاف الحكومي من حزب «ليكود» الحاكم داني دنون إصرار الحكومة على مواصلة «الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة»، أي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، مكرراً رفض فكرة إقامة دولة فلسطينية بداعي أن «الفلسطينيين لم ينضجوا بعد على نحو يؤهلهم الحصول على دولة أو حتى على حكم ذاتي واسع النطاق». ويكاد لا يمر يوم من دون الكشف عن مشروع استيطاني جديد، إذ أكدت تقارير صحافية إسرائيلية أمس أن وزارة البناء والإسكان، التي يقودها الوزير من حزب «البيت اليهودي» اليميني الديني المتطرف أوري أريئل، بدأت هذا الأسبوع خطوات عملية لتسريع إقرار خطة لإقامة 537 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «إيتمار» المقامة على أراض فلسطينية شمال مدينة نابلس في الضفة الغربية. واعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة المخططات الاستيطانية الاسرائيلية الأخيرة «تحدياً خطيراً وإجهاضاً لجهود الادارة الاميركية» محذراً من انها «لن تؤدي الى سلام بل الى التوتر وعدم الاستقرار في منطقتنا والعالم اجمع». وجاء الكشف عن المخطط الاستيطاني الجديد بعد ساعات على اتصال هاتفي لوزير الخارجية الاميركي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد له استمراره بمساعيه لتحريك عملية السلام. كما جاء غداة تشكيل «لوبي أرض إسرائيل» اليميني - الديني داخل الائتلاف الحكومي لمعارضة إقامة دولة فلسطينية، وبعد يوم من الكشف عن مخطط استيطاني في مستوطنة «بروخين» يضاعف عدد الوحدات السكنية فيها خمس مرات. وكان تقرير رسمي أفاد بأن البناء في المستوطنات ارتفع خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 176 في المئة قياساً بالربع الأول من العام الماضي، وبنسبة 355 في المئة مقارنةً بالربع الأخير من 2012. وأشار التقرير إلى أنه «بينما يتراجع حجم البناء الجديد داخل إسرائيل، فإن حجم البناء الجديد في مستوطنات الضفة الغربية يصل في هذه الأيام إلى أعلى نسبة خلال الأعوام السبعة الأخيرة». ويرى مراقبون أن نهج الحكومة الحالية يشير إلى توجه واضح يفيد بأنه خلال وقت قصير سيرتفع عدد المستوطنين ارتفاعاً كبيراً ما سيضع حداً لحل الدولتين. ورأى أحد المعلقين أن المستوطنين يشعرون بأن وضعهم اليوم «ممتاز ومريح بشكل غير مسبوق» وذلك مع وجود ممثلهم أوري أريئل على رأس وزارة البناء والإسكان، كما في وجود حكومة حالية تسمح له بمواصلة تحطيم الأرقام القياسية في مستوطنات الضفة الغربية. واعتبرت رئيسة حزب «ميرتس» اليساري المعارض زهافه غالؤون المخططات الاستيطانية الجديدة و»التصريحات العنترية» لأقطاب في الحكومة بشأن معارضتهم الشديدة مبدأ «حل الدولتين»، بأنها «تكشف عن الوجه الحقيقي للحكومة»، متهمة رئيسها بنيامين نتانياهو بأنه يتعمد «المماطلة والتسويف» ويتجاهل مبادرة السلام العربية القائمة على فكرة تبادل الأراضي بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة. من جهته أيضاً اعتبر رئيس كتلة «يش عتيد» في الكنيست عوفر شيلح أن الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية «أفسدَ واستنزف المجتمع الإسرائيلي وقيم الجيش والعدل والإعلام والذاكرة الإسرائيلية». ولفت الى أن المستوطنات في المناطق الفلسطينية (المحتلة) «تشكل عقبة أمام إمكان التوصل إلى أي تسوية سياسية تضع حدًا للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني». وتأتي أقوال شيلح بعد أسابيع من تصريح زعيم حزبه يئير لبيد بأنه يعارض تجميد أعمال البناء في المستوطنات كبادرة حسن نية من أجل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.