شهدت المجمعات التجارية السعودية إقبالاً كبيراً على مبيعات الملابس يتوقع أن تكون الأكبر خلال السنوات الأربع الماضية، بسبب كثافة زوار المدن الرئيسية خلال إجازة الربيع، التي سجلت سياحة داخلية هي الأولى من نوعها من حيث الحجم، في الوقت الذي أغلقت فيه منافذ سياحية في الدول العربية المجاورة والقريبة كانت محطة جذب لآلاف السعوديين في الإجازات. وساعد انتشار المجمّعات التجارية العملاقة التي تضم عشرات المحال التجارية ذات الماركات العالمية، وأخرى تتمتع بصناعة جيدة، في إقبال واسع من الزبائن، في ظل زيادة الإقبال على التسوّق على رغم ارتفاع فاتورة التسوّق بنحو 30 في المئة عن العام السابق، وعدم القيام بعروض ترويجية في معظم المحال التجارية، ووسط اتهامات بأن الكثير من المحال لجأت إلى رفع الأسعار من دون سبب. وذكر جعفر الصفواني (تاجر ملابس) أن السوق بدأت تشهد نشاطاً واضحاً، وكأنها علامة على تجاوز السعوديين جزئياً مرحلة تقنين الصرف على الملابس والكماليات، وأضاف أن حركة التخفيضات الموسمية التي تشهدها الأسواق ويعتمد عليها في جذب المتسوّقين إلى الشراء، غابت عن الأسواق خلال الأيام الماضية، مضيفاً أنها أعطت مؤشراً لدى التجار بأن الموسم خلال العام الحالي سيكون مزدهراً، خصوصاً أن الفترة المقبلة تشهد موسم الزواجات مع بداية إجازة الصيف الطويلة التي يعتمد عليها التجار في قياس حجم السوق. وأضاف أن التوقعات تشير إلى أن سوق الملابس، التي تعتبر من أكبر الأسواق في المنطقة، قد تحقق مبيعات مضاعفة خلال العام الحالي مقارنة بالعامين الماضيين. خصوصاً ملابس النساء والأطفال. مضيفاً أن التجار يتوقّعون أن تؤدي الاضطرابات في عدد من الدول مثل مصر والبحرين وسورية والأردن إلى إلغاء آلاف الأسر السعودية قضاء إجازاتها في الخارج، وهو ما يعني توجّهها إلى السياحة الداخلية أو قضاء كثير من وقتها في التسوّق المحلي. وأشار إلى أن التجار يعوّلون كثيراً على تحسّن المناخ الاقتصادي، ووضع السيولة النقدية في السوق المحلية. ويقدّرون حجم النمو المتوقع في سوق الملابس للعام الحالي بأكثر من 30 في المئة عن النمو المحقق خلال العام الماضي، بفضل تحسّن الوضع الاقتصادي. وقال: «استغلت بعض المحال الفرصة لرفع أسعارها في حدود 30 في المئة، إذ باعت بعض المحال في الشرقية بضاعتها بزيادة عن أسعارها في أوروبا بنحو 50 إلى 100 ريال، وإن الكثير من قطع الملابس التي تحمل أسعاراً باليورو والجنيه الإسترليني لم يتم طمس سعرها». وكشف مالك محال للملابس (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، عن «قيام أصحاب محال الملابس برفع أسعار القطع خلال الأيام الماضية بأكثر من 30 في المئة، خصوصاً ملابس الأفراح، والبعض رفعها قبل الإجازة». فيما طالب بعض المواطنين الجهات المختصة ب «التنبه إلى ما يفعله تجار الملابس خلال هذه الفترة». ويقول المواطن سالم الهاجري، إنه «اشترى بعض الملابس من أحد المحال في الدمام بقيمة 300 ريال، وكان شقيقي اشتراها قبل ثلاثة أسابيع ب210 ريالات»، موضحاً أن «بعض المحال تتلاعب في أسعار الملابس في ظل عدم وجود رقابة مشددة عليها»، مشيراً إلى أن «محال الملابس استغلت فرصة الإجازة، إضافة إلى أنها دخلت في موضة الغلاء الذي طاول تقريباً كل شيء، لترفع أسعارها». وأكد حسن الهادي (صاحب محل) أن الأمر ينطبق أيضاً على أسواق الملابس الشعبية، التي شعر تجارها بأنهم أمام موسم كبير لترويج سلعهم الجديدة والراكدة، ولا بد من استغلاله، فكثفوا من العمل على مدار اليوم، وبخاصة في الأسواق الشعبية والمجمعات التجارية التي ظلت تعمل حتى منتصف الليل. وأوضح أن جميع محال الملابس الجاهزة في الدمام كثفت من العمل خلال الأسابيع الماضية، وأضاف: «أصبحنا ننظر إلى هذه الإجازة على أنها موسم لبيع أكبر كمية من الملابس والأحذية»، مشيراً إلى أن جميع التجار لم يتوقعوا أن تكون «إجازة الربيع بهذه الصورة»، مضيفاً: «الأوضاع في العالم العربي ساعدت في أن تبقى آلاف الأسر داخل المملكة، لتنعش حركة البيع والشراء فيها بصورة غير متوقّعة». وأضاف أن انتعاش السوق خلال الأيام الماضية «ساعد بعض الشركات الكبرى التي تأثرت بتداعيات الأزمة المالية»، وأشار إلى أن الموسم كان سيئاً طوال العام الماضي، باستثناء منتصف شهر رمضان، إذ بدأت مشتريات العيد واستمرت حتى دخول الشتاء، علماً بأن «المؤشر كان يوحي بتوقّع خسائر، إلا أن الأوضاع تحسّنت مع دخول إجازة الربيع»، وأضاف: «الأسعار تشهد ارتفاعاً، وهذا ما يحقق أرباحاً لمحال بيع التجزئة بالخصوص». يذكر أن المملكة من حيث الإنفاق الفردي على الأزياء تحتل مركزاً عالمياً متقدماً، بحسب دراسات لشركات متخصصة، إذ ينفق السعودي نحو 10 في المئة من إنفاقه الاستهلاكي على الأزياء والأحذية، في حين لا تتجاوز نسبة الإنفاق الاستهلاكي لدى الفرد في فرنسا مثلاً 4.5 في المئة، وفي ألمانيا والمملكة المتحدة 6 في المئة، والولايات المتحدة 4 في المئة. ويحظى قطاع تجارة الأزياء في السعودية بفرص نمو قوية، بالنظر إلى فائض السيولة المتوافرة لدى أفراد المجتمع، ويتوقّع أن يصل معدل ارتفاع الفائض إلى 16 في المئة في 2009. وتستورد السعودية ما يقارب 85 ألف طن من الملابس الجاهزة سنوياً، منها 90 في المئة من الدول الأوروبية (إيطاليا وفرنسا)، إضافة إلى الاستيراد من دول شرق آسيا (تايوان وتايلاند والصين)، وعدد من الدول العربية. ويوجد في السعودية عدد ضخم من المنشآت التجارية التي تعمل في مجال تجارة الملابس، ويبلغ عدد المحال التي تعمل في قطاع تجارة ملابس الأطفال والنساء وحده أكثر من 12 ألف محل.