يجري الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري اليوم جولة ملحقة من الاستشارات النيابية غير الملزمة، بعدما انهى مساء امس لقاءاته مع كتل ونواب مستقلين مدرجة اسماؤهم على جدول استشارات الايام الخمسة. واجمع من التقاهم على انفتاحه على جميع الاراء، في وقت زار رئيس المجلس النيابي نبيه بري قصر بعبدا، واطلع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقف المعلومات الرسمية، على ما بلغته الاتصالات الجارية بهدف تشكيل الحكومة. والتقى الحريري قبل الظهر في ساحة النجمة كتلة نواب الحزب «السوري القومي الإجتماعي» التي تضم اسعد حردان ومروان فارس. ووضع حردان «هذا النوع من الإستشارات في الخانة الإيجابية لأنه يعبر عن ان الرئيس المكلف يشعر تماما بأن البلد يعيش أزمة حادة، ومن خلال هذه الحوارات فان الأطراف السياسية تضع وجهة نظرها وتتبادل الآراء مع الرئيس المكلف». واوضح ان الكتلة «طالبت بأن الجواب عن هذا الواقع المأزوم يكون بحكومة إنقاذ وطني، وأكدنا اليوم أكثر ان حكومة الإنقاذ الوطني تقوم على قاعدة الوفاق الواسع وحكومة إشتراك واسعة لكل القوى الحية في البلد، تعزز الوحدة الوطنية، ونحن ما زلنا مقتنعين بأن اتفاق الطائف يشكل أرضية أساسية للخروج من الأزمة على قاعدة تطبيقه كاملا وليس استنسابيا، ففي اتفاق الطائف مجموعة قنوات تتجه لإصلاح النظام السياسي، لكن للأسف في المرحلة الماضية لم نكن متجهين في هذا الإتجاه، الآن الخروج من هذه الأزمة، يكون على قاعدة استعمال هذه القنوات التي تدفع بلبنان الى عملية إصلاح النظام السياسي». واعتبر حردان ان «الرئيس المكلف منفتح على العلاقات العربية وفي طليعتها سورية، وهو من المساهمين في تحسين الوضع العربي والتفاعل العربي، ونحن نقول ان هذا التفاعل يعزز التضامن العربي في حده الأدنى. ونعتقد ان الرئيس السوري يعمل ولا يزال يعمل على قاعدة ايمانه بالتضامن العربي، ونعتقد ان كل الزيارات التي تقوم بها القيادة السورية او اللقاءات التي تجريها تصب في انسجام مع ما يقولون وما يفعلون، يقولون بالتضامن العربي ويفعلون لأجل التضامن العربي». وعن مطالبة الحزب بمقعد وزاري، قال حردان: «الحزب موجود على كل الساحة اللبنانية، مخترقا كل الطوائف، وللخروج من هذه الأزمة الطائفية أو خطابها الطائفي، لا بد ان تكون الأحزاب الوطنية والقومية ممثلة». واعرب عن اعتقاده بأن «المناخ يقول بضرورة ان يكون هناك حكومة وأن يكون هناك استعجال بتشكيلها، ونحن مع الإستعجال بتشكيل الحكومة». ثم التقى الحريري النائب روبير فاضل الذي قال انه أبدى «بعض الأفكار والملاحظات بالنسبة للحكومة الجديدة، وفي الوقت نفسه تمنيت على الرئيس المكلف ان يتم البحث في البيان الوزاري بالتوازي مع موضوع التشكيلة الحكومية لكي نصل في أسرع وقت لتشكيلة كاملة متكاملة لا تقف في وجهها أي عقبة». ووصف الإستشارات بأنها «أقرب الى الحوار الوطني الذي أراد من خلاله الرئيس المكلف ان يأخذ برأي النواب في برنامج الحكومة الجديدة، وفي الوقت ذاته اوجد جواً ايجابياً في كل البلد. وأثنينا على هذه المبادرة التي بدأنا اليوم نلمس نتائجها في البلاد بشكل عام، وركزنا