يتصل خالد باكي هاتفياً بزميلة له من المقاتلات الكرديات، إلا أن أحد متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يرد على الهاتف ويبلغه أنهم قطعوا رأسها. وصديقة باكي واحدة من كثيرات من المجندات بالقوات الكردية اللائي اختفين وهن يقاتلن من أجل إيقاف الإسلاميين المتشددين من التقدم صوب عين العرب (كوباني) التي يغلب على سكانها الأكراد في شمال سورية والقريبة من حدود تركيا. وفر أكثر من 180 ألف شخص قبل تقدم الدولة الإسلامية بعد أن روعتهم روايات عن أساليب الجهاديين القاسية. وعززت هذه الروايات الرسائل الهاتفية المروعة من المتشددين أنفسهم التي يصفون فيها كيف قتلوا مقاتلي الأكراد وأحباءهم. وقال باكي في يمورتاليك في تركيا: «نتصل بها فيجيب شخص آخر ويقول: «قطعنا رأس صديقتكم. والآن سنأتي لقطع رأسك». وأضاف: «كانت تبلغ من العمر 21 سنة فقط وقطعوا رأسها». وكان باكي عامل بناء قبل أن يصبح مقاتلاً واتصل أمس الجمعة بالإسلاميين ثانية وانهال عليهم بالسباب. ويواجه «داعش» ضربات جوية تقودها الولاياتالمتحدة ضد مواقع التنظيم. وحذر مقاتلون أكراد أمس من أنهم يواجهون الآن مذبحة إذ أن الإسلاميين المتشددين يطوقون كوباني الآن بالدبابات ويقصفون مشارف البلدة بنيران المدفعية. وتلقى مقاتلون أكراد آخرون مكالمات هاتفية من مقاتلين في تنظيم «الدولة الإسلامية» توعدوا فيها بالسيطرة على البلدة خلال أيام مستخدمين هذه الاتصالات كوسيلة من وسائل الحرب النفسية. وقال أحد المقاتلين الأكراد إنه قيل له «سنصلي العيد في مساجدكم.» أعلام سوداء وتفاقمت المخاوف مما يمكن أن يحدث إذا فشل الدفاع عن البلدة بعد تقارير بعثور مقاتلين أكراد على جثث مقطوعة الرأس ملقاة في الطرق وجثث معلقة في أعمدة الكهرباء. ويقول سوريون أكراد فروا إلى تركيا إن مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» تقدموا في قرى صحراوية. وتحدث سكان عن وصول متشددي «الدولة الإسلامية» على دراجات نارية قبل وصول القوة الرئيسية حيث نشروا روايات مفزعة لترويع المدنيين ودفعهم للفرار. ويلي ذلك وصول شاحنات ترفع علم التنظيم الأسود. وأضافوا أن في بعض الحالات يجري ذبح شخص لنشر مزيد من الذعر. وقال مسلم برجادن الذي فر مع عائلته إلى يمورتاليك: «ينهبون ما يريدونه ويحرقون الباقي. يقتلون الناس». وتابع: «احتجزوا اثنين من أشقائي. يحاولون محو ثقافتنا والقضاء على أمتنا». وأغلق جودت كاتاش (50 سنة) متاجره الثلاثة وفر إلى تركيا مع زوجتيه وأطفاله. وقال: «يسبون النساء ويبيعونهن إلى بيوت دعارة... تنظيم الدولة الإسلامية يكسب المال من بيع النساء الكرديات واليزيديات». أضاف: «يقولون إن الأكراد مشركون». وكانت كوباني تعتبر يوماً مكاناً آمناً نسبياً من أهوال الحرب السورية المستمرة منذ ثلاثة أعوام إلى أن أصبحت البلدة خالية في شكل كبير من المدنيين منذ أن بدأ تنظيم «الدولة الإسلامية» يهاجم أحياء سكنية الأسبوع الماضي. ويقول سكان هاربون إن كوباني بها الآن مقاتلون أكراد مسلحون بأسلحة خفيفة يقومون بدوريات في الشوارع الخالية أو يقيمون مواقع دفاعية استعداداً لوقوع أي مذبحة. «داعش» متفوق على الأكراد في السلاح قالت امرأة عرفت عن نفسها باسم ميديا (35 سنة) إن قذيفة أصابت منزل جيرانها وقتلت شخصين. وأضافت عند الحدود التركية بينما كانت أصداء ضربات مدفعية تنظيم «الدولة الإسلامية» الرتيبة مسموعة خلفها «جميع من كانوا يسكنون في منطقتنا جاؤوا إلى تركيا». وسلط استخدام «الدولة الإسلامية» الأسلحة الثقيلة -بينها الدبابات- لقصف المدينة من مواقع تبعد عدة كيلومترات الضوء على انعدام التكافؤ بين السلاح الذي يستخدمه كل من الطرفين. وقال ايهن وهو شاب كردي تركي إن مئات الأشخاص وخصوصاً الشبان عادوا أدراجهم للدفاع عن كوباني وتعهدوا بالقتال من شارع إلى شارع على رغم عدم وجود ما يكفي من البنادق للجميع. وأضاف: «إنهم سعداء وغير قلقين في شأن مشاركتهم في الحرب وهم لن يتخلوا عن كوباني للدولة الإسلامية». غير أن القوات الكردية لا تزال تصارع للتصدي للجهاديين الذين يستخدمون أسلحة أميركية غنموها من الجيش العراقي أثناء عمليتهم العسكرية الخاطفة في العراق في حزيران (يونيو) الماضي. ودعا القادة الأكراد مراراً تركيا للتدخل والمساعدة في القتال. ويوم الخميس حذر زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان من أن عملية السلام بين حزبه والدولة التركية ستنتهي إذا سمح ل «الدولة الإسلامية» بارتكاب مجزرة في كوباني. غير أن صالح مسلم وهو رئيس الاتحاد الديموقراطي الكردي» السوري قال إن تركيا وشركاءها الغربيين تجاهلوا دعواتهم التي أطلقوها هذا الأسبوع لتزويدهم بالأسلحة. وقال مسلم: «القوات الكردية تدافع عن نفسها بما هو موجود بين أيديها لتجنب حصول مذبحة... لكن إذا دخل مقاتلو الدولة الإسلامية المدينة سيدمرون كل شيء ويذبحون الناس».