بعيداً من الأجواء السياسية المشحونة التي تعيشها تونس اليوم، يحاول التونسيّون أن يتعايشوا مع الأوضاع كما هي، خصوصاً لجهة الأسعار التي ما فتئت «تشتعل» ارتفاعاً. التونسي يحب الحياة بطبعه، وفي أحلك أوقاته يبتسم ويتجاوز مرارة الواقع بقطعة سكّر في قهوة الصباح. قبل نحو أسبوع، انطلقت التخفيضات الشتوية في أرجاء البلاد، واجتهد أصحاب المحال التجارية في توزيع «اللافتات» وتعليق لوحات مغرية تُبرز السعر المُخَفّض بلون مميّز، بعد شطب السعر الحقيقي. وعلى رغم كمّ الإغراءات على مستوى التنوّع في السلع والعلامات التجارية، فإنّ الإقبال يبدو متواضعاً جداً. يقول أنيس، صاحب متجر لبيع الأحذية: «ما يحدث في البلاد أثّر في إقبال الناس على الشراء، لم ألاحظ أيّ جديد عن الأيام العادية على رغم أنّنا أجرينا تخفيضات كبيرة جداً وصلت أحياناً إلى نصف الثمن العادي، ومع ذلك ما زلنا ننتظر أن تتحسّن الأمور». ويتابع: «سابقاً، كنّا بمجرد إعلان انطلاق موسم التخفيضات... يتدفّق المئات يوميّاً، وعادة يكون الموسم فرصة لتصفية السلع القديمة والمتراكمة منذ سنوات لأننا نخفّض أسعارها إلى درجة كبيرة تصل أحياناً إلى 70 أو 80 في المئة. كما أنّها فرصة لدعم المداخيل وتوفير السيولة التي نواجه بها أوقات الأزمات». يقول منير، مدير أحد المحال المخصصة لبيع ملابس الأطفال وأحذيتهم وألعابهم: «في كل موسم تخفيضات، نسعى إلى بيع الكثير من معروضاتنا من خلال تقديم تخفيضات مغرية. كما نقدم امتيازات لزبائننا الأوفياء الذين يتعاملون معنا على مدار العام، وذلك عبر عرض قصاصات للفوز بهدايا قيّمة مع كل عملية شراء». ويشير إلى أنّ الأوضاع في البلاد لا تشجع على شيء. «ربما اضطررنا إلى تقديم مزيد من الإغراءات للزبون المتعب أصلاً من غلاء المعيشة والوضع السياسي والاجتماعي عموماً». وعلى رغم ذلك، أفادت محطات إذاعية تونسية بأن الأسواق المحلية شهدت ازدحاماً خلال اليوم الأول من موسم التخفيضات الذي انطلق في الأول من شباط (فبراير) الجاري ويستمر حتى يوم 17 آذار (مارس) المقبل، علماً أن التخفيضات تراوحت بين 20 و60 في المئة في غالبية المحال التجارية. وترى إحدى المتسوّقات أن «الأسعار مناسبة والتنوّع متوافر، ولكن المشكلة تكمن في أن جيوب التونسيين مثقوبة»، في إشارة إلى ما يعيشه التونسيون خلال هذه الفترة الحرجة اقتصادياً نتيجة غلاء المواد الاستهلاكية، ما يجعل المواطن يفكّر في علبة الحليب قبل الحذاء. وتقول سيدة فيما تتجول بين الرفوف وتعاين البضائع والأسعار: «ما زلت أتفرّج، ولا أدري إن كانت إمكاناتي (المادية) ستسمح لي بشراء بعض الأغراض أو لا. فالوضع لا يسمح بمصاريف إضافية أمام تصاعد وتيرة العنف السياسي في البلاد، والذي يؤثر مباشرة في أوجه الحياة». في المقابل، وجد كثير من الشبّان والشابات في موسم التخفيضات فرصة كبيرة لاقتناء الملابس والأحذية من ماركات معروفة بأسعار متدنية. وككل موسم تخفيضات، تقع تجاوزات كثيرة من بعض مراكز التسوّق بعيداً من المنافسة النزيهة والشفافية على صعيد المعاملات التجارية. ومع ذلك، ما زال الموسم في بدايته، ويأمل التونسيون بأن تتحسّن الأمور خلال الأيام المقبلة.