قلة في الوسط السياسي الأميركي زاروا دمشق وغزة في مراحل التشنج بين واشنطن والنظام السوري، والقطيعة الأميركية لحركة المقاومة الاسلامية (حماس). هذه الظروف لم تثن السناتور جون كيري الذي اعلن امس تعيينه وزيرا للخارجية، من السفر عكس التيارات السياسية ومحاولة ايجاد أرضية براغماتية لدفع المصالح الأميركية، وهي الأسباب نفسها التي دفعته للدعوة الى زيادة الدعم للمعارضة السورية في حال توحدها «وتغيير الظروف على الأرض» تمهيدا لتقارب روسي - أميركي يؤدي الى خروج الرئيس بشار الأسد. واراد الرئيس باراك أوباما، عبر تعيين كيري، ايصال رسالة طمأنة الى الحلفاء في أوروبا والى روسيا ازاء نيته استكمال النهج البراغماتي الذي طبع ولايته الأولى. اذ ان الوزير الجديد الذي عمل على مفاوضات اتفاق «ستارت» أبدى أكثر من مرة استعداده للعمل مع موسكو على ملفات شائكة. كما يعرف عنه ديبلوماسيته المحنكة التي قادته الى أفغانستان في 2009 لحل الأزمة مع الرئيس حميد كارزاي وحضه بعد مفاوضات استمرت خمسة أيام لقبول الانتخابات الرئاسية. هذه الحنكة نفسها قادته الى اسلام أباد بعد عملية قتل أسامة بن لادن لاحتواء الأزمة مع الجيش والحكومة الباكستانية. ولعل مقاربة كيري للشأن السوري هي الأكثر دلالة على نهجه البراغماتي ومرونته السياسية. فالسناتور الذي زار الأسد مرارا وكسر العزلة الأميركية خلال ولايتي جورج بوش، كان يحاول التفاوض على اتفاق سلام بين سورية واسرائيل، وينقل عن الاجتماعات أنه أحرز تقدما كبيرا والتزاما من الأسد نفسه بنقاط مبدئية في هذا الاتجاه، انهارت أعمدتها مع انطلاق الاحتجاجات في درعا في آذار (مارس) 2011. وقال كيري، في مقابلة مع مجلة «فورين بوليسي» في أيار (مايو) الماضي، ان على الولاياتالمتحدة «فعل المزيد في سورية لتغيير الدينامية على أرض... علينا زيادة الضغط وتغيير الحسابات والنجاح في خلق القدرة لتحرك نحو عملية تفاوضية... ان هذا شيئ قد يشتريه الروس والمجتمع الدولي، انما لن يشتريه الأسد قبل تغيير الحسابات على الأرض». واعتبر أن موسكووواشنطن يمكنهما ايجاد اساس مشترك مع روسيا حول سورية، وأن الجانبين “لا يريدان انهيار كامل، هناك تمسك (روسي) بأن الأسد يجب أن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية لاخراجه انما السؤال كيف؟».