شن متمردون إسلاميون هجوماً مفاجئاً في قلب بلدة غاو شمال مالي وقاتلوا القوات الفرنسية والمالية، في انتكاسة لمحاولات تأمين المناطق التي استعيدت من ايدي المتمردين الشهر الماضي. واختبأ السكان في بيوتهم أو وراء أسوار، فيما ترددت أصداء إطلاق نار في شوارع البلدة العتيقة المطلة على نهر النيجر. وحلقت مروحيات حربية فرنسية في السماء، وأطلقت النار على مركز للشرطة تحصن فيه المتمردون المزودون بنادق من طراز «أي كي -47» وقذائف صاروخية، ما أدى إلى تدميره بالكامل وانتشار أشلاء بشرية حوله. وأوضح الجنرال برنارد باريرا، قائد العمليات البرية الفرنسية في مالي، أن عشرة مسلحين «تسللوا إلى البلدة عبر النهر، وتوجهوا إلى مركز الشرطة، حيث ألقوا قنابل من السطح على جنود ماليين»، من دون أن يعلن حصيلة الهجوم. أما الكولونيل المالي ساليو مايغا فقال إن «المتمردين أرادوا تنفيذ هجمات انتحارية في البلدة». وصرح عبدول عبد الله سيديبيه، النائب عن غاو، أن المتسللين ينتمون إلى «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» التي سيطرت على البلدة قبل تحريرها في 26 كانون الثاني (يناير) الماضي. جاء الهجوم بعد ساعات على إرسال القوات الفرنسية والمالية تعزيزات إلى نقطة تفتيش استهدفها هجوم انتحاري ثان خلال يومين. ويقول ضباط فرنسيون وماليون إن «جيوباً للمتمردين لا تزال تتواجد في الأدغال والصحراء بين المدن الكبرى، ما يزيد الخطر من تنفيذ هجمات كر وفر، وحصول تفجيرات، في ظل عجز جيش مالي الضعيف عن تأمين المناطق التي استعيدت من أيديهم، وبطء انتشار وحدة التدخل الأفريقية، بسبب تكرار التأجيل ونقص المعدات». دوريات قتالية في الجبال وقال ضابط فرنسي طلب عدم كشف اسمه: «نحن في منطقة خطرة. لا نستطيع أن نكون في كل الأماكن في وقت واحد»، علماً أن عمليات القوات الفرنسية التي يبلغ عددها حوالى 4 آلاف جندي في مالي تركز على محاولة البحث عن قواعد المتمردين في جبال منطقة كيدال النائية (شمال شرق). ويتوقع أن تبدأ القوات الفرنسية التي يعاونها حوالى ألف جندي تشادي دوريات قتالية في هذه الجبال النائية، حيث يعتقد بأن فلول المتمردين الإسلاميين لجأوا إلى مخابئها، ويملكون مخازن إمدادات فيها. كما يعتقد بأنهم يحتجزون سبعة رهائن فرنسيين على الأقل خطفوهم من منطقة الساحل. على صعيد آخر، أفادت صحيفة «ديلي تلغراف» بأن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أنشأ أكاديمية «للإرهابيين» خلال سيطرته على مدينة تمبكتو شمال مالي. وأوردت الصحيفة أن «التنظيم استخدم مبنى من طبقتين على أطراف المدينة القديمة، حوّله إلى مركز للتدريب استمر يعمل طيلة تسعة شهور حتى تدميره في غارة جوية فرنسية قبل ثلاثة أسابيع، وذلك بعدما أخلاه المتمردون». ووصفت الصحيفة المركز بأنه أشبه بمعسكرات «القاعدة» في أفغانستان خلال التسعينات من القرن الماضي، مشيراً إلى أنه حشد فيه متطوعون من أنحاء العالم، بينهم ماليون وباكستانيون وجزائريون وموريتانيون ونيجيريون. والأخيرون كانوا الأكبر عدداً، وانتموا إلى حركة «بوكو حرام» المسؤولة عن آلاف القتلى. وأشارت إلى أن جزائرياً في الثلاثينات من العمر يُدعى «أبو حارث» أشرف على أكاديمية التدريب، في حين تولى مواطنه «أبو حمزة» مسؤولية عمليات التدريب على الأسلحة، لأنه كان جندياً سابقاً في جيش بلاده، وباكستاني يعرف ب «أمير» مسؤولية الحفاظ على مستودع الأسلحة في المركز. ودأب القائد الميداني في التنظيم مختار بلمختار الذي خطط عملية احتجاز الرهائن في منشأة نفط بالجزائر الشهر الماضي، على زيارة تمبكتو، حيث مكث في بيت متواضع جنوبالمدينة قرب طريق المطار.