رفض نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف «أي محاولات لاستخدام أراضي الدول المجاورة في الشؤون الداخلية في سورية». وواصل بوغدانوف امس جولته على المسؤولين اللبنانيين والقادة السياسيين، فزار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام في دارته. وقال بعد اللقاء: «كنا نتابع في موسكو باهتمام الأحداث في لبنان، حين تم تكليف الرئيس سلام تشكيل الحكومة بإجماع لافت، انعكس إيجاباً على المجتمع اللبناني، ونتمنى أن يسمح له هذا الإجماع والتأييد في تأليف حكومته بسرعة ونجاح». وقال: « تباحثنا في كل المسائل، ومن جانبنا ذكرنا بتأييدنا الكامل لبيان بعبدا، وما زلنا نعتقد أن لا بد من أن تبذل أقصى الجهود من أجل الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه وسلامتها». وزاد: « نحن ننطلق من أن السياسيين اللبنانيين هم أنفسهم سيتفقون في ما بينهم على كيفية أداء سياستهم الداخلية والخارجية». وزار المبعوث الروسي بعد ذلك رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مقره في معراب، وتمنى أن «تتمكن الدولة اللبنانية من معالجة المشاكل كافة عبر الحوار وإيجاد القواسم المشتركة والحلول الوسطى بين القوى السياسية، والتي يجب أن تترجم عبر ضرورة تشكيل حكومة جديدة وحوار ناجح داخل البرلمان اللبناني». وأكد أن «روسيا ضد أي تدخل في الشؤون الداخلية لسورية، وموقفنا المبدئي من سورية معلوم، وهو الداعي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بجهود السوريين أنفسهم، ونحن كلاعبين خارجيين علينا مساعدتهم». وعما إذا كان الجانب الروسي لمس تجاوباً من «حزب الله» لجهة عدم التدخل في القتال في سورية، قال: «من خلال اتصالاتنا معه، بذلنا جهوداً من أجل تجنب التدخل في الشأن السوري، ونحن ننطلق من موقفنا بأن الأمور الداخلية لكل بلد هي من شأنه». من جهته، وصف جعجع الزيارة بأنها «مؤشر إلى تعاط روسي أكبر مع لبنان في الوقت الراهن». وقال إن «روسيا هي دولة صديقة للشعب اللبناني وللبنان السيادة والدولة، إذ دعمته في كل القرارات الدولية التي صدرت، على رغم تأنيها في تبني هذه القرارات، فضلاً عن موافقتها على القرار 1757 المتعلق بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان». وأضاف: «توقفنا عند الأزمة السورية، ونقلت للسيد بوغدانوف رأيي بضرورة إنهاء الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن، باعتبار أن استمرارها مدمر على سورية وسيشمل في ما بعد لبنان والأردن وأكثرية الدول المجاورة ودول المنطقة وكان هناك توافق في الرأي بين الطرفين». وزاد: «استعرضنا الوضع اللبناني والمخاطر المترتبة عليه في الوقت الحاضر، واتفقنا على ضرورة تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن وتعزيز دور الدولة اللبنانية وحماية حدودها، إضافة إلى قيام دولة فعلية في لبنان». بيت الوسط وانتقل بوغدانوف الى «بيت الوسط»، حيث عقد اجتماع في حضور رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة، ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري والنواب: عاطف مجدلاني، نهاد المشنوق، أمين وهبة والسفير الروسي ألكسندر زاسبيكين ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري والمستشارين محمد شطح ومازن سويد، تمت خلاله مناقشة الأوضاع في لبنان وتطورات الأزمة السورية. وتحدث بوغدانوف بعد الاجتماع، فأشار إلى أن «بيت الوسط له تاريخ عريق في ما يتعلق بالعلاقات الروسية اللبنانية، منذ الرئيس رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري، وهما شخصيتان تربطنا بهما علاقة صداقة شخصية ورسمية، فقد كان للرئيس الشهيد رفيق الحريري مساهمة كبيرة جداً في تطوير العلاقات بين لبنان وروسيا وفي تعزيز روابط الصداقة والتعاون المثمر في المجالات كافة. ولذلك، فإننا سعداء بلقاء قيادة كتلة «المستقبل» في هذا البيت، حيث استمعنا إلى آراء وتحاليل الرئيس السنيورة وزملائه، بالإضافة إلى أفكارهم وتقويمهم المهم للغاية بالنسبة إلينا، لكي تتبلور أكثر فأكثر صورة فهمنا لما يجري في لبنان والدول المجاورة، بخاصة في إطار الأزمة السورية، بغية إيجاد الحلول المناسبة بشكل سلمي وفي إطار الحوار والتفاهم والتوافق الوطني لحل المشاكل التي تشهدها المنطقة، ضمن ما يسمى بالربيع العربي، وبشكل خاص في سورية». وعن تقويمه لمشاركة «حزب الله» في القتال في سورية، أجاب: «نحن نتباحث في كل المسائل مع شركائنا وأصدقائنا اللبنانيين، وكذلك مع ممثلي «حزب الله» الذين التقينا بهم. ولكن الأحزاب اللبنانية هي قوى محترمة ولها تمثيل في البرلمان وشعبية معينة، ولذلك فمن الأنسب أن يبحث هذا الموضوع في ما بينهم. كما أننا نخشى أنه كلما طالت الأزمة في سورية تفاقمت الخلافات في الآراء بين مختلف القوى داخل سورية، وكذلك في لبنان. وهذا يشكل عاملاً إضافياً لضرورة بذل الجهود لحل الأزمة السورية في أسرع وقت ممكن». وعن القصف السوري للأراضي اللبنانية، أجاب: «حينما تحدث مثل هذه الأحداث فإن العواقب تكون وخيمة ومحزنة، ومن هنا نستنتج أن لا بد من وضع حد لما يجري في سورية من اقتتال أخوي، ومباشرة حل المشاكل والمسائل المتراكمة خلال هذه الفترة، بما فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي وموضوع النازحين واللاجئين، الذين أصبح عددهم كبيراً جداً، والانتقال إلى حل المسائل التي تراكمت على الأجندة الوطنية من طريق الحوار الوطني». ثم أقيمت مأدبة غداء على شرف المبعوث الروسي، استكمل خلالها النقاش وتبادل وجهات النظر حول مختلف المواضيع المطروحة.