في هذا الإطار على ثلاثة مواضيع أساسية هي: اولا- ضرورة وضع خطة خمسية إقتصادية وإجتماعية وتقوم بها الحكومة الجديدة وتلبي أولا حاجات المواطنين من ناحية الخدمات العامة في كل المناطق اللبنانية، وثانياً ان تخلق البنى التحتية أو تعزز البنى التحتية الموجودة للقطاع الخاص لكي يستطيع ان يؤمن فرص عمل وان ينافس على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. اما النقطة الثالثة فكانت موضوع المؤسسات، وتحدثنا عن ضرورة ان تكون هناك ورشة ومقاربة شاملة لموضوع اتفاق الطائف وتنفيذ ما تبقى من بنود هذا الإتفاق، وتحديد قانون الإنتخاب وتطبيق اللامركزية الإدارية، وتشكيل الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية وتأسيس مجلس الشيوخ، وهذه كلها تأتي بسلة كاملة. تمنينا على دولته تبنيها، وكان هناك توافق في الآراء بأن نطرح كل هذه القضايا بسلة واحدة، في أسرع وقت لنستطيع تحسين وضع المؤسسات ووضع البلد. وتطرقنا ايضا الى الأمورالمحلية اكثر خصوصا وضع طرابلس وتوافقنا بأن مشاكلها لا تحل بجسر من هنا أو مرفأ او مدرسة من هناك، لأنه وكما تعلمون في طرابلس مشاكل كثيرة واتفقنا ان نعمل بالتعاون مع المكتب المشترك لكل نواب طرابلس وان يتم وضع خطة شاملة وكاملة متكاملة بما يشبه خطة مارشال، تساعد على النهوض بطرابلس. وطلب مني دولته ان نعمل بالتعاون مع نواب طرابلس على تحضير هذه الخطة الشاملة لطرحها في أسرع وقت على الحكومة». والتقى الحريري النائب المستقلة نايلة تويني التي لم تشأ الإدلاء بأي تصريح، وذكر انها عرضت تصورها لتشكيل الحكومة. ومساء التقى الحريري «كتلة التضامن» وعنها النائب احمد كرامي، ثم كتلة نواب حزب «البعث العربي الاشتراكي» التي تضم: قاسم هاشم وعاصم قانصوه، ثم كتلة نواب «القرار الحر» وتضم: ميشال فرعون، نديم الجميل، جان اوغاسبيان وسيرج طورسركيسيان، واختتمت مشاورات المساء بلقاء رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» النائب دوري شمعون. وقال النائب كرامي بعد اللقاء: «ندعم الرئيس المكلف من دون اي شرط او قيد. وشعرنا بأن الاستشارات الحالية تختلف عن الاستشارات السابقة، الرئيس الحريري يمد يده للجميع من اجل التعاون، ونتمنى على كل الافرقاء السياسيين والكتل النيابية ان يمدوا يدهم ويبادروه بالمثل لتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن لأن الشعب لم يعد يستطيع ان يتحمل. وتمنينا عليه وهو يعرف تماماً مقدار المحبة له في قلوب الطرابلسيين، ان يشمل طرابلس برعايته ويفك الظلم عن هذه المدينة، وهو على قدر المسؤولية. كما تمنينا عليه ان ينفذ في البيان الوزاري بند الطائف المتعلق باللامركزية الادارية الموسعة». ولفت الى ان «هناك طرحاً عند الرئيس الحريري واضح جداً، وهناك تغيير عند النواب فأكثرهم لديه النية بأن تكون هناك حكومة في أسرع وقت ممكن، وان شاء الله تترجم هذه النية الى حقيقة في اسرع وقت ممكن». وتمنى النائب قانصوه باسم كتلة «البعث» التوفيق للحريري في مهمته وأكد «الاستعداد لأي مساعدة في هذا المجال». وأوضح قانصوه «أن هناك خلافاً في المبدأ حول كيفية بناء هذه الدولة القائمة على