يعرض رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران أمام مجلس النواب إلى حصيلة تجربة حكومته في ملفات حيوية تطاول أوضاع الحريات في البلاد. وذكرت مصادر نيابية أن أوضاع الصحافة والحريات النقابية وتعرّض تظاهرات احتجاجية إلى التفريق باستخدام العنف، ستكون من أبرز المحاور التي تتضمنها المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة أمام النواب. وكانت مركزيات نقابية وجمعيات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان رفعت رسائل بهذا الصدد إلى رئيس الحكومة، فيما اعتبرت مركزيات نقابية قرار الاقتطاع من رواتب الموظفين المضربين بمثابة تضييق على الحريات النقابية. ويتزامن مثول عبدالإله بن كيران أمام مجلس النواب في تقليد حواري جديد مع مرور عام على تعيينه رئيساً للحكومة بعد حيازة حزب «العدالة والتنمية» صدارة المشهد السياسي في اشتراعيات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. واتسم العام الأول بمزيد من الصعوبات طاولت من جهة تململ الائتلاف الحكومي الذي يجمع أحزاب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، بسبب خلافات طارئة إزاء إدارة بعض الملفات والقضايا، مثل دفاتر إصلاح مشهد الإعلام الرسمي، ونشر قوائم المستفيدين من أذونات النقل العام، وكيفية التعاطي وتصريحات بعض نواب الغالبية التي كادت تقلب الطاولة على مكونات الائتلاف. من جهة ثانية، سُجّل دخول المركزيات النقابية وتنظيمات أرباب العمل معترك الصراع في مواجهة إجراءات حكومية بدت أقل تشجيعاً ممن كان يدعم حكومات سابقة. غير أن أكبر الهزات السياسية شملت صدور بيان من وزارة الداخلية التي يقودها زعيم الحركة الشعبية محند العنصر لجهة طلب فتح تحقيق مع نائب في كتلة العدالة والتنمية حول تصريحات اتهمت وزير المال السابق بالتورط في تلقي «امتيازات» وعابت على بعض «الأجهزة» تدخلها لمصلحته. ويُضاف إلى ذلك قرار السلطات المحلية حظر تظاهرة لشباب «العدالة والتنمية» في مدينة طنجة، ما وضع رئيس الحكومة بن كيران في موقف حرج. فيما انبرى الزعيم الجديد لحزب الاستقلال حميد شباط إلى طلب إجراء تعديل على الحكومة، يرهنه مراقبون بإعداد الظروف الملائمة له، بخاصة الوصول الى اتفاق بين مكونات الغالبية الحكومية. قدّم عبدالإله بن كيران خلال العام الأول لولايته اعتذاراً إلى ملك البلاد محمد السادس ومستشاريه، بسبب تأويلات طاولت تصريحات حول مراكز النفوذ. لكنه استطاع في غضون ذلك الحفاظ على انسجام حكومته، وإن ارتفعت أصوات من هنا وهناك، تعكس وجود خلافات. وفيما كانت فصائل المعارضة تعوّل على انهيار الحكومة في ضوء اتخاذها قرار رفع أسعار المحروقات، كونه ينعكس سلباً على أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، استطاع «مايسترو» الحكومة أن يحوّل ذلك القرار «غير الشعبي» إلى مناسبة لمغازلة الفئات الأشد حرماناً لدى تلويحه بأن رفع الأسعار مقدمة لإصلاح نظام المقاصة الذي سيكفل معاودة توزيع الدعم الحكومي، إضافة إلى إقرار إجراءات اجتماعية لفائدة النساء الأرامل ورفع منح الطلبة الجامعيين. غير أن ذلك لم يحل دون تعرض الحكومة لانتقادات الطلبة حملة الشهادات العاطلين من العمل وخروج تظاهرات طالبت برحيل رئيس الحكومة. وإذا كان هاجس الإصلاحات الداخلية استغرق الحيّز الأكبر في اهتمامات العمل الحكومي، فإن خطوات الانفتاح التي أقدم عليها وزير الخارجية الدكتور سعد الدين العثماني القيادي في الحزب الإسلامي سواء على صعيد الجزائر أو في نطاق مساعي معاودة تفعيل البناء المغاربي المتعثر، لم تحرز تقدماً كافياً. بل أن العثماني انسحب من مراسم تشييع جنازة الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة نتيجة ما وُصف بأنه «استفزاز سياسي» شكّلته مشاركة زعيم جبهة بوليساريو محمد عبدالعزيز في وقائع التشييع. وعلى صعيد العلاقات والاتحاد الأوروبي، حافظت الحكومة على وتيرة الانفتاح والتعاون. ولم تتأثر العلاقات المغربية - الإسبانية بفوز الحزب الشعبي الاسباني في الاشتراعيات الأخيرة. كما لم يكن لمحور العلاقات المغربية - الفرنسية أي تداعيات سلبية بعد عودة الاشتراكيين إلى سدة الحكم. فيما أبدت الولاياتالمتحدة دعماً متزايداً للتجربة الراهنة التي يقودها حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، ما اعتُبر مؤشراً إيجابياً نزع كل المخاوف عن طريق التحالف المغربي - الأميركي.