أدرج مراقبون في إسرائيل الأنباء الصحافية عن أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أصدر قبل أيام تعليماته إلى وزارة البناء والإسكان بعدم نشر استدراجات العروض لبناء نحو 3000 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات القدس والضفة الغربية المحتلتين، على الأقل حتى حزيران (يونيو) المقبل، ضمن تفاهمات توصل إليها مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري تضمنت التزاماً بلجم الاستيطان ليواصل الأخير جهوده الرامية إلى تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين. ورأى بعض المحللين أن آخر ما تسعى إليه إسرائيل الآن هو تعكير صفو العلاقات مع الولاياتالمتحدة التي عادت في الأشهر الأخيرة إلى أيامها السابقة من حميمية وود، خصوصاً بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما الأولى إلى الدولة العبرية، قبل اقل من شهرين. وأضافوا أن إسرائيل التي تسعى للحفاظ على مستوى تنسيق عال مع واشنطن في الملفين السوري والإيراني، لا تريد الآن تعكير صفو هذه العلاقات من خلال الإعلان على خلفية نشاط استيطاني جديد، سيما وأن نشر العطاءات للبناء الجديد يمكن أن يحتمل تأجيلاً لبضعة أشهر. وأفادت الإذاعة العسكرية أمس بأن نتانياهو طلب من وزير الإسكان، العضو في حزب «البيت اليهودي» اليمين الذي يمثل المستوطنين أوري أريئل احترام هذا القرار (عدم نشر العطاءات) بداعي أنه التزم به أمام الأميركيين. ورفض مكتب رئيس الحكومة تأكيد الخبر أو نفيه. وكان نتانياهو أعلن قبل نصف عام، وغداة اعتراف الأممالمتحدة بفلسطين دولة مراقبة، أنه سيتم بناء أكثر من 3 آلاف وحدة سكنية جديدة في أنحاء الضفة الغربيةوالقدسالشرقية المحتلتين. وكرر هذا الالتزام في حملته الانتخابية قبل الانتخابات العامة في كانون الثاني (يناير) الماضي. ولم يجِب الوزير أريئل في حديثه مع الإذاعة عن أسئلة متكررة لمحاوره عما إذا أصدر نتانياهو هذه الأوامر بداعي أن لا يكشف عن مضمون محادثاته مع رئيس الحكومة، لكنه لمّح إلى احتمال أن يرد حزبه على قرار نتانياهو بالتصويت احتجاجاً ضد الموازنة العامة التي ستطرح الأسبوع المقبل، في حال تواصلَ تجميد البناء الاستيطاني. وكان أريئل أعلن مع ختام زيارة كيري لإسرائيل قبل نحو شهر أن «إسرائيل ستواصل البناء في كل مكان». وأقرت النائب من الحزب نفسه ايليت شكيد بأن نتانياهو لم يوقّع، «لأسباب لا أستطيع شرحها» على العطاءات للبناء كي تصبح سارية المفعول. وأكدت هاغيت أوفران وهي مسؤولة في حركة «السلام الآن» المناهضة للاستيطان لوكالة «فرانس برس» أن الحكومة الإسرائيلية «لم تطرح أي عطاءات للبناء في مستوطنات الضفة الغربيةوالقدسالشرقية منذ أوائل العام بينما كانت تطرح العطاءات قبل ذلك بمتوسط مرة كل ثلاثة اشهر». وتابع «هذا لا يعتبر تجميداً للاستيطان حيث أن البناء في المستوطنات ما زال جارياً، ولكن يمكننا الحديث عن ضبط النفس من جانب بنيامين نتانياهو الذي لا يريد أن يتهمه الأميركيون بالمسؤولية عن فشل محاولات إعادة إطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين». ورأى مراقبون أن قرار نتانياهو ينسجم مع سياسته التي أقرها قبل أسبوعين من زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل في آذار (مارس) الماضي بأن تسود الزيارة أجواء طيبة وتفادي أي إجراء من شأنه أن يعكر صفوها، وأنه لأجل ذلك أرجأ في حينه جلسة للجنة البناء والتنظيم التابعة لوزارة الداخلية التي كان مفروضاً أن تقر نشر عطاءات البناء. وأعقبت هذه الزيارة زيارة للوزير كيري طلب خلالها من إسرائيل والسلطة الفلسطينية عدم اتخاذ أي إجراء من شأنه عرقلة جهوده الرامية لاستئناف المفاوضات بين الجانبين. وطبقاً للتقارير الإسرائيلية فإن كيري لم يطالب نتانياهو بوقف الاستيطان إنما «لجمه» وأنه وافق على منح كيري مهلة زمنية من 8-12 أسبوعاً، حتى منتصف الشهر المقبل، ليواصل محاولاته استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وتشمل عدم نشر الاستدراجات لبناء الوحدات السكنية الجديدة التي أعلن عنها. ووفق التقارير فإن السلطة الفلسطينية استجابت هذا المطلب وأوقفت إجراءاتها في أروقة الأممالمتحدة. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول أميركي كبير قوله إنه منذ زيارة الرئيس أوباما للمنطقة لم تصدر عن إسرائيل عطاءات للبناء في المستوطنات وأن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يتصرفان بمسؤولية ليتفادى كل منهما اتهامه بعرقلة الجهود الأميركية.