الطائفية والمذهبية، ما يؤدي الى فرز اشكاليات وعوائق عند كل محطة من المحطات السياسة في البلاد»، ودعا الى اعتماد قانون جديد للانتخابات على اساس لبنان دائرة واحدة والنسبية والى انشاء الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية، كما الى صرف الاموال في المشاريع المنتجة كاستخراج البترول ومشاريع سدود المياه. ومن المقرر ان يتلقي الحريري في الجولة الملحقة اليوم وفداً من كتلة «التحرير والتنمية» وبناء على طلب الكتلة ويضم الوفد المعاون السياسي لرئيس الكتلة علي حسن خليل وامين سر الكتلة انور الخليل، ثم وفد من كتلة «الكتائب اللبنانية»، على ان يلتقي غداً «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة ميشال عون ثم كتلة «القوات اللبنانية». مواقف وفي المواقف من تشكيلة الحكومة والاستشارات الجارية في شأنها، رأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية محمد الحجار أن «ليس هناك نصوص دستورية تمنع توزير الراسبين الا أنه في التقاليد التي جرى اتباعها قبل الطائف وبعده وبالاستناد الى جوهر النظام الديموقراطي، من الواضح أنه لم يتم توزير أي شخص رسب في الانتخابات النيابية أقله في الحكومة الاولى التي تلي الانتخابات النيابية». واوضح أن «الشخص المعني والذي يكثر الحديث عنه وهو الوزير جبران باسيل ينتمي الى تكتل يرأسه العماد ميشال عون الذي كان من أشد المطالبين بعدم توزير الراسبين واشرسهم»، مذكرا ب«موقف عون عندما طُرح اسم الوزير نسيب لحود وكان رافضا لتوزيره». واذ اعتبر ان هناك «العديد من الملفات التي تثبت عدم تميز باسيل في ادارة وزارة الاتصالات»، أكد أن «مطلب تشكيل الحكومة هو لكل اللبنانيين لأن حجم التحديات الكبيرة التي يواجهها اللبناني تستحق ان يترفع الجميع عن المصالح الخاصة وتسهيل مهمة الرئيس المكلف». ورأى أن خطاب رئيس الهيئة التنفيذية ل«القوات اللبنانية» سمير جعجع «خلال هذه الفترة وخصوصا بعد الافراج عنه متميز بالانفتاح الوطني، يتجاوز العصبيات الطائفية والمذهبية والدوائر الضيقة بالتطرق الى الامور العامة التي تهم اللبنانيين والتي تطاول كل الوطن». واستبعد عضو «تكتل التغيير» فريد الخازن أن «يتطرق لقاء الغد مع الحريري الى تفاصيل الملف الحكومي». ولفت الى أن «العقد الداخلية قابلة للحل أما المسائل التي تتجاوز الوضع اللبناني فتحتاج الى معالجة تتخطى قدرات لبنان». وأوضح في حديث الى «المركزية» أن «التكتل يتعامل مع الاستشارات بانفتاح وإيجابية وهذا كان واضحا من خلال الحوار التفصيلي والصريح الذي أجريناه مع الرئيس المكلف، والعماد ميشال عون أجاب عن كل الأسئلة المطروحة وسنستكمل هذا الحوار الخميس». ولفت الخازن الى «غياب الحوار حول الأمور الشائكة المطروحة منذ انتهاء الحرب لجهة بنود وردت في اتفاق الطائف أو في الحوار الوطني بهدف تبيان وجهات النظر والتعاطي معها بإيجابية ومسؤولية ومرونة». وأعرب عن اعتقاده بأن «البحث يشكل مادة للبيان الوزاري خصوصا أن المواضيع هي مزيج من البنود الواردة في أي بيان وزاري مرتقب للحكومة مضافا إليها بنود الحوار الوطني». وأكد أنه «لا يمكن بناء الثقة إلا عبر استمرار الحوار والتواصل»، وقال: «هذه الجلسات تساعد على بناء الثقة بين الأطراف بطريقة مباشرة ومن دون وسيط خصوصا أن هذه المسألة كانت غائبة في التكليف الأول والاستشارات كانت شكلية ولم تدخل في عمق الأمور، أما اليوم فالأجواء مختلفة على المستويين الداخلي والإقليمي». ولاحظ الخازن أن «تشكيل الحكومة رُبط في المرحلة الأولى بالمصالحة العربية – العربية وتحديدا المسار السوري – السعودي وهذا أمر متسرع ومصطنع وأعطى نتيجة عكسية». وأشار الى أن «زيارة الأسد مهدت لتواصل جدي وعلى المستوى نفسه بين الدولتين وسيكون لها انعكاسات إيجابية على الداخل اللبناني». واعتبر نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت ان الإستشارات «دفعت جميع القوى السياسية الى تغليب العنصر الداخلي في تشكيل الحكومة على المؤثرات الخارجية ما يرشح منحى جديدا في تشكيل الحكومة وقد يكون إيجابيا». وقال إن «صيغة ال 15-10-5 ستكون محور الحوار في المرحلة الثانية والدخول في تفاصيل توزيع الحقائب»، مضيفا أن «التقارب السوري-السعودي له انعكاس على الواقع اللبناني وتشكيل الحكومة، هذا التقارب أخذ منحى جديا وبالتالي فهو متوقع انعكاسه خلال أيام على واقع تشكيل الحكومة»، ولافتا إلى أنه «لا يريد أن يغرق بالتفاؤل او بالتشاؤم، وتشكيل الحكومة يحتاج إلى مزيد من الوقت والحوار والإنتظار لواقع إقليمي يسهل عملية ولادة الحكومة». وشدد على أن «تظهير الحكومة يحتاج إلى تنازلات متبادلة فالرئيس المكلف سيتنازل ليقبل بصيغة ال 15-10-5 من جديد وعلى الافرقاء ملاقاته في منتصف الطريق والجهد في هذا الإطار قائم ولقاءات الغد وبعد غد ستظهر هذا الأمر». ورفض منسق اللجنة المركزية في حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل الموجود في اوتاوا الاعتراف «بسيادة غير سيادة الدولة اللبنانية على الاراضي اللبنانية كافة إن في الجنوب او في الضاحية الجنوبية او في قوسايا او في عين الحلوة»، وشدد على ان «الخلاف بين المسيحيين يجب ان يبقى على المستوى السياسي والا يتحول الى حقد يسيء الى العلاقات الاجتماعية». ورأى أن «ثمة ازمة ثقة بين الطوائف اللبنانية تتطلب معالجة عبر طرح الهواجس والطموحات بصراحة لتتحقق الوحدة الوطنية ويبنى الوطن على اسس متينة». وشدد الجميّل على أنه «يجب الا يكون هناك اي سلاح غير شرعي بيد اي لبناني»، مشيرًا الى «أن حزب الله قاوم في مرحلة ما ضد اسرائيل وتحرر لبنان من اي احتلال وفق الاممالمتحدة والقرارات الدولية، لكن المشكلة تكمن في عدم اعتراف سورية بلبنانية مزارع شبعا، وبالتالي لا يمكننا المطالبة بحقنا بأرضنا في الاممالمتحدة». ودعا حزب الله «قبل جر اللبنانيين الى حروب مع اسرائيل وتدمير لبنان، الى مطالبة حلفائهم السوريين بالاعتراف الرسمي بلبنانية مزارع شبعا لنستطيع قبل الانتقال الى المقاومة تثبيت حقوقنا امام المجتمع الدولي». وكان الجميل اكد امام الجالية اللبنانية في تورونتو ان «ليس المهم ان نكون في 8 او 14 آذار أو ان نكون قواتيين او كتائبيين او عونيين انما المهم ان نكون موحدين ومتكاتفين كي نعطيكم الأمل بالعودة وسنواصل العمل على المصالحة حتى نعيدكم الى لبنان».